يبدو أن كلمة' الفوضي' تتجه إلي أن تحتل الموقع رقم واحد في كتابات عدد كبير من الصحف المصرية المستقلة, فمن الممكن أن يتم اكتشافها في العناوين مرتين في كل واحدة من تلك الصحف يوميا, سواء من خلال تحليلات مصرية تتحدث عن' علامات النهاية' وكأن الساعة قد اقتربت, أو دراسات مترجمة عن باحثين بسطاء من الأجانب, يتم تقديمهم علي أنهم علماء, يتوقعون أن تدخل مصر مرحلة من الفوضي, وهو نفس الاتجاه الذي بدأ علي المستوي السينمائي علي يد مخرجين يساريين, أصروا علي يقدموا تنبؤات عبقرية, بأنها' هي فوضي', وعندما سئلوا عن ذلك, قالوا أنه يحاولون فقط التحذير مما يمكن أن يحدث, والمصيبة هنا أننا ندخل أحيانا إلي ساحة التنبؤات التي يتمني صاحبها أن تتحقق, ليقول فقط في النهاية' لقد قلت لكم'. لقد كان من الممكن بسهولة شديدة اكتشاف أصول العبقرية في الطريقة التي يفكر بها البعض في الفوضي, فالمخرج المبدع خالد يوسف جعل ساحة توقع الفوضي لديه هي' العشوائيات', دون أن ينتبه للتعبير, فالعشوائيات هي في الحقيقة فوضي, لاتحتاج إلي مزيد من العشوائية لكي تصبح كذلك, وما يتصور هو أنه فوضي, هو حالة الهيجان التي تحدث في النهاية, بين الأمن والمتطرفين وتجار المخدرات, في مشهد يحتاج إلي تحليل نفسي, فليست هذه هي الفوضي, إذا كان يقصد ذلك, وليست هذه هي الأطراف التي تسبب الفوضي, ماعدا المتطرفين بالطبع, والذين تراجعوا عن تلك الأفكار التي قادت في وقت ما إلي العنف, مع ملاحظة أن العنف لم يخلق في مصر فوضي أبدا. إن الفوضي نظرية قديمة, ترتبط بها أسماء شهيرة مثل' باكونين', وتتعلق في النهاية بحركات عشوائية, تهدف إلي القيام بعملية تدميرية لمجرد التدمير, فلاتوجد في تلك الحالة أي ميول لطرح بدائل, أو تصور مستقبل, ولم يحدث في التاريخ أن سيطرت تلك الميول علي قطاعات كبيرة من البشر, أو علي توجهات الشعوب, فالثورات شئ مختلف, وقد انتهت تلك الحركات بصورة مأساوية, بين أشخاص يصعدون فوق أعمدة الإنارة ليربطوا أيديهم بها, وأشخاص يتجهون للفنون والموسيقي, التي عبرت عن حالة مثيرة من العشوائية, والفكرة بسيطة, فقد كان هناك طوال الوقت فوضويون, لكن الفوضي شيء آخر, فهي لاتحدث لسبب أقل من كارثة, بشرية أو طبيعية, وترتبط بشيء واحد, هو من يديرونها بأكثر ممن يثيرونها, أي قوة الحكومة المركزية, فهل أعيد ذلك ؟ قوة الحكومة المركزية. [email protected]