أعتقد ان التحركات الدولية التي تقودها الولاياتالمتحدة لمواجهة الممارسات الإرهابية التي تقوم بها جماعة داعش في العراق وسوريا جاءت متأخرة كثيرا فعلي الرغم من إدراك واشنطن من خلال أجهزة مخابراتها القوية في العالم وجود هذا التنظيم الارهابي منذ سنوات وارتباطه الوثيق بتنظيم القاعدة المعروف دوليا فإن خطوات الادارة الامريكية والمرتبطة دائما بمصالحها دون النظر إلي المصالح الاخري أو الاهتمام بالسعي لتحقيق السلم والأمن الدوليين جاءت بطيئة ومتأخرة كثيرا مما أعطي فرصة كبيرة لتنظيم داعش ان يتحرك بحرية وسط المنطقة. بل ان البعض بدا له منذ الوهلة الأولي ان ذلك التنظيم والذي ظهر فجأة علي الساحة الدولية ودون أي مقدمات تدعمه عدة دول في مقدمتها واشنطن وهو مفهوم خاطئ بالطبع ولكن التجاهل الامريكي والواضح لجرائم داعش في العراق جعل الكثير من المحللين بل المواطنين البسطاء يتساءلون: هل تعجز واشنطن عن مواجهة تنظيم لا يضم سوي عدد قليل من مطاريد القاعدة وهي تمتلك أقوي جهاز استخبارات في العالم بالاضافة إلي تواجدها المستمر في الشرق الاوسط سواء في العراق أو افغانستان منذ سنوات طويلة. ولذا فإن خطوات بناء تحالف دولي ضد داعش والذي تقوده واشنطن بكل قوة وتدعمه اوروبا علي جميع المستويات لا يمكن ان يكتب له النجاح سوي بتواجد حقيقي وملموس لمصر والسعودية وايران في ذلك التحالف فلا يمكن تجاهل الدور المصري في المنطقة وهو ما سعت واشنطن إلي تأييده خلال زيارة وزير خارجيتها جون كيري للقاهرة ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري حيث قال كيري ان مصر في مقدمة الدول التي تواجه الارهاب في سيناء وهو إشارة واضحة إلي تغيير لغة الخطاب الامريكي تجاه ما يحدث من عمليات ارهابية في سيناء بل انه دلالة علي إدراك الادارة الامريكية اهمية مصر كحليف استراتيجي لها في المنطقة وان الحسابات الامريكية خلال الفترة الماضية جانبها الصواب في الكثير من المواقف خاصة فيما يتعلق بالاخوان المسلمين والدفاع عنهم. والمؤكد ان واشنطن في تحالفها الجديد ضد الارهاب لم يكن من الممكن ان تتجاهل أيضا الدور السعودي في ذالك الملف المهم خاصة ان السعودية لديها تعاون وتنسيق استراتيجي مع القاهرة بل ان لديها ايضا تواجدا قويا في العراق وهو ما يمكنها من القيام بدور داعم في مواجهة تنظيم داعش الارهابي وتوفير مع مصر غطاء سياسي وليس عسكريا للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن والتي كانت ترغب في الحصول علي دعم عسكري من الدولتين مصر والسعودية بالاضافة إلي الدعم السياسي ولكن القاهرة رفضت اي تدخل عسكري من قبلها بل انها اشترطت ضرورة ان يكون التحالف الدولي معنيا بمواجهة جميع اشكال الارهاب في العالم وليس مقصورا علي تنظيم داعش فقط وهو ما دفع واشنطن إلي التأكيد ان مصر تواجه ارهابا في سيناء. ودون شك فإنني اتفق تماما مع ما قاله وزير الخارجية الأمريكي الأسبق, هنري كيسنجر, بشأن داعش حيث قال ان تنظيم الدولة الإسلامية, المعروف إعلاميا ب داعش يحاول إذلال أمريكا في المنطقة من خلال إظهار عجزها امام قيامه بقتل مواطنيها, وحذر في الوقت نفسه من مغبة العمل علي جمع تحالف دولي من أجل مقاتلة التنظيم, الذي قلل من أهميته, معتبرا أنه لا يضم سوي مجموعة من المطرودين من القاعدة وأن هدف تنظيم داعش هو إذلال أمريكا وإظهارها بمظهر العاجز أمام كل شعوب الشرق الأوسط حتي عن حماية مواطنيها. ولابد ان نؤكد ايضا ان التحالف الدولي الذي تسعي واشنطن إلي تكوينه وقيادته سوف يتيح فرصة كبيرة لاظهار داعش انها تتحدي العالم كله ولذا فإنه ليس علينا كما قال كيسنجر ألا نظهر أننا بحاجة لتوحيد العالم كله من أجل مقاتلة20 ألف متعصب طردهم تنظيم القاعدة من صفوفه علينا ألا نضع أنفسنا في موقف ستكون نهايته صعبة ونقوم بإعادة إطلاق الجدل الأمريكي الداخلي.. يجب أن تكون استراتيجيتنا هي تقليص أهمية داعش الدولية إلي أدني مستوي أعتقد ان تنظيم داعش وخطورته سيكون محور اهتمام ونقاش داخل اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة باعتباره ارهابا دوليا يهدد الامن والسلم في منطقة الشرق الاوسط وانه وفي حال عدم التصدي له سوف يتحرك لهم امن العالم كله لأنه ويهدد مصالحه في الشرق الاوسط وباقي العالم من خلال التنسيق مع جذوره الموجودة في تنظيم القاعدة والتي تسعي جميعها إلي الافراط في العنف والارهاب لترويع العالم وبث روح اليأس في النظام العالمي ولذا لابد من التحرك وبكل حزم دون إعطاء داعش تلك الأهمية الكبري وإهمال الارهاب في مناطق اخري من العالم وفي مقدمتها ما يحدث في سيناء. [email protected]