جاء ارتفاع أسعار القطن هذا العام بصورة غير مسبوقة ليعيد الحياة للذهب الأبيض الذي اشتهرت به مصر علي مدي تاريخها, ففي السنوات الماضية تدهورت أسعار المحصول بصورة لافتة للنظر مما اضطر معظم المزارعين إلي الإحجام عن زراعته وزراعة محاصيل أخري وخضراوات لتحقيق عائد مجز في ظل انخفاض الأسعار والحالة المتردية للإنتاج. وهذا العام ارتفعت الأسعار حتي وصل سعر القنطار إلي1800 جنيه لأول مرة في تاريخه, حيث كان أفضل سعر في بداية القرن الحالي, ووقتها وصل سعر القنطار1100 جنيه, أما هذا العام فقد تسبب ارتفاع أسعار القطن في إعادة تفكير المزارعين وينوي الآلاف في كفرالشيخ زراعة مساحات كبيرة من المحصول في العام المقبل, وهو ما يعيد للأذهان ماكان يحدث في الماضي عندما كانت المحافظة تزرع160 ألف فدان من أصل500 ألف فدان علي مستوي الجمهورية, بينما لا تزيد المساحة الحالية علي50 ألف فدان فقط. وحول هذا الموضوع التقينا بعدد من المزارعين والمهتمين بمحصول القطن.. في البداية يقول محمد محمود منصور: الحمدلله.. لأول مرة تشعر بقيمة محصول القطن مثلما كان يحدث في الماضي عندما كان آباؤنا وأمهاتنا يحددون مواعيد الزفاف علي مواعيد جني القطن وقبض مقدم الثمن, حيث كان المحصول الرئيسي الوحيد الذي يعتمد عليه الفلاح في تحقيق عائد مجز ينفق منه الفلاح طوال العام, إلا أن ما حدث في الأعوام الماضية تسبب في انكسار الفلاح.. فمن ناحية انخفضت الأسعار, ومن ناحية أخري انخفض الإنتاج وقل الاهتمام بالقطن من قبل الحكومة, ولم تعد الجمعيات الزراعية توفر المبيدات بصورة كافية, كما لم يعد للمقاومة اليدوية وجود, بينما كان يتم القبض علي صاحب الأرض الذي لا يوفر أفراد المقاومة اليدوية لأرضه. يضيف الهلالي الزناتي قائلا: ارتفاع أسعار القطن هذا العام أثلج صدورنا جميعا ويعتبر تعويضا لنا عما حدث للمحاصيل الزراعية, وأولها القطن خلال الأعوام الماضية, ورغم ذلك, فإن سعداء الحظ قليلون هذا العام, خاصة أن الغالبية كانت تزرع الأرز والخضراوات خوفا من مقالب محصول القطن, فإن ارتفاع سعره سوف يشجع المزارعين لزيادة مساحته في العام القادم بإذن الله, مشيرا إلي أن زيادة المساحات قد يؤدي إلي انخفاض الأسعار مرة أخري ولكنها لن تصل إلي الأسعار المتردية في الماضي, خاصة أن القطن يختلف عن الطماطم. أحمد محمد شمس الدين يقول: عندما ارتفع سعر القطن في بداية موسم الجني هذا العام تعجل معظم المزارعين ببيع المحصول خوفا من تراجع الأسعار وتسبب ذلك في قلة المعروض من القطن بعد ذلك, في الوقت الذي تحتاج فيه الشركات لكميات كبيرة منه, وهو ما أدي إلي رفع السعر واستفاد من ذلك أعداد قليلة من المزارعين, ورغم ذلك سوف تزرع القطن في العام المقبل بإذن الله, خاصة بعد تحديد مساحات الأرز بسبب مشاكل المياه. ويري خالد عبدالواحد عجور أن زيادة المساحات المتوقعة من القطن مستقبلا سوف تؤدي إلي خفض الأسعار مرة أخري, لذا فإنه يجب علي المسئولين بالزراعة ضرورة تحديد مساحات القطن مثلما يحدث بالنسبة لمحصول الأرز للحفاظ علي أسعار هذا المحصول الاستراتيجي. من جانبه, أكد المهندس محيي الدين محمد سيف الدين, وكيل وزارة الزراعة بكفر الشيخ, أن محصول القطن هذا العام حقق إنتاجا غير مسبوق علي الأقل في الأعوام العشرة الماضية, مشيرا إلي أن متوسط إنتاج الفدان هذا العام ثمانية قناطير علي مستوي المحافظة, بينما كان متوسط الإنتاج العام الماضي6 قناطير فقط, فإذا أضفنا إلي ذلك ارتفاع الأسعار هذا العام بصورة غير مسبوقة تكون المحصلة مرضية جدا للفلاح, وهذا ما يهمنا في المقام الأول, خاصة أن الفلاح تعرض لظروف قاسية خلال الأعوام الماضية, فإن توجيهات الرئيس مبارك بضرورة الاهتمام بالفلاح سوف تؤتي ثمارها خلال الأعوام المقبلة بإذن الله.