متعة كرة القدم وقيمتها أنها لعبة لا تعرف التوقعات.. فعلي سطح المعمورة لم يكن فرد واحد يتوقع فوز سويسرا علي أسبانيا المرشح الأول للفوز بكأس العالم.. كل الناس كانوا ينتظرون فوز الماتادور وربما الشعب السويسري بالكامل لكن ما جري علي أرض الملعب كان مختلفا تماما ونجح الفريق الصغير جدا في قهر فريق عظيم أسعار لاعبيه تفوق500 مليون يورو.. وهذا لا يحدث إلا في لعبة كرة القدم ولعل هذا هو سر شعبيتها.. فمن المستحيل أن يتفوق أحد فجأة في لعبة مثل ألعاب القوي أو السلة أو اليد أو حتي الطائرة فهي ألعاب لها حساباتها وأرقامها وكذا السباحة أما في كرة القدم فليست لها مقاييس وليست لها أي حسابات مسبقة.. صحيح يوجد لاعبون ومدربون يمتلكون مهارات ويستطيعون صناعة الفارق لكن في النهاية تظل الأمور معلقة بأقدام اللاعبين وبمزاج الساحرة المستديرة.. وهذا يؤكد لنا أن هذه اللعبة ليس لها كبير ولا يوجد فيها جزم بنسبة مائة بالمائة بامكانية فوز فريق علي فريق أخر مهما كانت الفوارق.. كرة القدم ما أعظمك.. وألف مبروك لسويسرا. انتهت الجولة الأولي ولا نستطيع أن نجعله مقياسا للحكم علي مستوي أي فريق لأنه بمثابة ضربة البداية فليس كل من فاز صعد لدور ال16 وليس كل من خسر فقد الأمل.. نحن الآن دخلنا علي جولة اللعب من أجل الهدف.. جولة كشف الحقائق لأنها جولة لا تعرف التهريج أو الاستهتار لكن الجولة الأولي أظهرت لنا بعض الملامح منها أن الفريق الألماني هو الأفضل حاليا بين الكبار بامكانه الذهاب بعيدا في المونديال فهو فريق قوي ومنظم ولا يعرف التهاون أو التكاسل فيلعب. هو متقدم بهدف مثلما هو متقدم بالأربعة ولا يشبع من الأهداف.. فيما تعثر المنتخب الفرنسي والانجليزي ولم يقدم البرازيليون المستوي المنتظر وتألق أمامهم فريق كوريا الشمالية وهو فريق جاد محترم كاد يفقد نجوم السامبا تركيزهم لولا بعض الهفوات الدفاعية.. وشهد الدور الأول أفضل صدة لحارس هندوراس نويل فالاداريس عندما تصدي لرأسية بونسي لاعب تشيلي في الدقيقة64 وهو علي بعد أقل من ياردة من خط المرمي أما أفضل تسديدة لم تدخل الشباك فكانت من نصيب ستيفاني مبيا لاعب الكاميرون علي مرمي اليابان وارتدت من العارضة بشكل مذهل.. ولم يظهر النجوم السوبر حتي الآن مثل ميسي ورونالدو بالمستوي الذي يجعلهم يصنعون الفارق لفرقهم.. أما أفضل ما في البطولة حتي الآن بجانب الملاعب المبهرة فهم الحكام الذين يقدمون أفضل المستويات وأعتقد أن الفيفا نجح بامتياز في تجهيزهم لهذا الحدث بعد إعداد شاق لهم علي مدار العامين الماضيين واختارهم بمنتهي الدقة.