الدلائل تتجمع علي أن مسلحين قادمين من قطاع غزة يتحملون المسئولية عن الصواريخ التي تم إطلاقها علي العقبة وإيلات. عبر الإرهابيون الحدود مع مصر, وتسللوا إلي سيناء المصرية ومن هناك أطلقوا صواريخهم التي ضلت طريقها وسقطت علي العقبة مسببة مقتل وجرح مواطنين أردنيين الصواريخ التي سقطت علي إسرائيل لم تصب ولا حتي كلبا ضالا, فكان هؤلاء كالدب الأعمي الذي قتل صاحبه.قدم المسلحون من غزة لكن لم يتضح بعد من بالضبط في غزة يقف وراء هؤلاء. قد ينتمي هؤلاء لواحدة من الجماعات المتطرفة الكثيرة التي تتكاثر كالفطر في القطاع, و التي يرتبط بعضها بالقاعدة. قد يكون هؤلاء من نشطاء حماس الذين يعملون وفقا لأجندتهم الخاصة بغير أوامر من قياداتهم. بعض مقاتلي حماس الأكثر تشددا لم يعودوا يحتملون الهدوء الطويل الأمد المخيم علي جبهة القتال بين قطاع غزة وإسرائيل, وباتوا يتحرقون لقتال الإسرائيليين ولو من أراضي الجيران وضد مصالحهم. المسلحون القادمون من غزة يمكن أن يكونوا قد تلقوا الأمر من جهة ما تنتمي لسلطة الأمر الواقع التي تمثلها حكومة حماس. حتي لو كان ذلك احتمالا ضئيلا فإنه يظل احتمالا قائما في كل الأحوال. من المبكر التوصل إلي نتيجة نهائية بشأن الجهة التي تقف وراء الهجمات, لكن المؤكد أن هذا الحادث سوف يترك آثارا عميقة علي علاقة حماس بالقوي الإقليمية, خاصة مصر. مخاطر الأنفاق التي تحفرها حماس للوصول للأراضي المصرية باتت أكثر وضوحا. لم يعد من الممكن التساهل مع هذه الأنفاق مهما كانت الشعارات والمسميات, خاصة بعد تخفيف الحصار الإسرائيلي علي القطاع, فالممنوعات والمخاطر الأمنية باتت هي السلع الأكثر استخداما لما بقي من أنفاق. ملف قطاع غزة بات أكبر كثيرا من ملف المصالحة الفلسطينية المتعثرة. سواء وقفت حماس بشكل مباشر وراء الهجمات أو كانت الهجمات قد حدثت رغما عنها, فهي تتحمل مسئولية ناتجة عن كونها حكومة الأمر الواقع في القطاع. تحول القطاع إلي مصدر لتهديد الجيران من العرب يجعل مصير القطاع وما يجري فيه هما وشأنا إقليميا. بات من الصعب ترك شئون القطاع لحماس تتصرف فيها كما تشاء والاكتفاء بمراقبة الحدود. مراقبة الحدود من جهة واحدة لم تعد كافية, وبات من الضروري مراقبتها من الجهة الأخري أيضا.