القوائم التي أعلنها الحزب الوطني عن أسماء مرشحيه والتي من أهم ملامحها تلك الدوائر المفتوحة التي قرر الحزب أن يرشح فيها أكثر من ممثل للحزب تحت شعار كلهم أولادي, هذا الموقف من الحزب الوطني يدلل علي أمرين, الأول أن الحزب تعامل بواقعية مع الوضع القائم والذي وجد نفسه فيه في وجود عدد من المرشحين من الذين نعتبرهم أو يعتبرون أنفسهم أو يعتبرون أقوياء في دوائرهم فخشيت قيادات الحزب أن يتعرض الحزب لانشقاقات أو إعلان العصيان علي الحزب, وهو الأمر الذي قد لا تقف تأثيراته السلبية عند الانتخابات البرلمانية القادمة, بل تتعداها إلي ما بعد الانتخابات, هذه هي النقطة الأولي التي تتعلق بواقعية التعامل مع وضع لم تكتمل مفاهيمه السياسية الحاكمة بعد, النقطة الثانية في هذا القرار والذي لا أظنه يلقي رضا الحزب والذي يبدو أنه كموقف اضطراري وأوافق علي أنه أيضا دلالة مهمة جدا علي مفهوم العمل الحزبي بما يعني أن مدي الالتزام الحزبي ومفهوم العمل الحزبي بشكل عام لم يصل في مصر إلي ذلك المستوي الذي نأمله, وهذا اعتراف من أكبر حزب في مصر بهذا الوضع وبهذه الحقيقة, بل إن هذا الوضع المتمثل في عدم اكتمال أو نضوج الرؤية الحزبية أجبر قيادات الحزب بمختلف توجهاتها علي الخضوع لهذه الحقيقة. العمل الحزبي في مصر كما يبدو ما زال في مراحله الغير مكتملة النضج بعد, الدليل علي ذلك ليس فقط ما حدث في الدوائر المفتوحة للحزب الوطني, ولكن ما نراه أيضا في الأحزاب الأخري سواء التي شاركت في الانتخابات أو التي قاطعت وانقطعت, فبعض الأحزاب عنيت بالمشاركة مهما كانت قدرتها أو قوتها, ويمكن تقسيمها إلي قسمين راغب في الظهور الإعلامي سعيا من أجل الوصول إلي البرلمان, وجزء آخر شارك بعدد من المرشحين لم يصل إلي النصف, وهذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي أن مفهوم الحزبية والعمل الحزبي ما زال في بداياته وأمامه الكثير من الجهد والعمل والصبر والقدرة في بعض الأحيان علي اتخاذ قرارات صعبة توصل هذا المفهوم مفهوم العمل الحزبي حتي لو كان هناك ثمن يدفع.