لم يكن هذا المبني يعني لكثيرين شيئا, سوي أنه واحد من المباني التاريخية الجميلة التي قد يرغب أي شخص في ان يلتقط صورة أمامها, وحتي بالنسبة لالتقاط الصور, توجد معالم منافسة له بشدة مثل بوابة براندنبرج القريبة جدا منه أو مبني الرايشستاج الذي قد يحمل معاني نفس الصورة تقريبا, وهي أنه قدر لأحدهم ذات مرة أن يقف في مكان صنع فيه التاريخ, وكان من الممكن أن تتغير حياة البشر في العالم, لو كانت الأحداث قد سارت في اتجاه آخر, لكن القصة بدأت تتجاوز التقاط الصور إلي موضوعات أخري, ربما لاتخطر أحيانا علي البال, فشكل المبني يثيربعض الأفكار التي تحمل معاني تتجاوزه, بكثير, المسألة بسيطة للغاية, فأحيانا توجد مؤسسات عريقة, تكتسب قوتها من عراقتها, ولايتصورها أحد إلا بشكلها هذا, ولن يجدي أبدا أن تقوم بتغيير طبيعتها, لكن التطور سنة الحياة, لمواكبة التغيرات التي تجري حول المؤسسات, التي لايمكن أن تتجنبها في كل الاحوال, وهذا مايثيره المعمار الحالي للمبني, فعندما بدأت عملية تطويره, من المؤكد أنه ثار جدل واسع النطاق حول مايجب القيام به, ومن المؤكد أن وجهة نظر قوية ومنطقية طرحت الفكرة التقليدية الخاصة بالحفاظ علي الشكل التاريخي للمبني, وتجديده بنفس المواد التي استخدمت في بنائه, والألوان التي عرفه بها الجميع, تماما كما طرح عند التفكير في عملية إعادة بناء مجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك بعد عام.2001 المثير أن تلك الفكرة شديدة المنطقية والتي تبدو وكأنه لاتمكن مقاومتها, لم تتحقق, وعمل العقل الألماني في اتجاه آخر تماما, فقد تمت إعادة بناء قبة مبني تاريخي قديم بشكل حديث لايمكن تصديقه, فهي تتكون من معادن لامعة تحمل لونا رماديا ومن زجاج, وكأن الامر يتعلق بأحد مباني دبي غير التقليدية, ومن يقدر له أن يدخله ليقابل أحد نواب البرلمان الألماني في مكتبه مثلا, أو أن يصعد إلي سطحه ليشاهد برلين من زوايا جديدة كأحد السياح العابرين, فسوف يفاجأ بمجرد الدخول بأنه داخل مبني آخر تماما, يمت لأفلام الخيال العلمي بأكثر مما ينتمي لتاريخ الرايخ الثالث. الملفت للانتباه في الأمر, أن المبني العريق بتلك المعالم الجديدة يبدو معبرا عما هو أفضل بكثير مما كان يمكن أن يعبر عنه لو كان قد تم تحويله إلي مبني متحفي قديم, أو لو كان قد تم هدمه لبناء مبني حديث من معادن وزجاج فقط, فهو يعبر بشكله الحالي عن معني لاأحب استخدام التعبير المرتبط به لأنه ابتذل كثيرا, لكنه يظل الأكثر ملاءمة لوصف ماأريد قوله, وهو الأصالة والمعاصرة, أو بصيغة أخري, التقليدية والحداثة, أو بصيغة ثالثة الاستقرار والتطور, ويمكن الاستمرار في رصد تلك العبارت إلي مالانهاية, لكن المعني واضح, وهو أن كثيرا من مؤسساتنا تحتاج, مع الإبقاء علي معالمها التقليدية الثابتةإلي معادن لامعة وزجاج شفاف, وسوف تجد وقتها أنها ربما تكون قد وجدت الطريق الصحيح. [email protected]