يبدو أن الجدل الذي رافق مسيرة المفكر الراحل الدكتور نصر حامد أبوزيد لن ينتهي بموته, فبعد أيام قليلة من وفاته نشبت خلافات وصراعات علي جبهتين, الأولي جبهة من الصراعبين أشقائه وزوجته حول ميراثه المالي, أما الجبهة الثانية فيقودها من زملائه واصدقائه الناقد الدكتور سيد البحراوي استاذ الادب العربي بجامعة القاهرة والذي اتهم زوجة المفكر الراحل الدكتورة ابتهال يونس وصديقه د.علي مبروك استاذ الفلسفة بجامعة القاهرة بتهمة الإهمال الطبي في علاج نصر أبو زيد وهي التهمة التي ستكون عنوانا لجدل قادم حول نصر خصوصا وان احمد سيف الاسلام حماد الممثل القانوني لورثة المفكر الراحل من أشقائه تقدم للسفارة الأندونيسية بالقاهرة بطلب لفتح باب التحقيق حول الأسباب التي أدت لمرض المفكر الراحل. الممثل القانوني للأسرة أكد في لقائه مع أروان سكرتير سفير اندونسيا بالقاهرة انه يحمل توكيلات قانونية موثقة للحديث باسم الاشقاء وتحمل هذه التوكيلات أرقام(8260/ ب توثيق جيزة/4481/ أ السيدة زينب/8275/ ب توثيق أكتوبر) وتقدم سيف بهذا البلاغ باسم اشقاء المفكر الراحل لانهم يعتقدون ان ما جري للراحل أشبه ب جريمة قتل. واكد سيف الاسلام في اللقاء ان هناك شبهة عمل اجرامي احاط بظروف المرض والوفاة السريعة وقال: قابلت سكرتير السفارة الاندونيسية وشرحت له الموقف تفصيليا وهو أننا نتهم مخابرات إحدي الدول الخليجية بالتعاون مع الموساد باغتيال د.نصر, مستندين علي أسباب ودلائل لا يمكن الإفصاح عنها كليا الآن وتابع سيف الاسلام في مذكرة قدمها للسفارة ان: الفيروس الغامض الذي أصيب به الراحل قيل أنه أندونيسي ولكن لم يصب به أي مواطن أندونيسي فهل هذه مصادفة؟ وأشار الممثل القانوني للأسرة الي ان خلقيات تتعلق بالأزمة الفكرية التي عاني منها الدكتور نصر أبو زيد والتي جعلت بعض الدول العربية تمنعه من دخول أراضيها, وبعض هذه الدول تضم تبارات سلفية ووهابية ترفض افكاره واجتهاداته العلمية حول القرآن الكريم. وشبه المحامي ما جري لنصر أبو زيد بما حدث لخالد مشعل القيادي في حركة حماس وقال: ما تعرض له نصر محاولة اغتيال ولا شك ولكن الجرعة التي أعطوها لأبو زيد واضح انها قليلة لكي تؤثر علي قواه العقلية هذا من جانب, أما هنا في مصر فقد كانت للقصة بقية حيث تم رفع الأجهزة عن د.نصر بالمستشفي يوم3 يوليو وهناك شاهد عيان بذلك لن نصرح باسمه الآن, وعندما تكمل ادلتنا سنتقدم ببلاغ للنائب العام لفتح التحقيق في ملف علاجه داخل مصر. ومن المعروف أن وزارة الصحة المصرية قد أعلنت في بيان صحفي تقريرا طبيا عن حالة المفكر الراحل جاء فيه ان وفاة د.نصر حامد أبو زيد كانت بسبب فشل حاد في الوظائف الحيوية, بعد اصابته بالتهاب فيروسي حاد بالمخ. كما أكد التقرير الطبي الصادر عن مستشفي الشيخ زايد التخصصي والمتعلق بوفاة المفكر أن الفقيد قد حضر إلي مستشفي الشيخ زايد التخصصي وهو يعاني من ارتفاع بدرجة الحرارة واضطراب بدرجة الوعي وتشنجات وانذاك أعلن مدير مستشفي الشيخ زايد التخصصي في نص التقرير أن الدكتور نصر حامد أبوزيد كان قادما من بلد استوائي أندونيسيا وأنه قضي أسبوعا بمنزله قبل دخول المستشفي حيث كان يعاني خلال هذه الفترة من اضطراب بدرجة الوعي, وأن الأشعات والتحاليل المعملية للحالة المرضية أوضحت أنها حالة التهاب فيروسي حاد بالمخ لكنه فيروس غير معد وقد أعطي المريض العلاج اللازم ولكن حالته لم تتحسن مما استدعي دخوله قسم الرعاية المركزة يوم8 يونيو2010 وتم وضعه علي جهاز التنفس الصناعي وإجراء عملية شق حنجري يوم25 يونيو2010 لكن استمر تدهور درجة الوعي ووافته المنية نتيجة فشل حاد في الوظائف الحيوية مما أدي لهبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية. وفي سياق متصل اتهم الناقد د.سيد البحراوي كلا من د.ابتهال يونس زوجة الراحل, ود,علي مبروك استاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة وصديق المفكر الراحل والذي كان معه في أندونيسيا, والجهة الأندونيسية الداعية للراحل بالإهمال الطبي الذي تسبب في وفاته وأوضح في تصريحات للأهرام المسائي أن د.نصر أصيب بالفيروس المخي في أندونيسيا وظهرت علاماته أمام الناس هناك, ولم تهتم الجهة الداعية له أو صديقه علي مبروك بعرضه علي الطبيب, وعندما علمت زوجته قررت العودة للقاهرة, ودخول مستشفي الشيخ زايد بعد أكثر من أسبوع ورأي البحراوي ان كل ما حدث يكشف الاهمال لان علاجه بأندونيسيا كان أفضل وحمل البحراوي الجهة الاندونيسية ود.علي مبروك مسئولية الاهمال في علاج نصر أبو زيد ورأي ان زوجة الراحل أدخلته مستشفي غير متخصص في حالته, وأخفت بالاتفاق مع د,مبروك وجوده بالقاهرة عن أصدقائه الذين من بينهم أطباء كبار, حتي وصل الأمر إلي مرحلة الخطر. ومن جهته رفض الدكتور علي مبروك أستاذ الفلسفة في جامعة القاهرة التعليق علي هذه الاتهامات وقال: ذكري د. نصر تعنيه أكثر من اهتمامه بالدفاع عن نفسه أمام وسائل الاعلام والانشغال بالرد علي مهاترات كتلك التي يسوقها البحراوي, هذا وقد حاول الاهرام المسائي الاتصال بزوجة المفكر الراحل غير اننا لم نتمكن من ذلك فيما رأي الشاعر عبدالمنعم رمضان ان ما يقوله البحراوي فيه كثير من الشطط وقال: أخشي علي البحراوي من الشطط لأن اتهام الناس ليس بهذه السهولة, ولدي ظن أنه اندفع إلي هذا المسار بسبب حبه لنصر, لأن موته كان مفاجئا, والفيروس الذي أصابه هو ما أصاب الممثل طلعت زكريا ولا أعتقد ان الجماعات والتيارات السلفية كانت وراءه وتابع رمضان: لا نريد أن نظن في السيدة ابتهال والتي خرجت مع الراحل وعاشت معاناته أصبحت فجأه عميلة, كل مافي الأمر أن أصدقاء الراحل مستثارون لأنها أنشأت حول مرضه سياجا من السرية, اذ كانوا يريدون أن يبقوا إلي جواره, لذا لا أقبل أن يقال عليها جانية بأي شكل من الأشكال, ونحن لا نعرف حقيقة المرض كي نحاسب أحدا وتساءل رمضان: هل كل ما يحدث ويقال محاولة مقصودة لصنع معركة لننشغل بها, وانتهي الي القول: نحن نقيم المعارك لقتل أنفسنا. وفي تعليقه علي المشهد اجمالا قال نبيل عبد الفتاح مدير مركز الاهرام للدراسات الاجتماعية وخبير الحركات الدينية: مع تقديري لمخاوف سيد البحراوي بشأن الحالة الصحية للراحل, لكن الموضوع أصبح خارج الجدل العام لعدة اعتبارات, أهمها أن زوجة المفكر الراحل كانت زوجة مخلصة وقفت معه أيضا بعد حكم القضاء بتطليقهما وظلت بجانبه ودافعت عنه وعن حياته, لكن الخلافات التي اتضحت علي الساحة الآن من خلافات الورثة لإتهامات بالاهمال الطبي, هي أمور من الطقوس المصرية العادية التي تحدث بعد رحيل الشخصيات المشهورة واعتبر عبدالفتاح ان ما يجري الآن هو محاولة لاستثمار رأس المال الفكري الذي تركه المفكر اذ يتصور بعض افراد عائلته أن وراءه أموالا طائلة وهذه طبيعة كل أسرة لديها مفكر أوعالم, لكن هذه تصورات علي حد قول عبد الفتاح من قبيل الأوهام والاتهامات كلها ظالمة, ولا تجد لها مكانا في تاريخ الزوجة المتفانية التي وفرت الجو الذي أبدع فيه المفكر الراحل. واتفق الكاتب الصحفي حلمي النمنم نائب رئيس هيئة الكتاب مع رأي عبدالفتاح مشيرا الي أن تاريخ نصر أبو زيد في ذمة التاريخ العام وما يحدث لا يتعلق به, ولكنه يتعلق بصراعات بين أفراد ووجهات نظر, أما مسألة الاهمال الطبي فهذه أمور تحسمها الجهات الطبية, وكل ما يقال حول ذلك مجرد اجتهادات شخصية. كما أوضح الدكتور هيثم الحاج علي مدرس الادب العربي بجامعة حلوان انه من المؤسف ان ينشغل الناس بخلافات ورثة نصر أكثر من انشغالهم بمنجزه العلمي ومن بين اصدقاء المفكر الراحل المقربين, يري الكاتب سعيد الكفراوي ان الموضوع شائك جدا وقال: لا أعرف حقيقة هذه الوقائع, ولا أري أنه يمكن اقامة اتهام دون دليل, وعن نفسي أعتبر نصر أبوزيد في ذمة الله, وأتمني أن كل الأطراف تترك هذه المشاكل الدنيوية احتراما لذكري الراحل, فكل منهم له حقوق يجب ان تنتهي بالرضا كي يستريح أما بالنسبة لي فلا يمكن ان أتهم أحدا أو أقول أشياء لا يوجد عليها دليل.