أكدت الشريعة الاسلامية أن لكل عبادة فرضها الله فلسفة خاصة بها, فالصوم تكمن فلسفته في الاحساس بالفقراء والمحتاجين والعطف عليهم وكذلك الحج تتضح فلسفته في التجمع الكبير للمسلمين في مكان واحد في وقت واحد, يعبدون ربا واحدا تنشق حناجرهم بالهتاف له رغبة في ثوابه ورهبة في عقابه. وحول فلسفة هذه العبادة السنوية كان هذا التحقيق يقول الدكتور إبراهيم شعيب أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أن فلسفة الحج تكمن في جمع المسلمين ليس تقديسا لأحجار وانما تقديسا للأوامر الالهية التي تأمر المسلمين بتقبيل الحجر الأسود ورجم حجر هو الشخص الذي يمثل ابليس كما أن فلسفة الحج أيضا تكمن في أن المرء الحاج يتذكر لحظة خروجه من بيته مجردا من ماله وجاهه وزوجه وولده مجردا من كل شيء ليقف بين يدي الله ليحاسبه علي ما أقترفته يداه كما يتذكر أيضا لحظة طوافه واندماجه الكلي مع جميع أجزاء الكون والذي يدقق في هذا العالم يجد أن الأرض تدور حول الشمس وأن الشمس تدور حول المجرة, والمجرة حول مجرة أكبر والتي تدور العرش أو الالكترونات والنيترونات تدور حول نواة الذرة, والمؤمن عندما يطوف بالبيت يكون مندمجا مع جميع أجزاء الكون المستمر في التسبيح وان من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم والانسان عندما يسعي من الصفا والمروة يتذكر قصة هاجر عليها السلام عندما انقطعت الاسباب فسعت بين الصفا والمروة علها تجد الماء وهي تبتهل إلي الله فإذا بسفير الوحي جبريل عليه السلام يضرب بجناحه الأرض تحت ولدها إسماعيل فيفض ماء زمزم وهذا معناه أن الانسان مهما انقطعت به الاسباب لابد وأن يتعلق قلبه بالمسبب الاعلي خالق الكون. ويقول الدكتور علوي أمين أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الحج أول مؤتمر عام يكون الهتاف فيه لرب الأرض والسماء ولا يملأ أذن السامع إلا طنينا ضخما من كل ناحية تلبية وتكبيرا وتقديسا وتمجيدا فالحناجر تنشق بالهتاف لله وحده طلبا لرضاه ورغبة في توبة ورهبة من عقابه مشيرا إلي أن الملك سبحانه وتعالي اختبر الناس بما يعقلون فسمعوا واطاعوا فاختبرهم بما لا يعقلون حتي يتبين له كيف يسمعون وكيف يطيعون, فأعمال الحج من يدركها يدرك أن الاسلام ليس دين أضغاث أحلام موضحا أن الطواف يعد ركنا من أركان الحج وله أربعة أسباب أولها أن هذا البيت أول بيت وضع للناس تتعبد من خلاله جميع الناس في أعماق القارات كلها فلم يبن قبله بيت للعبادة ومن حق هذا البيت الذي أقيم قلعة للتوحيد وملتقي للمؤمنين المخلصين أن يكون مكانا خاصا فمسجدا حددت معالمه ووضعت دعائمه وحدوده وأركانه منذ أن أقامه ابراهيم واسماعيل والناس يأتون إليه من كل فج عميق يطيرون إليه كما تطير الحمائم إلي أوكارها. ثانيها أن المسلم في مشارق الأرض ومغاربها يولون وجوههم شطر هذا المسجد في كل صلاة تقام في القارات ومن حقه الذي اتخد المسجد قبله لهم أن يبعثو كل عام المستطيع لكي يري قبلته ويحج إليها كما أن أمر القري أم حقيقته وكان المصلون حول الكعبة دائرة محدودة لكنها تتسع ولا تزال حتي تشمل الأرض كلها باعتباره تنظيما إلهيا وضعه الله ليوحد بين القلوب والصفوف. ثالثها: أن الأمة الإسلامية ولدت في التاريخ أثر دعوة مستجابة للأنبياء الذين وضعوا حجر الاساس في البيت العتيق قال تعالي واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم أنك أنت العزيز الحكيم فقوله ومن ذريتنا أنه مسلمة لك, وابعث فيهم رسولا اماما للخلق كلهم صاحب رسالة خاتمة لم تنسخ فمن حقنا ونبينا وتاريخنا ودعوة بناه البيت أن نزوره ورابعها: أن الله تعالي كرم الأمة العربية بالرسالة الخاتمة ويوضح الشيخ فكري اسماعيل ان فلسفة الحج تكمن في الدروس التي يجب أن يتعلمها الحاج وأولها التوكل والثقة في الله والإيمان بأن ما عنده أهم وأبقي يتذكر ما حدث بين هاجر وزوجها ابراهيم الذي تركها ورضيعها في هذا المكان الذي لا زرع فيه ولا حساء لتبدأ الرحلة بعد أن سألت زوجها الله أمرك بهذا؟ فقال لها نعم فقال إذا لن يضيعنا. فتبحث عن الماء من الصفا والمروة ويكون الاختبار حتي تكون قدوة يجب أن يقتدي بها الجميع ويعد لقاء الناس في عرفة بعد حضورهم من كل مكان شعثا غبرا لا تمييز بينهم فلا سلطان ولا أمير ولا تفاوت فملابسهم واحدة في مكان واحد يهتفون بلسان واحد لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير فيعد هذا اللقاء في هذا اليوم من مفاخر الاسلام حيث يحتشد الحجاج في لقاء جامع جب أن يستغل من جانب الرؤساء والملوك والقادة المسلمين لبحث مشاكل الأمة ووضع الحلول لها. رابط دائم :