جاء قرار منظمة الأقطار المصدرة للبترول( أوبك)- خلال اجتماعها بفيينا الخميس الماضي- بشأن تثبيت حجم إنتاج البترول الذي بلغ3 ر29 مليون برميل يوميا في سبتمبر الحالي ليجسد حرص تلك المنظمة- التي تهيمن علي أكثر من75% من احتياطيات البترول الدولية علي إعادة الاستقرار إلي السوق البترولية الدولية والتي تأثرت سلبا بالتداعيات الناجمة عن الأزمة المالية وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي بالدول الكبري وخاصة أمريكا والاتحاد الاوروبي. وتسعي أوبك إلي لعب دور محوري في دعم النمو الاقتصادي العالمي من خلال آلية التحكم في حجم المعروض البترولي وزيادة حجم احتياطيات البترول. وفي محاولة لدعم أسعار البترول بالسوق الدولية, حثت أوبك أعضاءها علي الالتزام بالحصص الإنتاجية الحالية وخططها المستقبلية وتجنب إغراق السوق بالمزيد من المعروض البترولي في ضوء التقارير الرسمية التي أشارت إلي أن مستوي التزام أعضاء أوبك بحصصها الإنتاجية بلغ57% عام2010 مقابل80% عام2009. وتري مؤسسات اقتصادية دولية أن التحسن النسبي الذي طرأ علي معدلات النمو بالدول الكبري غذي محاولات عدد من أعضاء دول أوبك الرامية إلي زيادة المعروض البترولي لدعم عائداتها ومواجهة الزيادة المتوقعة في معدلات الطلب علي الطاقة علي المدي القصير. وتضم منظمة أوبك( الجزائر وأنجولا والأكوادور وإيران والعراق والكويت وليبيا ونيجيريا وقطر والسعودية والإمارات وفنزويلا), وعلقت أندونيسيا عضويتها في منظمة أوبك في نهاية ديسمبر عام2008 نتيجة تحولها إلي دولة مستوردة للبترول بشكل كامل منذ عام2003. وفي السياق ذاته, حرصت منظمة الأقطار المصدرة للبترول( أوبك) علي تحديث توقعاتها بشأن معدلات الطلب العالمي علي البترول والتي حددتها بنحو85.59 مليون برميل يوميا, منوهة بأن معدل الطلب علي البترول سيزيد بنحو1.2% عام2011. وتسعي أوبك إلي الابقاء علي سعر البترول ليتراوح ما بين70 إلي85 دولارا للبرميل الواحد في ضوء توقعات وكالة الطاقة الدولية بشأن ارتفاع معدلات الطلب علي البترول بشكل طفيف العام القادم. وتشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلي أن حجم عائدات البترول بدول أوبك ستصل إلي625 مليار دولار عام2010. من جهة أخري,أظهر اجتماع دول أوبك بفيينا يوم الخميس الماضي أن المنظمة لن تواجه مشكلات فيما يتعلق بحجم الإنتاج علي المدي القصير,إلا أن الإشكالية علي المدي المتوسط ستتمثل في القدرة علي زيادة حجم المعروض البترولي بشكل كبير وإعادة الاستقرار إلي سوق البترول الدولية في حال تعافي الاقتصاد العالمي. وتتوقع أوبك احتمال حدوث زيادة ملحوظة في معدلات الطلب علي البترول خلال العامين أو الثلاثة القادمة نتيجة تجاوز تداعيات الأزمة المالية الدولية وزيادة معدلات الطلب علي الطاقة بالصين والهند. وعلي صعيد متصل, تشكل مساعي العراق- الذي أعلن مؤخرا أن حجم احتياطياتها البترولية تقدر بنحو143 مليار برميل- لزيادة حجم إنتاجه ليصل إلي12 مليون برميل يوميا خلال العقد القادم مصدر قلق لاعضاء أوبك نظرا لتزامن تلك الخطوة مع إعلان إيران زيادة حجم احتياطياتها البترولية المؤكدة بنحو9% لتصل إلي150 مليار برميل. وفي السياق ذاته, حرصت منظمة الأقطار المصدرة للبترول( أوبك)- التي تنتج حوالي40% من إجمالي البترول الخام في العالم- علي إبداء التزامها بتحقيق التوازن بين المعروض البترولي ومعدلات الطلب لتجنب الهزات الاقتصادية الناجمة عن زيادة الأسعار بالسوق الدولية وحماية مصالح الدول المنتجة والمستوردة للبترول. ودعا أعضاء بأوبك ومن بينها إيران وفنزويلا وليبيا والجزائر إلي ضرورة العمل علي زيادة أسعار البترول بالسوق الدولية لمواجهة معدلات العجز في ميزانياتها والتداعيات الناجمة عن تراجع قيمة الدولار الأمريكي وتكاليف الانتاج. وفي هذا الصدد, أوضح وزير الطاقة الجزائري يوسف يوسفي مؤخرا أن بلاده ترغب في استقرار أسعار البترول عند مستوي يتراوح مابين80 و100 دولار للبرميل. من جهة أخري, أبدت الدول الاعضاء بأوبك قلقا بالغا من استمرار التراجع في قيمة الدولار, لافتة إلي أن انخفاض قيمة الدولار يؤثر سلبا علي عائدات البترول التي تسعر بالدولار. في المقابل,أوضح خبراء بترول دوليون ومن بينهم جيسون شينكير أن قرار أوبك بشأن تثبيت معدلات إنتاج البترول لن يسفر عن تغييرات جوهرية بسوق البترول الدولية, مستبعدين احتمال زيادة معدلات التزام أعضاء أوبك بحصص البترول المقررة في ضوء احتياجها إلي المزيد من الموارد المالية لاحتواء العجز في ميزانياتها. وأشاروا إلي أن ارتفاع أسعار البترول بالسوق الدولية خلال الأيام الماضية جاء متأثرا بتزايد معدلات اقبال المستثمرين علي شراء السلع ومن بينها البترول بدلا من المضاربة علي الدولار الأمريكي.