ملخص ما نشر:في الحلقة الأولي من مذكرات المشير تناولنا صفحات سرية من حياة عبد الحكيم عامر كما دونها بخط يده, والتي أظهرت تفاصيل يتم الكشف عنها للمرة الأولي. وتناولنا مولد عبد الحكيم في عام1919 في بلدة اسطال بمحافظة المنيا, حيث كان الابن الثاني للشيخ علي عامر كبير القرية والذي يمتلك مع أشقائه الأربعة خمسمائة فدان, وهذا لا يعني أنهم أعيان البلدة بل يعتبر الشيخ علي عامر كبير البلدة, وحكيم الإبن الثاني لأشقائه من نفس الأم والأب, وهم حسن وعايدة الأصغر وفؤاد ومصطفي. وعلي الرغم من طاعة جميع أبناء عامر لوالدهم دون نقاش, كان حكيم يجادل في كل شيء, وقد وصل به الأمر إلي الاعتراض علي الحذاء الذي اشتراه له والده في العيد مثل أشقائه وأبناء عمومته وكانت حادثة يتندر بها الأهل في المجالس, ولكنها تعكس الكثير في هذه الشخصية التي تحمل بداخلها الكثير من التناقضات بين السكون والثورة, وعلي الرغم تفوقه إلا أنه التحق بكلية الزراعة رغما عنه إثر إصابته بحمي شديدة جعلته يدخل في حالة غيبوبة وأثرت علي متابعته دروسه وبالتالي دخل كلية الزراعة وعلي الرغم من فرحة أبيه لأن هذا يعني أن يرعي حكيم الأراضي التي تمتلكها العائلة علي أساس من الدراسة إلا أنه في نفس الوقت كان مبعث تعاسة واحساس بعدم الرضا له حتي جاءه المنقذ زميله في كلية الزراعة ليبشره بأن الكلية العسكرية فتحت الباب لقبول دفعة جديدة وتحقق حلم حكيم ووجد ضالته بقبوله في الكلية العسكرية ليتخرج فيها. ثم تناولنا اللقاء لأول بين ناصر وعامر وقدمنا شهادات خطيرة في حياة عبد الحكيم عامر من الاسكندرية وحتي شقة العباسية, وكيف عاقبه قائده بالنقل إلي منطقة نائية مع جمال عبد الناصر, فأعاده إلي نصفه الثاني, وكيف عمقت الإجازات والزيارات العلاقة بين الصديقين حتي فرقتها حركة التنقلات بين العباسية وقليوب ثم جمعتهما شقة العباسية, وقصة الزواج الأول لعامر كان باستدعاء الشيخ علي الذي اختار له زينب من آل خليفة بالصعيد وكان زفافه احتفالية كبري وكيف كان شقيقه الأكبر حسن الوحيد الذي يخترق حدود قوة وعناد المشير ولازمه معظم أحداث حياته وصاغ استقالته في عام1962. حكيم العاشق للسينما الأمريكية.. وأسباب متابعته أفلام الأكشن مع ناصر تواصل الأهرام المسائي اليوم نشر صفحات من مذكرات المشير عبد الحكيم عامر, والتي دونها بخط يده, والتي بدأناها قبل3 أسابيع عندما انفردنا بنشر صفحة من مذكراته بخط يده, والتي تحدث فيها عما سماه يوم الجمعة المشهود, وبعد ذلك قمنا بنشر الحلقة الأولي من المذكرات ونشرنا الثلاثاء الماضي الحلقة الثانية بعد أن خصت أسرة المشير الجريدة بنشر تلك الصفحات بعد أن طرحنا تساؤلا مهما وهو: هل هناك مذكرات للمشير عامر؟ وقال لنا جمال عبد الحكيم عامر إن المشير قام بتدوين تلك المذكرات بخط يده, وأن المشهد الذي تابعته الملايين في مسلسل صديق العمر للمشير وهو يدون مذكراته إنما يعكس واقعا في حياته, وليس مجرد تمثيل مشهد درامي. واليوم تواصل الأهرام المسائي نشر القصة الحقيقية لحياة من خلال تسجيل أهم المحطات في حياته عسكريا وإنسانيا واجتماعيا بصوت الابن الأكبر, ولم يكن ذلك اجتهادا أو محاولة للسطو علي بعض الأوراق أو المستندات, ولكن من خلال ما يسرده السيد جمال عبد الحكيم عامر, وما يقدمه من وثائق بخط يد المشير ومذكراته في فترة اعتبرها البعض من أهم الفترات في تاريخ مصر والعالم العربي. بعد أن تزوج حكيم في المنيا, وأقيمت الأفراح في بيت عائلة الشيخ عامر وامتلأت أركان البيت بالزغاريد والأفراح وإقامة الولائم بزواج حكيم من الآنسة زينب والتي تنتمي إلي أكبر عائلات المنيا, بل يزيد عليها ثقافتها رغم عدم حصولها علي درجات عالية في التعليم مثلها مثل كل الفتيات من أبناء العائلات في تلك الفترة, ولكن هذا لا يمنع من تعلمها لبعض اللغات الأجنبية منها الفرنسية وثقافتها التي تجعلها تليق بأن تكون زوجة المستقبل وأم أولاد حكيم الذي لم يكن حتي هذه اللحظة يعرف أو يتخيل أو يحلم بما يخبئ له الزمن. وبالفعل انتقل العروسان إلي شقة العباسية, ولم يقيما بمفردهما( وهذا أمر طبيعي بالنسبة لحكيم الذي نشأ في بيت العائلة الذي يضم أبناء عمومته وأشقاءه من أمه ومن زوجة أبيه, وكما نشأ لم يكن هناك تفريق بين الإخوة في المعاملة من ناحية الأب الشيخ علي عامر أيضا, تربي الجميع علي أنهم واحد.. في كل شيء) وعاش حكيم في شقة العباسية التي كانت صغيرة إلي حد ما في مساحتها, ولكنها كبيرة بأفرادها حيث أقامت معه شقيقته عايدة التي لم تفارقه طيلة عمره حتي بعد زواجها وانتقالها للعيش مع حسن حسين ابن خالة تحية كاظم زوجة جمال عبد الناصر فكانت إقامتها حتي وفاة حكيم شبه دائمة معه. كما انتقل للعيش معه والدته التي كانت ترعي شئون الأبناء بعد مجيئهم للقاهرة والتحاقهم تلو الآخر بالتعليم الجامعي, وأخيرا جمال عبد الناصر الذي كان يقيم معه مع انتقاله من قليوب إلي القاهرة( وظل معهم حتي تزوج من السيدة تحية كاظم) فكانت علاقته بعبد الحكيم عامر في ذلك الوقت وصلت إلي قمتها وكأنهما فرد من أفراد عائلة واحدة, وتعامل المشير مع ناصر, وكأنه لا يختلف عن حسن أو فؤاد شقيقيه المقيمين معه. أدركت زينب هانم أن بيت حكيم هو بيت كل عائلة عامر في القاهرة منذ اللحظات الأولي الأولي من زواجها, ومع حبها لحكيم الذي كان هو الآخر يحبها ويقدرها والأهم يحترمها كان تقديرها لأهله, ويوما بعد يوم أصبحت زينب الأقرب لوالدته وشقيقاته تستوعب كل فرد وتستقبله ليس فقط من أشقائه بل من عمومته وأقاربه, وفي مرحلة أخري( أي بعد الثورة) وانتقال حكيم من شقة العباسية إلي ثكنة عسكرية للضباط في الحلمية وتحديدا تلك المنازل المخصصة للضباط وعائلاتهم للمهندسين بالحلمية, والتي كانت مخصصة من قبل للضباط الإنجليز, تحول بيت حكيم في القاهرة إلي صورة طبق الأصل من البيت الكبير في المنيا فكان لا يوصد بابه أمام أهل بلدته, ولا يصد صاحب مشكلة, بل يستقبل الجميع في أي وقت دون ميعاد مسبق ويستمع لمشاكلهم وهمومهم ويتولي رعايتهم بأقصي جهد حتي يسافر إلي بلدته بعد تحقق مراده, حتي في حال سفر حكيم خارج القاهرة أو انشغاله, وعدم وجوده في البيت كانت زينب هانم تدرك ما يجب أن تقوم به, وتمد يد العون وتحسن الاستقبال والإقامة لأي فرد مهما كانت درجة قرابته أو بساطته, فيكفي أنه من عائلة حكيم أو حتي من قرية عامر كما يحبون أن يطلقوا عليها. ليلة لا تنسي ومن أصعب اللحظات التي مرت علي حكيم هي لحظة وفاة أمه ليس فقط لفقدانها, وهي الأقرب إلي قلبه, ولما لا فهي الأم التي تعتبر نموذجا مثل كل أم مصرية محبة ومخلصة لزوجها وأولادها وأسرتها, ولها رسالة تقدسها حتي آخر نفس من حياتها وتعطيها كل جهدها فهي أم لخمسة من الأبناء هم حسن ثم حكيم وعايدة البنت الوحيدة لها وتلاها فؤاد ومصطفي أصغر أشقاء حكيم من أمه. وعلي الرغم من بساطتها كأي سيدة تنتمي لقري الصعيد إلا أنها لم تكن كذلك في نظر حكيم الذي تعتبره ليس ابنها بل صديقها الذي تلقي عليه همومها وأوجاعها, سواء كانت بسيطة أو كبيرة, وبعد زواج الشيخ عامر للمرة الثانية ثم مجيئها للقاهرة لرعاية أشقائه الذين التحقوا بالجامعة هي وشقيقته عايدة, زاد التواصل أكثر مع حكيم الذي كان يختلس ساعات قليلة رغم كل انشغاله ليجلس معها, وتضم هذه الجلسة حوارا ممتدا ومتنوعا من مناقشة مشاكل أخوته معها, ومن معرفة المتطلبات التي تصر علي أنه ليس لها طلب في الدنيا سوي أن تري حكيم في أحسن حال, كما يتطرق الحوار في كل مرة إلي ذكرياتها مع حكيم في طفولته بقرية إسطال ولا تخلو من المداعبات والقفشات, وكان حكيم بجلسته معها كأنه يتجرع دفعة جديدة للحياة من أمه. ولكنه الزمن الذي حول الدفعة إلي لدغة التي توجعنا, ولكن وجع حكيم علي أمه كان أضعاف ألم الفراق, فكان ممزوجا بالصدمة ومقترنا بصورة بشعة لا تفارقه طيلة حياته, وكان لا يحب أن يتذكر, فيكفي اسم أمه لتمتلئ عينيه بالدموع, ولكنها لا تسيل فتظل متحجرة في عينيه تترقرق عينه وتغطيها ولا تذرف دمعة, وهذا لأن حكيم صعب البكاء وإذا غلبت عليه الدموع يجب ألا يراها أحد مهما كانت درجة قرابته منه يختفي في مكان ما ويغلق أبوابه وهذا ما حدث في وفاة أمه والتي لقيت مصرعها أمام عينيه. فقد تصادف عودتها مع حفيدتيها آمال ونجيبة ابنتي حكيم من إحدي الزيارات لاقاربها بالقاهرة وأثناء دخولها الثكنه العسكرية بالحلمية حيث المنزل المخصص لحكيم بعد الثورة مباشرة وأثناء دخولها المعسكر بالسيارة المخصصة للعائلة كان القدر ينتظرهم بسيارة جيش كبيرة ومسرعة لتصطدم بسيارتهم فلقيت والدة حكيم مصرعها علي الفور لأن الاصطدام كان من ناحيتها, أما ابنتا المشير فقد اصيبتا بجروح وكدمات وكذلك السائق, ولكن الكارثة أنه أثناء محاولة إخراجها من السيارة ثم وضعها علي الأرض بدمائها بجوار السيارة التي تهشمت لعب القدر دوره حيث تزامن بالصدفة رجوع حكيم من مكتبه بسيارته ليفاجأ بحادث عند مدخل الثكنة وأمر سائقه الخاص بالتوقف لينزل حكيم محاولا اكتشاف الأمر حيث كان الوقت في ساعة متأخرة من الليل ليفاجأ بأن القتيل المطروح علي الأرض هي والدته وان ابنتيه في حالة ذهول وبكاء من هول الحادث. أما حكيم فلم ينطق بكلمة واحدة, كل ما فعله هو حمل أمه بين ذراعيه بعد أن أدرك وفاتها ولكنه كان يريد ألا يصدق ذلك, وعلي الرغم من حضور الأطباء في لحظتها واخبروه بان قضاء الله وامره نفذ ظل حكيم علي هذا الوضع حاملا امه بين ذراعيه حتي وضعها في غرفتها وأغلق الباب عليهما وفشلت محاولات زينب وشقيقته عايدة وهي الأقرب إليه. كما نسي تماما إصابة ابنتيه رغم حبه وخوفه الشديد عليهما, فكانت عنده فجيعة اكبر هي مصرع والدته والتي كان لا يبعده القدر عنها سوي ثواني وحتي بعد وصوله فشل حكيم في إنقاذها.. إنه.. أمر الله يا حكيم كان صوت ناصر أمر الله يا حكيم الذي حضر وأسرته علي الفور, فكان يجاوره في نفس الثكنة وظل حكيم علي حزنه وصمته أياما ثقيلة وعلي الرغم من مرور السنوات كان لا يحب أن يتذكر هذه الليلة. عاشق السينما كان عبدالحكيم عامر منذ طفولته عاسقا للقراءة والفن ويري أنهما غذاء للروح, وظلت ميولة الأدبية والفنية تنمو وتتطور بالاستماع للصوت الذي يعشقه وهو أم كلثوم, وتعددت قراءاته وتنوعت, وعلي الرغم من طبيعته العسكرية وقوة الشخصية والحسم والحزم وانشغاله الدائم, إلا أنه كان يفضل دائما أن يقضي ساعات قليلة لإمتاع روحه وتغذيتها بالاستماع لأغاني سيدة الشرق أو قراءة أحدث الكتب الأدبية لكبار الأدباء والكتاب. وتميزت هذه الفترة التاريخية في مصر بثراء مبدعيها من رموز الأدب والفن, ومن بين الأساليب الحديث التقنية الفنية هي شاشة السينما التي كان يعشقها( وعلي الرغم من متابعته الحركة الفنية في مصر وحرصه علي تكريم رموز الفن ومشاركته بعض احتفالاتهم الرسمية) إلا أنه كان عاشقا للسينما الأمريكية, ومن شدة حبه لها ورغبته في مشاركة اولاده أحضر في بيت الحلمية شاشة عرض سينمائي35 ملي مثل شاشات السينما التي نراها في دور العرض تماما, وكان يحضر كل ما هو جديد من الأفلام المصرية والأمريكية, ولكنه لا يشاهد سوي الأفلام الأمريكية فقط بل التي تتسم باللون الأكشن وكان يحب أن يتابعها مع جمال عبدالناصر. وعلي الرغم من ان جمال لديه نفس الشاشة ويحضر نفس الأفلام لأسرته إلا انه كان يحب ان يدعو جمال في ساعات الراحة للمشاهدة معه والتي كان يفضلها أيضا ويفضل أن يتابعها مع حكيم, والسبب في ذلك أن حكيم يري أن هذه الأفلام تجذبه وتشد انتباهه لدرجة أنه يستطيع أن يفصل ولو لبضع دقائق( فترة عرض الفيلم) عن تفكيره مشاغله التي لا تنتهي ويشحن نفسه وروحه بدفعة جديدة للتواصل مرة اخري, وهكذا كان يكرر المشاهدة مع كل فيلم أمريكي اكشن جديد ويحرص علي مشاهدته بنفس الطقوس ومع جمال؟ السجائر أولا كان حكيم معروفا بأنه يدخن السجائر لدرجة الشراهة, فكانت السيجارة لا تفارقة منذ استيقاظه حتي يخلد للنوم بل في أحيان كثيرة عند ما يقلق أو يستيقظ يدخن ثم يعود ويستكمل نومه, ومن أجل هذه العادة التي لم يحاول مجرد المحاولة في التقليل منها فقط كان شهر رمضان بالنسبة لحكيم ليس صياما عن الطعام أو الشراب ولكن صياما عن السجائر فهو غير آكول, لا يحب الأكل ولا يطلبه, ولكن يحرص علي إعداد مائدة كاملة مليئة من خيرات الله في مواعيد الإفطار والغذاء والعشاء وحينما يفطر كان يكتفي بلقيمات صغيرة مع احتساء الشاي ثم يليه فنجان القهوة والسجائر أما علي الغداء والذي في أغلب الأوقات أو معظمها. فكانت وجبته المفضلة طبق الشوربة الساخن مع قطعة من الدجاج المحمر, وكانت زينب زوجته تحرص علي اعداد طبقه بنفسها, وشهر رمضان شهر خاص جدا عند حكيم, فعلي الرغم من أن بيته يزخر ولا يخلو من اشقائه( سواء من أمه أو من زوجة ابيه لان حكيم لا يفرق بينهما علي الإطلاق) وأبناء عمومته طوال العام إلا أن في شهر رمضان هناك مائدة يوميا لكل عائلة عامر. فمثلا كان يوم الجمعة من كل اسبوع طوال شهور السنة وبعد الصلاة يتم اعداد مائدة غذاء كبيرة لحضور اكبر عدد من الأهل والأقارب للقاء حكيم ومناقشته في كل الأمور والمشاكل وغيرها من الاحداث التي تتطرق علي العائلة سواء شراء أرض أو زواج فرد من أفراد العائلة أو غيرها من الأمور الحيايتة, كان في شهر رمضان طقوس عائلية وشخصية عند حكيم فالمائدة اليومية والافطار مع أشقاء والأولاد ومن يحضر من المنيا بالصدفة وهناك من يأتي من أبناء عمومته للإقامة في هذا الشهر. وكان حكيم يسعد بهذا الجمع من الأهل والأصدقاء فهو تربي علي طاولة عامر في ديوان العائلة وعشق التجمع والسمر معهم وكان الجميع يحبونه وينتظرون منه القفشات والتي تحلو علي مائدة الطعام وتمتد من المغرب حتي العشاء, بعدها يذهب حكيم إلي مكتبه ولا يعاود إلا قبل صلاة الفجر بفترة قصيرة ولكنها تكفي بان يقوم بنفسه باستيقاظ كل فرد من أفراد الأسرة ويتجول في كل حجرة وينادي علي أبنائه واشقائه داعيا كل واحد باسمه ويشرف بنفسه علي مائدة السحور والتي لا تخلو من الطبق المصري الأصيل الفول المدمس والذي يحرص حكيم علي تناول لقيمات صغيرة منه علي الرغم من إصراره علي وجوده علي المائدة ولا يتناول غيره ليتبعه تدخين عدد هائل من السجائر قبل آذان الفجر. أما الطقوس الشخصية لحكيم في رمضان فقد اضطره التدخين إلي الهروب منها في رمضان بالنوم حتي قبيل آذان المغرب بدقائق, ويمنع ان يوقظه أحد أثناء هذه الفترة حتي لو جاء ضيف تقوم زينب هانم باستقباله ودعوته علي الإفطار لأن حكيم نائم ولا يحب التحدث مع أي أحد في الصيام مطلقا, ولا يحب أن يفعل شيئا قبل أن يدخن سيجارة بعد الإفطار مباشرة, ويظل حكيم نائما في غرفته حتي يستيقظ هو قبيل المغرب ويقوم باستقبال احبائه واقاربه ويجتمعون علي المائدة الكبير مائدة عبدالحكيم عامر. في بيت حكيم كان حكيم محور حياة العائلة ليس فقط زوجته وابنائه بل العائلة كلها شيئا فهو منذ الصغر متميز ومتفرد بشخصيته التي جعلته رغم أنه الأبن الثاني بأن يكون الأكبر في عائلته لجرأته في مواجهة الأمور, وأيضا لحنكته, فهو زعيم العائلة كلها من المنيا للقاهرة ومحبوه يحرصون علي مشاركته افراحه ولما لا وهو الذي يسعي دائما لإسعادهم, وتحرص زينب هانم وأولاده كل عام علي الاحتفال بعيد ميلاد ملك العائلة فهو الملك الذي يجلس علي رأس المائدة وهو الملك بحبه وعطفه وعطائه وتواضعه فأصبح ملكا علي قلوبهم جميعا ولا يتذكر هذا اليوم زينب والأولاد فقط بل شقيقته عايدة التي ترتب له وتشارك زينب في إعداد الترتيبات اللازمة حيث يضم هذا الاحتفال في الحادي عشر من ديسمبر من كل عام الأحباء والأقارب وابناء عمومته وعماته وشقيقاته وأشقاءه وجمال عبدالناصر واسرته. وبمرور الوقت يتحول الاحتفال إلي مهرجان سنوي لملك العائلة والذي يفاجأ به, فدائما لا يتذكره لانشغاله ويتم الاعداد له في سرية تامة وتعلق الزينات والأنوار فور خروج حكيم صباحا لمكتبه ثم يفاجأ بتلقي اتصال عاجل من أولاده يدعوه انهم في انتظاره لأمر مهم ويفاجأ فور حضوره بجموع المدعوين من الأهل(10) والأحباء والأصدقاء.. وجمال عبدالناصر وأسرته ليس ليشاركوه إطفاء شمعة من عمره بل ليشاركهم إضاءة شمعة من عمرهم معه.