اقترب يوم الحسم فى مصر لكى يختار المصريون رئيسهم من بين عدد من المرشحين كل منهم يرى فى نفسه ما يؤهله لتولى مهمة عظيمة بهذا الحجم و هناك من سيدخل حلبة السباق من منطلق التعلق بأهداب الشهرة و هناك من سيزايد على وطنية من يتقدمون للترشح و يلعب لعبة الأوانى المستطرقة لكى يقسم الأصوات و يفتتها لصالح تيار بعينه ولكنها الديمقراطية التى اخترناها طريقا لنا نحو استقرار سياسى يضن علينا كثيرون أن نحققه . بالتأكيد آليات الصندوق فى التصويت و اختيار الأصلح هى المعيار الحقيقى و الناجذ فى اختيار الرئيس القادم لكن الإرادة الشعبية لها ثقلها أيضا و ستحسم الموقف أمام المزايدين و اللاهثين وراء أحلام السلطة سواء منهم من يمتلك ما يؤهله لها أو من دفعته أمراض الشهرة وراءها . و ستظل شعبية المشير عبدالفتاح السيسى لها ثقل خاص فى ضمير الإرادة الشعبية لم يكتسبها الرجل بضغوط و ألاعيب التيارات السياسية و لكنها الأقدار التى ساقته إليها مرغما عندما وجد نفسه أما خيارين إما الحياة بكرامة و عزة له و لوطنه فى لحظة حاسمة فى تاريخ الأمة و إما الموت ذودا عن هذه العزة و هذه الكرامة . لم يكن يفكر يوم 30 6 فى الزعامة و هو يرى الصريين يخرجون عن بكرة أبيهم ثائرين ضد هيمنة الإخوان المسلمين و استحوازهم للسلطة و رئيس لم يعى حجم دوره جيدا فكاد أن يطيح بمستقبل مصر . لم يكن يفكر فى زعامة و هو يناشد عقول المصريين و ضمائرهم أن يفوضوه لحمايتم من أذناب الإرهاب . كان جل همه فقط انقاذ مصر و شعبها من معترك سياسى و صراع يوشك بالخراب و كان الرجل بالفعل على قدر مسئوليته للنهاية و هو من يمتلك القوة العسكرية .. لم تغره شهوة السلطة و بريقها و لم يراوده شيطان التملك نحو الانقلاب و القفذ على السلطة ووجدناه يقدم للناس خارطة طريق نحو الديمقراطية التى سوف نخرج تحت مظلتها لإختيار رئيسنا القادم . و إلى هذه اللحظة يقف الرجل حائرا بين من يرون فيه منقذا لمصر فى أخطر مراحلها السياسية و بين ترفعه عن فكرة الترشح للرئاسة . لقد أكد أكثر من مرة أنه لا يريد لنفسه غير موقعه من المؤسسة العسكرية و يرى فيه رسالة أسمى من كل شىء و لكنه أمام ذلك الزخم الشعبى المؤيد له وجد نفسه أمام خيار قد يبدو أصعب من خياره و هو يحمل روحه على كفه فى مواجهة تسلط الإخوان المسلمين فأراد أن يبدو متحضرا إلى النهاية و رجع إلى مؤسسته العسكرية يبغى المشورة فيما يحيره و فى يقينى أنه فى قرارة نفسه كان يتمنى أن ينصحوه بالترفع عن هذا و لكنهم فوضوه فى اتخاذ قراره من منطلق وطنى لا من منطلق زعامة جوفاء تلهث وراء سلطة دون وعى بحجمها و لا قدر المسئولية فيها . و فى المقابل تتزايد شعبية الرجل الذى يجد نفسه مدفوعا إلى طريق كله أشواك و لكنه قدره المحتوم وعليه أن يواجهه بنفس شجاعته المعهودة و علينا أيضا أن نسعى لتدعيمه لا قتله نفسيا بمهاترات التأييد الهزلية التى تموج بها الفضائيات و مواقع التواصل الإجتماعى حتى أننا بتنا أشبه بالدبة التى تقتل صاحبها بدافع الحب و الخوف عليه . ليس فى صالح الرجل أن نصنع منه إلاها فوق البشر و نسبغ عليه من الفعال الخارقة ما قد يعود عليه سلبا لا إيجابا إنما ندعمه بما يليق برجل بالفعل هو الأصلح لمصر فى المرحلة القادمة .. كإنسان فى المقام الأول له ما له و عليه ما عليه و لكنه فى النهاية يمتلك قدرا من الوعى و الشجاعة و الشعبية ما يؤهله لهذا الأمر . و إن توافقت إرادة الشعب عليه من خلال الصندوق الانتخابى رئيسا لمصر سوف تبدأ المهمة الصعبة فى لم شمل الشعب المصرى و وضع تصور متوازن لمستقبل هذا البلد الذى كان يرتع فيه المفسدون عقودا طويلة . كيف له أن ينجح فى مهمته و الشعب نفسه لا يدرك حجم هذه المهمة و يختصر تأييده و دعمه لشخص السيسى فى مظاهر عاطفية بلا وعى و كأنه بطل أسطورى . يا سادة إن كنا نريد الرجل رئيسا علينا أن نحدد مع أنفسنا ما نريده منه فى المرحلة القادمة و عليه كيف يمكن لبرنامجه السياسى الذى سيتقدم به للناس مثله مثل أى مرشح للإنتخابات القادمة أن يتحقق و يرى النور على أرض الواقع . ليس مطلوبا من الرئيس أن يكون عبقريا فى كل المجالات حتى ينجح و لكنه حتما لابد أن يكون متوازنا و منطقيا فيما يأخذ من قرارات مصيرية مبنية على خبرة أصحابها و مصر ذاخرة بعقول أبنائها فى كافة المجالات يجب عليهم أن يعملوا من أجل مصر و يدعموا الرجل بفكرهم و قدراتهم القادرة على التغيير و التطوير لا أن يكونوا له معوقا فيما يحلم أن يحققه لمصر . إن مصر فى أعقاب ثورة الخامس و العشرين من يناير شهدت تدهورا فى مجالات عدة أخطرها المجال الاقتصادى الذى تدنى بفعل التوتر السياسى و الصراع على السلطة و حالة الانقسامية الشديدة التى فرضت سطوتها على الشعب المصرى فى حالة من العراك الدائم على كل شىء ضاعت معها الأخلاقيات و توارت الضمائر و بات كل منا يهاجم الآخر و يصنع من نفسه قاضيا لغيره و جلادا له . ماذا عساه أن يفعل الرئيس القادم سواء كان السيسى أو غيره إن لم يلتحم الشعب وراءه و يساندونه بعيدا عن الانقسام و دعاوى السلطويين و الطامحين و الطامعين و أصحاب الأفكار الهدامة . إن من سيأتى على سدة الحكم لن يمتلك عصا سحرية لحل كل المشاكل و تغيير أحوال المصريين فى غمضة عين إنما هو إنسان سوف يجتهد بنا و بأفكارنا و طموحاتنا نحن أبناء هذا الوطن لبناء مصرنا الجديدة . [email protected]