حال أحزاب المعارضة ومواقف وتصريحات قادتها هذه الأيام تثير تساؤلات عديدة عن حقيقة مواقفها وأهدافها خلال المرحلة الفاصلة التي تقبل عليها البلاد نهاية العام الحالي بالانتخابات البرلمانية والمقبل بالانتخابات الرئاسية. لا خلاف علي حق الأحزاب في تبني إستراتيجيات محددة تحقق أهدافها السياسية, وعقد التحالفات السياسية التي تمكنها من النجاح, وإجراء مناورات سياسية لإخفاء جانب من تحركاتها لتفاجئ به الآخرين. لكن الخلاف الحقيقي هو في حدود كل هذه القواعد, وفي القواعد الأخلاقية الحاكمة لهذه التصرفات, فغياب الإطار الأخلاقي المنظم للعملية السياسية يحيل الأحزاب إلي أدوات إنتهازية تفقد ثقة الرأي العام, ومن ثم تتسبب في فقدان ثقة الناخبين في العملية الانتخابية برمتها. كل حزب معارض الآن يخرج علينا قادته بتصريحات غريبة, مؤداها التالي' نحن نستعد للانتخابات بكل جدية, ونستقبل قوائم الراغبين في الترشيحات, ونكلف لجان المحافظات بالاستعداد للانتخابات' ثم تنطلق الجملة المناقضة لكل هذه التصريحات بالقول' لنكون جاهزين إذا ما قررنا خوض الانتخابات' السؤال هنا هو.. هل قرار خوض الانتخابات يصدر قبلها بأيام قليلة ؟؟ ولو كان الآمر كذلك فإن علة الأحزاب وعدم قدرتها علي حصد أصوات الناخبين واضحة ولا تحتاج إلي دليل أو برهان, وتسقط أمامها كل المبررات والحجج التي يسوقها قادة هذه الأحزاب. أما لو كان السؤال أن المعارضة تناور من أجل تحقيق مكاسب سياسية بالضغط علي الحكومة لتخويفها من عدم خوض الانتخابات, ثم إعلان موقفها النهائي في ضوء ما سيترتب علي إستجابة الحكومة من عدمه... فالمؤكد أن الخاسر الأكبر هو المعارضة وليس غيرها. لا يحتاج الأمر للتدليل علي الخسائر الجمة الناجمة عن مقاطعة الانتخابات, الوفد صاحب درس كبير في هذا الشأن, ويقابله حصد الإيجابيات في تجربة حزب التجمع العام1990 حينما تنبه للمخاطر مبكرا وخاض الانتخابات ورفض منطق المقاطعة. أما علي المستوي الشعبي فالسؤال المطروح... كيف يثق الناخبون في حزب متردد في خوض الانتخابات ؟ أو في حزب يقرر تعليق شرط المشاركة علي مكتسبات يطلبها دون أن يتحرك بين الناس من أجلها ؟ أو في حزب يقرر خوض الانتخابات في اللحظة الأخيرة متصورا أن الناخبين رهن إشارته؟؟ الفارق بين المناورة المشروعة والتردد ضئيل.. والناخب لا يرحم [email protected]