في حديث بثته قناة العربية قال الأستاذ منتصر الزيات المحامي الأشهر للجماعات الإسلامية كلاما مثيرا للاهتمام, قال الزيات إنه يظن أن عدم وصول فصيل إسلامي للحكم في مصر نعمة من الله سبحانه. أسس الأستاذ الزيات رأيه علي الطابع العدائي المميز للعلاقات بين فصائل الإسلاميين, فقال إنهم في خصوماتهم مع بعضهم لم يستطيعوا الوقوف عند الأحكام الشرعية في التعامل مع الخلافات, فما بالك لو وصل رأيهم إلي الحكم, فماذا سيفعل مع الآخرين. اتفق مع رأي منتصر الزيات وإن كنت أعزز هذا الرأي بأسباب أخري, الأستاذ منتصر الزيات لا يريد لأي فصيل إسلامي الوصول للحكم رفقا بالفصائل الإسلامية الأخري, وأنا لا أريد لأي فصيل إسلامي الوصول للحكم ترفقا بالشعب المصري كله. فالحركات الإسلامية في عمومها مازالت غير قادرة علي تطوير أفكار تلائم بين الحداثة والأصالة, وبين العصر الذي نعيش فيه والقيم والتاريخ الطويل الذي نحمله فوق ظهورنا وفي قلوبنا. الأفكار التي تعبر عنها أغلب الحركات الإسلامية مازال يغلب عليها طابع الانحياز العاطفي للماضي, فما أن تصطدم بالحاضر إلا واصطدمت معه. حكم الإسلاميون السودان لأكثر من عشرين عاما كانت محصلتها انقساما مؤكدا في الجنوب وانقساما محتملا في الغرب, والله وحده يعلم ما الذي سيأتي لاحقا, كل ذلك بسبب الإصرار علي تطبيق الشريعة كما لو كان السودان الحديث مجرد إمارة إسلامية في القرن الثاني من الهجرة. تهيأت أفغانستان لحكم الإسلاميين الذين حرروها من الاحتلال السوفيتي, فدخلوا ضد بعضهم في حروب طاحنة, وعندما استقر الحكم في يد طالبان, حولت البلد كله إلي سجن كبير تقطع فيه الأيدي والرقاب وتجلد فيه النساء والرجال, فدفعوا ودفع الشعب الأفغاني كله معهم الثمن عندما سمحوا لتنظيم القاعدة بتحويل بلدهم إلي منصة للعدوان علي العالم في الحادي عشر من سبتمبر. أعتقد أنه لم يئن الأوان, بعد لوصول الإسلاميين إلي الحكم, هذا ما قاله منتصر الزيات وأوافقه عليه. فالإسلاميون المعاصرون ليسوا قادرين علي حكم بلد في القرن الحادي والعشرين دون أن يجروا عليه المصائب, وشعوب المسلمين ليست مرحبة بهم وإن تعاطف ضميرها الديني معهم, والعالم المعاصر مرتبك في التعامل مع الإسلاميين. فمن الأفضل للإسلاميين ولشعوبهم وللإسلام نفسه أن يبقوا قوة أخلاقية تخاطب الضمير الديني للمسلمين بعيدا عن السياسة وتعقيداتها.