الجريمة التي وقعت أول من أمس و دوت في سماء مصر و استقطبت اهتمام كل وسائل الإعلام تمثل علامة مهمة علي الحالة التي وصل لها المجتمع المصري. مجتمعنا ينتمي لعائلة الحضارات الهادئة, المستقرة علي ضفاف النهر, الراغبة في السلام و التعامل المتأني مع المتغيرات, المنحازة إلي السكينة و الرافضة بشدة للعنف, وهي كلها صفات تحولت جذريا في الآونة الآخيرة. و اللافت للنظر في عهد الفضائيات الذي نعيشه هذا الكم المذهل من أفلام العنف و الرعب و القتل, المكتظة بمشاهد المخدرات و الجنس, ولا يتوقف الأمر علي الأفلام و إنما يمتد لكل أدوات الفنون التليفزيونية من برامج و نشرات أخبار و خلافه. و تحاصرنا مشاهد العنف و القتل من كل جانب, لدرجة أن غالبية أفلامنا المصرية في السنوات الأخيرة أصبحت كلها ذات طابع واحد يقوم علي المثلث الشهير الجريمة و الجنس و السياسة, سواءكانت المشاهد جزء ضروري من السياق الدرامي أو مقحمة لاجتذاب المشاهدين و سحب أموالهم من جيوبهم. البعض يتحدث عن علاقة الفن بالمجتمع من زاوية رصد ما يدور فيه و التعبير عنه, انطلاقا من كون ذلك الدور الأصيل للفن, وينسي هؤلاء بل يتناسي بعضهم أن دور الفن إلي جانب كل ذلك نقد الظواهر السلبية في المجتمع وبغير هذه الجملة الآخيرة فإن الفن يروج فعليا للخروج علي الذوق العام و حث الناس علي مخالفة القانون واستخدام العنف وسيلة للتعامل مع الغير. نعم مجتمعنا تغير في الآونة الآخيرة, و يشهد وقائع ما كان ممكن تخيل حدوثها في هذا المجتمع الهاديء الوديع, و المؤكد أن الفن لعب دورا مهما في هذه المتغيرات و الترويج لها بصورة خطيرة. من الضروري حدوث مراجعة من القائمين علي السينما المصرية, ومن هؤلاء المروجين علي الفضائيات لأفلام الغرب التي لا نشاهدها في بلدانها الأصلية بذات الكثافة التي نراها هنا نحن في حاجة لمراجعة ما يعرض ليس بقرارات أو قوانين, وإنما بميثاق شرف يلتزم به المعنيون. [email protected]