أنهي الرجل المسن صلاته ولم يغادر مكانه وامتد نظره شاخصا إلي اثر سجوده وغاص في هموم أفكاره مع تلافيف نسيج سجادة الصلاة, كان تحاصره آلام في داخله ويملؤه التأثر علي حال الفقراء والمحتاجين القاطنين بالمنطقة من جيرانه ومن تعرف بالفعل علي معاناتهم الشديدة عن قرب بعد أن رأي بنفسه كيف تكون معيشتهم وحسم أمره وهو يعتدل قائما أن يبدأ إحسانه هذا اليوم إلي إحدي الأمهات ممن تعول ثلاثة من الصبية تيتموا بعد فقدانهم أبيهم العامل البسيط في إحدي كوارث القطارات الأخيرة, وكعادته أخرج مظروفا فارغا وضع فيه جزءا من معاشه وبلل طرفه بلسانه وأحكم لصقه بعناية وكتب عليه عناية أم فلان, كذا كان حال المسن لايتردد في المسارعة إلي الأعمال الخيرية في منطقة السلام وبمرور الوقت عرف القاصي والداني بعطاء الرجل الذي يجله الجميع رافعين أيديهم بالتحية والسلام بمجرد رؤيته في أي وقت. وفي أحد الأيام استقبل هاتف المسن إتصالا من سيدة اعتادت تلقي الإحسان علي فترات متباعدة كان صوت السيدة يشي باحتياجها الشديد إلي المال وعدم قدرتها علي مغادرة مسكنها, لم يتردد المسن واتجه مسرعا ولم ينسي وضع جزء من المال في مظروف كما تعود. وبعد دقائق كان يقف أمام منزل المحتاجة حسب وصفها للمكان ومرت ثوان انفرج الباب وظهرت السيدة تسد الباب وبعد حوار قصير عبر الرجل إلي الداخل قابلا دعواتها في مودة منتظرا رؤية زوجها الذي يود شكره بنفسه وماهي إلا لحظات حتي ظهر الزوج ولاحظ المسن ارتجافه وتردده ولكنه لم يهتم كان الرجل يريد إنهاء المقابلة والخروج في سرعة فما يفعله لا يريد منه جزءا إلا ممن رزقه, ولكن مضيفيه كان لهما رأي آخر فوجئ المسن بالزوج ينادي علي زميل له يدعوه لأن يرحب به.. كتم المسن دهشته في نفسه, وفوجئ الرجل بالشابين يقتربا منه والشر يتطاير من أعينهما ويأمرانه بإعطائهما مبلغا كبيرا من المال اختلط عليه الأمر واعتقد أنهما يمزحان, ولكن ضربات أحدها وابتسامة الشياطين البادية علي وجه السيدة التي تراقب مايفعله زوجها وقرينه الذي أخرج مطواة وبدأ يشهرها في وجه الرجل, كل ذلك أكد له أنه لايحلم وأنه يعيش أسوأ كوابيسه. وهنا حاول المسن ان ينتقض لكرامته وينهر المعتدين ويعلن بأعلي صوته أنه لن يدفع لهم أي قرش وهنا تكالب عليه ثلاثتهم, ويخبره أحدهم أنهم يعملون كيف سيدفع لهم, وبعد دقائق كان المسن عاريا ومكبلا مشلول الحركة في يديه وقدميه وأخرج أحدهما هاتفه المحمول وبدأ يصوره بالفيديو في حين كان الآخر يوخذه بالمطواه, ويشهرها في وجهه تارة ومحاولا خزق عينيه تارة أخري. لم يعرف الرجل كم دقيقة مرت عليه, ولكن بعد فترة كانا يساعداه علي مغادرة المنزل وهما يتوعدانه, هل نام المسن ليلة لايعرف هل زاره المجرمون في مضجعه لا يدري هل طعناه في أماكن أخري في جسده هل مازال عاريا أم هو مستورا الآن تحت أغطيته في سريره لأي قدر علي الحراك, دوار شديد كان يكتشفه, حيرة شديدة ويأس لا يوصف حاول المسن أن يلجأ إلي نعمة النسيان مذكرا نفسه أن ما حدث بلاء وانتهي. وبدأ يعود إلي طقوس يومه وخرج المسن إلي المسجد لصلاة الظهر, ولاحظ الاشفاق الكبير المتقطر من أعين كل من رآه لم يكترث الرجل كثيرا وأنهي صلاته وخرج مسرعا إلي الشارع وهنا لاحظ نفس الاشفاق يطل من أعين كل من رآه وفكر في ما هدد به المجرمون شعر المسن بالارتباك يلفه من جديد, وهو يسمع كلمة( سي دي) واحتار فيما يحيط به من تصرفات. ومن حسن ظنه وصلت معلومات سي دي وما تم مع المسن إلي العميد ناصر حسن رئيس مباحث قطاع الشرق, فأمر بتشكيل فريق بحث لكشف ملابسات الشخص العاري في ال( سي دي), وتولي الرائد هاني أبو علم رئيس مباحث قسم السلام أول والنقيب حسام الشاعر معاون مباحث القسم, ووردت تفاصيل المعلومات بما قام به المجرمون إلي العقيد هشام قدري مفتش المباحث, وتبين أن وراء الواقعة كلا من أحمد إبراهيم وشهرته أحمد المصري24 سنة عاطل, وشريف سلامة وشهرته شيشه23 سنة مكوجي, ويقيما بدائرة القسم, وآية محمود20 سنة ربة منزل وزوجة الأول ومقيمة بذات العنوان, حيث قاموا بنشر مقطع فيديو علي الهواتف المحمولة بين أوساط قاطني مشاكن( القاهرة ه) بمنطقة مدينة السلام يحوي مشهد للرجل المسن أ. م. أ61 سنة علي المعاش, ومقيم بدائرة القسم, يبدو عاريا ومكبل الأيدي والأرجل يقوم خلاله المتهم الأول بتهديده بسلاح أبيض, وإهانته جسديا, وباستدعاء المجني عليه أقر بقيام الثالثة باستدراجه لمسكن أهليتها بدعوي احتياجها لمساعدة مالية, ونظرا لاعتياده الأعمال الخيرية توجه لمقابلتها إلا أنه فوجئ بقيام الأول والثاني بالتعدي عليه وتكبيله وتصويره علي النحو السابق ذكره بقصد ابتزازه والتحصل منه علي مبالغ نقدية, وعند رفضه قاموا بنشر الفيديو بمنطقة سكنه, وأضاف بعدم قيامه بالابلاغ حفاظا علي سمعته, وعقب تقنين الاجراءات تمكن كلا من الرائد هاني أبو علم والنقيب حسام الشاعر من ضبطهم وبحوزة كل من الأول, والثاني سلاح أبيض( مطواة), وكذا السي دي يحوي مقطع الفيديو محل البلاغ, بمواجهتهم أمام العميد ناصر حسن رئيس مباحث قطاع الشرق اعترفوا بارتكاب الواقعة علي النحو المشار إليه, تحرر محضر بالواقعة رقم27076 جنح القسم, وتولت النيابة التحقيق. رابط دائم :