مسرح القطاع الخاص انتهي ومسرح الدولة في طريقه إلي الانتهاء, من يعتقد أن الفن للتسلية فعليه الابتعاد هكذا قال محمود ياسين أحد فرسان السينما المصرية في عصرها الذهبي وصاحب المائة والسبعين فيلما وعدد كبير من المسلسلات الاجتماعية والتاريخية والذي انتهي أخيرا من تصوير مسلسل ماما في القسم المقرر عرضه في رمضان المقبل.. حول هذا المسلسل ودراما السير الذاتية ومشاكل السينما والمسرح التقيناه لنسأله فكان هذا الحوار.. من ينظر إلي الدراما الآن يجدها تبتعد وبشكل كبير عن القضايا الحقيقية للمجتمع المصري.. من المسئول عن هذا برأيك.. ؟ لدينا عدد كبير من القضايا التي تشغل الأسرة المصرية مثل النظام التعليمي مثلا ولابد من تناول مثل هذه القضايا من خلال الدراما التليفزيونية وإلا ما هو دور الفن إذا لم يحقق مصلحة لقضايا المجتمع.. ومن يعتقد أن الفن للتسلية يكون مخطئا وعليه الابتعاد عنه افضل.. لابد من تقديم استجابة لاحتياجات المجتمع وقضاياه المهمة. علام يراهن محمود ياسين في مسلسل ماما في القسم وهو يعرض قضية مهمة من قضايا المجتمع.. ؟ لدينا نص شديد المتانة والقدرة علي الاستجابة لاحتياجات المجتمع لقضية من أهم قضاياه في صيغة كوميدية بالمعني الحقيقي وليس استخفافا أو هزلا تضمن للمشاهد متعة واستفادة حقيقية.. فدقه كتابة هذا العمل ومذاقة الكوميدي وقدرته علي بعث الابتسامة من اهم سماته الرئيسية وأنا لا أقدم علي عمل إلا اذا تحملت مسئوليته. كيف تري دراما السير الذاتية الآن وهل تقارن بما قدمته من قبل في مسلسلات تاريخية.. ؟ أي مقارنة تقصدين.. هل تقصدين قاهر الظلام مثلا.. الفيلم الذي سافر إلي المواقع التي عاش فيها طه حسين في فرنسا وجامعة مونبلييه هذه هي المصداقية التي كان يمكن أن يحصل عليها عمل سينمائي من إنتاج القطاع الخاص للمنتج السينمائي الراحل سعد شنب وإخراج عاطف سالم.. وكذلك مسلسل الطريق إلي القدس خمس وثلاثون حلقة من اخراج احمد توفيق اضخم إنتاج في ذلك الوقت.. ومسلسل بعثة الشهداء ومسلسل محمد رسول الله الجزء الرابع ومسلسل سلطان العلماء العز بن عبد السلام ومسلسل خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز هذه اعمال عظيمة لا يصح ان تقارن بأعمال نفذت بدون مرجعية أو وعي أو قيم أو تراث. لماذا برأيك انحصر موسم الدراما كله في رمضان وصارت كل مجموعة عمل اذا تعذر عرض أعمالها في رمضان تحيلها إلي رمضان الذي يليه.. ؟ لا أحد ينكر أن رمضان هو الشهر الوحيد الذي يحظي بنسبة مشاهدة عالية جدا ولهذا نسعي جميعا لعرض أعمالنا في رمضان.. وللأسف لقد ظلمت اعمالي في توقيت عروضها أكثر من مرة رغم أن هذه الأعمال كانت الأفضل بحكم الجمهور فمثلا مسلسل العصيان جزء أول وجزء ثان لم يعرضا في رمضان مسلسلا التوبة والسماح.. وللأسف عرضت اعمال ساذجة ومسطحة وليس بها أي قدر من الجهد الدقيق ولا أدري لمصلحة من يتم الوقوف في مواجهة اعمال مثل العصيان والسماح والتوبة ورغم ذلك حققت هذه الأعمال نجاحا كبيرا وتركت بصمة لدي الجمهور.. اعتقد الأمر يحتاج إلي نوع من العدالة فأعمالي ما لم تتفوق فهي لا تقل أهمية عن الأعمال المعروضة واتمني ألا يحدث هذا مع مسلسل ماما في القسم فهو عمل شديد الرقي. قلت في أحد برامج التليفزيون المصري ان من يرد العمل بالسينما فعليه أن يعمل من امواله.. ماذا كنت تعني بهذه الجملة.. ؟ الجملة مقتطعة من حوار ومعناها بهذا الشكل يكون خطأ.. وبرأيي من لا يستطيع حماية فيلمه والنوعية التي يقدمها للسينما لا يتقدم للإنتاج. وكيف تري السينما الآن بمصر.. .. لا توجد سينما الآن في مصر.. لقد كانت السينما في يد الدولة وكان لابد وأن تظل هكذا.. وكانت هناك شركتان كبيرتان هما شركة مصر للإستديوهات والمعامل و شركة مصر للتوزيع الداخلي والخارجي وكانتا قطاعين جبارين وعملاقين وللأسف عندما جاء الاقتصاد الحر بحثت الدولة عن من يشتريهما ولم يجدوا.. اذا كانت الدولة تريد التخلص من صناعة السينما فما بال الأفراد.. وكيف لدولة أن تقول إن السينما ليست مهمتها وهي بالمقام الأول مهمة الدولة لأن الفن قيمة ثقافية وإبداعية وتربوية وأخلاقية وعلاقات اقتصادية وتجارية وصناعية وتجارة وأسواق وتاريخ.. هذه الصناعة التي يمتد تاريخها لأكثر من مائة وعشرين عاما كيف للدولة أن ترفع يدها عنها لشيء اسمه الاقتصاد الحر.. هذا جنون وجهل.. هناك محنة حقيقية صارت حين رفعت الدولة يدها عن السينما عام89.. وقانون الاقتصاد الحر خرب السينما المصرية.. فحين ظهر قانون ينظم الأقتصاد الحر فيما يتصل بصناعة الإبداع وفي مقدمته المسكينة الذبيحة المقتولة السينما المصرية جني عليها.. كنا ننفذ مائة وعشرين فيلما في العام والآن لو نفذنا خمسة عشر فيلما يكون من الله. اعرف ان الدولة تريد العودة للانتاج السينمائي ولكنها لا تستطيع بسبب هذا القانون ولكن لابد أن يكون لها دور.. وليس من الضروري أن تقوم بإنتاج العمل بالكامل ولكنها تستطيع دعم المنتجين كما كان يحدث سابقا. البعض يتهم منتجي السينما الحاليين بتخريب صناعة السينما.. ما رأيك وما تقييمك للأعمال السينمائية التي تنحدر من سيئ إلي اسوأ.. ؟ لا نستطيع أن نقول هذا بشكل عام.. من قديم الأزل والسينما هكذا.. حتي في امريكا وأوروبا نجد لديهم افلاما بلهاء وسخيفة ومقززة وبنفس الوقت لديها افلام علي مستوي طيب وتعجب الجمهور وتربي وعيا وثقافة ولديها ايضا إنتاج سينمائي شديد الندرة وهذا هو الذي يدخل المهرجانات ونراه ونفتتن به... ايضا السينما المصرية لديها افلام بلهاء وسخيفة وتافهة وأفلام نصف معقولة تناقش قضايا اجتماعية وثقافية واخلاقية وبها ايضا سينما متطورة وجيدة ندخل بها المهرجانات تحوز اعجاب الجميع. كيف تري الفنانين الشباب.. وهل يمتلكون أدواتهم كاملة في فن السينما.. ؟ هذا الجيل انعكاس لزمانه وثقافة مجتمعه.. فالقضايا والمشاكل التي تحاصر مجتمعه والأحلام والطموحات التي يتطلع إليها كانت انعكاسا لما قدموا من اعمال.. فهم قدموا سينما تستجيب لاحتياجات مجتمعهم في مرحلة زمنية واقتصادية بعينها ويقينا.. كل جيل يكون افضل من الذي سبقه والسينما فن شاب ولابد من تشجيعهم كما فعلت معنا الأجيال التي سبقتنا مثل رشدي أباظة وعماد حمدي. وكيف تري حال المسرح.. وهل هناك أمل في عودته مرة أخري.. ؟ لدينا اكاديمية فنون منذ خمس وخمسين سنة ولدينا المعهد العالي للتمثيل صاحب التاريخ العظيم ورغم هذا لدينا تعسر في المسرح.. الآن مسرح القطاع الخاص انتهي ومسرح الدولة ينتهي ايضا ولابد من وضع حلول للنهوض به من أزمته.. وأري ما قام به الفنان فاروق حسني حين عين الفنان القدير محمد صبحي مستشارا له لشئون المسرح أمرا بالغ الأهمية وقد قام الرجل بدوره فوضع المشكلة امام عينيه ليدرسها بعناية فائقة حتي يصل إلي صيغ من الحلول من خلال خبرته وثقافته في محاولة لإنقاذ ما يمكن لإنقاذه فالقضية فعلا عميقة وتحتاج إلي وقت وجهد وبحث ودراسة كان الله في عون صبحي ووزارة الثقافة.