إن إحساس الجميع بأنهم على صواب، هى آفة الشعوب المتخلفة، ويمكننا جميعا أن نجرى هذا الاختبار بسهولة على أنفسنا والآخرين، فاسأل نفسك كم مرة راجعتها وشعرت أنك أخطأت فى حق شخص ما، أو اشترك فى حوار مع من هم حولك ستلاحظ أن القليل منهم من يُخطّئون أنفسهم وهذا يعنى بالقطع أن معظم الناس افتقدوا موضوعية الحوار والاعتراف بالحق ولو كان على أنفسهم على الرغم أن الاعتراف بالحق فضيلة لا يمتلكها إلا الشجعان، فمن لا يعترف بخطئه لن يعرف قيمة الصواب، ومن ينظر إلى عيوب الناس لن يلاحظ عيوبه (وزى ما بيقولوا اللى بيته من زجاج مايحدفش الناس بالطوب ). هذا المرض ( احتكار الحقيقة )، استشرى وانتشر كالنار فى الهشيم، أصبح آفة لعينة تنخر كالسوس فى المجتمع آفة (الأنا ومن بعدى الطوفان) آفة (أنا دائما على حق وغيري خطأ) آفة (التسطيح الفكري للمجتمع )، آفة (أن الحق مع القوة لا القوة مع الحق ) هذه الأمراض الخبيثة اللعينة هى ما يقود إلي سقوط أي مجتمع فى وحل الفوضى والتخلف لعشرات السنين. إن احترام الآخر والقبول بالتعددية الفكرية أصبح مطلبا حتميا لخروج المجتمع من هوة الفوضى والتناحر، وما يزيد الأمر سوءا أن من يقود المجتمع "نخبة"، تدّعى احتكار الحقيقة وهذا يتضارب مع الواقع الأليم الذي يشبه قطارا يسير بأقصى سرعة نحو المجهول، وأقول لهم إنكم أصبحتم كالمسخ، ما أقبحكم تقودون المجتمع إلى مستنقع الفوضى وعدم الاستقرار، إن أجدادنا نخبتنا الحقيقية كانوا نبراسا، أضاء الطريق أمام العالم أجمع إلى التفاهم والحوار، واحترام الآخر . إن التعددية واحترام الآخر مبدأ أصيل فى الإسلام الذي كرس وأكد بكل وضوح على حق الآخر فى الاعتقاد وليس هناك أبلغ من قوله تعالى " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ " صدق الله العظيم، ولأن التعددية والاختلاف هى سنة الله فى خلقه " وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا" صدق الله العظيم، فكل الناس ولدوا أحرارا ويجب أن يعيشوا أحرارا. كما أن لكل إنسان الحق فى التعبير عن رأيه بكل حرية وعلى الآخر أن يحترم حقه فى الاختلاف مهما كان هذا الاختلاف ما دام أنه مبنى على موضوعية تهدف لسعادة الناس وخيرهم لتحقيق التعايش بكل سلمية وإنسانية، فكيف يكون الأمر بمجتمع فقد لغة الحوار سيكون كالأرض الجرداء التى فقدت خصوبتها والفائدة المرجوة منها وهكذا يفقد المجتمع كل أسباب التطور الإنساني والأخلاقي؟!.