انهيار الثقة مؤشر خطير لأمور أكثر خطورة أظننا في حاجة للتوقف للبحث و التفكير كيف نخرج من هذه الأزمة. بدأت الحكاية عندما اعتدنا أن نستحضر حكاما أجانب للتحكيم في المباريات الكروية ذات الحساسية الخاصة كان هذا في أضيق الحدود, ثم بات الأمر معتادا حتي وصلنا إلي حد الكفر بحكام الكرة المصريين, هذه الصورة التي تبدو طريفة هي مريرة في حقيقتها, واقع بيننا نعيشه, ومن يدركه بات يعيشه بألم حقيقي, هذه الصورة المؤلمة حضرت إلي ذهني مع ما يحدث الآن في حالنا في مصر, فكما بدأنا نشكو من حكام الكرة, وصل بنا الأمر إلي الشك في كل ما يتعلق بحياتنا, أو من له صلة بإدارة حياتنا. عندما أعلن عن مقتل الشاب خالد سعيد في الإسكندرية بدأت حملة قوية عبر وسائط الاتصال الجديدة عبر الانترنت و التليفونات المحمولة, وتم تصدير القصة باعتبارها جريمة جديدة من الأمن ضد المواطنين المصريين, ووصل الأمر إلي حد ربطه بتجديد قانون الطوارئ' تشكيكا' في نوايا الحكومة التي جددت القانون لتقتل تحت مظلته المصريين. خرجت الشرطة بتأكيدات في أول الأمر علي أن الحادث لا يخرج عن كونه محاولة ضبط متهم ابتلع لفافة بانجو مات مختنقا بسببها, ولم يصدق الناس الحكاية, و شككوا في الرواية وراويها, وخرجت الداخلية بعدها ببيان تفصيلي حول الحادث, وروت تفاصيل بشهود اعتمدت عليهم في روايتها, ولم يصدق الناس وشككوا في الرواية وشككوا في الشهود, وظلوا علي حالهم من التشكيك, صرح أطباء الطب الشرعي بأن سبب الوفاة هو اسفكيا الخنق, فشكك الناس في الطب الشرعي, وتساءلوا استنكارا, هل يمكن للطب الشرعي أن يخالف رأي الداخلية, طالب النائب العام بتحويل القضية إلي نيابة الاستئناف لتحقيق آخر, فتساءل من يتساءل أيضا وهو مستنكر, وهل يعقل أن تخرج النيابة بنتيجة مخالفة للداخلية وللطب الشرعي. أود التأكيد هنا بداية أنني ضد أي تجاوز من أي طرف تجاه أي مواطن حتي لا يشكك في أنا أيضا بأنني تحالفت مع الداخلية والطب الشرعي ضد من لا يصدقون, القضية هنا ليست قضية الشاب القتيل التي ننتظر نتيجة التحقيق فيها, ولكن القضية هنا هي تلك الحالة من الشك التي باتت تسكن كثيرين منا تجاه الأجهزة والجهات التي ينبغي ألا تكون محل شك, القضية هنا عبر عن حقيقتها المؤلمة أحد الذين اقترحوا أن نأتي بأطباء محايدين للكشف علي الجثة, وأظن أن من طلب ذلك الطلب تردد لحظة أن يقول فلنأت بأطباء أجانب كالحكام الأجانب. انهيار الثقة مؤشر خطير لأمور أكثر خطورة أظننا في حاجة للتوقف للبحث و التفكير كيف نخرج من هذه الأزمة.