عند التشريح وتحت مبضع دكتور متمرس في الأمر تبدو كل الأجساد واحدة هو يعرف اين يكون القلب.. أين الكبد وما ينتج عنه, يدور بين ثنايا الجسد ليكشف في تقريره التالي, اسباب العلات وكيف تقطعت الأوصال, هذا لو ان في الأمر جريمة والقاتل مبنيا للمعلوم او المجهول لكنه في كل الأحوال يصدر عن جسد ينزف, ويبكي الجسد, ويصرخ بعيدا عن طاولة الأجساد الموتي وبعيدا عن متناول دكتور التشريح وفي يد القاصة ندي امام وبذات القلم المبضع ولكنه في هذه علي اوراق المجموعة القصصية عندما يبكي الجسد ونعلم هنا أن الأجساد ليست واحدة في مئة واربع صفحات وامتداد سبع عشرة قصة هذه البراعة وهو لا يعلم انه سيقتل جاره بل هو لا يستطيع ومع ذلك فعل ثم تراه يعود لحالته الطبيعية, انها( الحيرة) التي تعاني منها عاملة نزلت باكرا إلي سوق العمل تحت ضغط الظروف التي تحسبها هينة فتراها في وجوه كل الآخرين تشير بدلالات إلي شيء ما في داخلها ومن ثقب الباب تطل علي عورات الجسد النحيل, الممصوص, كيف تفننت في محاولات الوصول إلي نهدين كبيرين يلفتان النظر او إلي ساقين من ذلك النوع الملفوف حيث تصدر التعاسة عن شيء نملكه ليس في كمال ما لدي الآخرين, الخاتم ربما يحل المشكلة لكنه يصل لدرجة نهب الروح ذاتها حيث النفق المظلم وذكريات وعلامات الجسد المنتهك المحفورة علي نتوءات الجلد والعظم كما الموعد الذي لا يأتيه احد ولا ينتظرك فيه احد ويمثل( نهاية اللعبة) التي تلعبها مع الأقدار ومع الشركاء الآخرين لك في الحياة وفي الجسد انه( الحب الأسود) الذي تظن انه لن يتركك وحدك ولن ينساك فنكتشف خديعة ذلك كله وتصبح الحياة أغنية حزن( مرثية) للوضع الراهن الذي راهنت فيه علي البقاء, وذهبت خلف حلم كاذب اخذ زهرة الشباب وامتع ما في الجسد من قوة وصحة ونشوة حيث الانثي قابعة في دهاليز اوراق النتيجة تصيح وتصرخ بشكل عارم في ذلك الجسد الواهي انا المجرمة, انا المجرمة كل الخيوط المتشابكة تدل علي انا مروضة الأسود, معاشرة الذئاب, وانا من احزن لهذا المصير, هذا هو الثقل النوعي للاقاصيص المطبوعة علي طاولة العمليات للجراح ولمبضعه الماضي في اللحم يشق ليعرف الأسباب, والأسباب في التقرير التالي في صبيحة اليوم التالي, تسلم يدا بيد للقراء, من منهم سوف يلتفت لذلك, من منهم سوف يلتفت لذلك, من منهم تروقه تضاريس الأجساد وتحسس ما تحت الجلد, ماذا عساه يكون, لون الدم الغائر في العتمة يأتي من تجويف قد اسكره سكون الروح ماضية في صمت, إلي أين تذهب هذا المساء أولها ان تعود مرة أخري, أي مهاترات تلك والمطاردة دائرة والموت حقيقة والخوف حكرا علي الماشية وربما تجيب انت ايها المثقف الأنيق عن بعض التساؤلات وترينا هل حقا صدقت الفرية المزعومة وعقدت العزم أم مازال موطن عزمك تحت حصار!! بقي ان نشير إلي اللغة التي تطاولتها الأجساد في هذه المجموعة القصصية هي لغة الاخبار بعودة للماضي او استرسال في الحاضر, لغة صريحة لا تنجرف وراء الفاظ فخمة وضخمة تأتي من قرار وان كان لها رنين فذلك عذره رومانسية الكابتة واحلامها التي مافيها من الألغاز يحيرها حتي كتابتها لتلك القصص اختارت الا تجادل ضوء القمر اومر السحاب بل وضعت كينونة التفاصيل الصغيرة موضع أختبار واعتبار شأنها شأن تلك الزاوية من الكتابة, عادة ما تكون النرجسية غالبة في أعمال الكاتبات, لكني لم ار ذلك في هذه المجموعة بل وجدت كما من الشحن وراء الكلمات يتفرع من عذابات الذات واحباطات امثال الآمال العريضة وكأن وصول ابطال القصص لمرحلة النرفانا عبر عذاب سرمدي خاص واستعذابهم ذلك شرط مرورهم لوجدان الكاتبة ندي امام وعبر قلمها الينا ويمثل ذلك علامة الأصبع التي دمغت بها معظم ما احتوي جسد المجموعة من تفاصيل, تأتي سهولة التعبيرات كسلاح ذي حدين في رأي الغالبية, كذلك دوران بعض القصص في فلك الفكرة الواحدة, لانه إن لم تجد تخطئ وتسقط من علياء, ثم كل التحولات من سرد لذات البطل بلا تمهيد فيه اباطيل الاسراف وليس لحزم وجدان المتلقي وان حدث مرة, والكاتبة لديها ترف ابقاء النهايات مفتوحة وهو لازم في احوال فقط, لكني بعد الانتهاء تماما وإلقاء النظرات الخاصة شعرت بان المجموعة مازالت جالسة في انتظار النور, وربما المحاولة في السير مجددا, وراءالأحداث قد تفيد وربما قرآتها مرة او مرات ترضي الغوامض المتكاثفة لدي, هذا حالي اما الآخرون فمن الأكيد حالهم أفضل. أحمد محمد عبده جلبي باحث معهد البحوث والدراسات الإفريقية جامعةالقاهرة