منذ اندلاع ثورات الربيع العربي كانت روسيا تواجه موقفا غاية في الصعوبة في الشرق الاوسط حيث كانت غير قادرة علي وقف تدخل حلف شمال الأطلنطي (الناتو) عام 2011 في ليبيا بقيادة أمريكية والتي أطاحت بالرئيس الراحل معمر القذافي، كما واجهت انتقادات من قبل أصدقائها السابقين في العالم العربي نظرا لدعمها العسكري المستمر للرئيس السوري بشار الأسد، حتى بعد سقوط أكثر من 120 ألف قتيل في دمشق. وبعدما ظل الربيع العربي صداعا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشهور طويلة يحتفل الآن هو ووزير خارجيته سيرجي لافروف بالحصول علي افضل ما لديهم في الشرق الاوسط من خلال المبادرة الروسية التي تقضي بتسليم سوريا لاسلحتها الكيماوية بدلا من شن واشنطن الحرب علي دمشق. مبادرة موسكو كان لها فعل السحر من خلال تمتعها بالقبول لدي كل الاطراف وسط تأكيدات الامين العام للأمم المتحدة بوجود أدلة ساحقة علي وجود هجمات كيماوية في سوريا، كما سارعت الصحف الروسية بالمطالبة بحصول يوتين علي جائزة نوبل للسلام نظرا لجهوده الدبلوماسية التي اسفرت عن وقف آلة الحرب الامريكية في الشرق الاوسط الي جانب ظهوره المتفرد علي الساحة الدولية ونجاحه في تحقيق انفراجة في الأزمة المستعصية بالمنطقة. ويري المراقبون الروس أن الرفض الشعبي الامريكي لقرار أوباما بخوض حرب جديدة في الشرق الاوسط الي جانب رفض الكونجرس لهذا القرار أعطي بوتين الفرصة لإيجاد حل دبلوماسي أعاد الدور الروسي مرة أخري للمنطقة العربية. وقال فيودور لوكيانوف المحرر في مجلة الشئون العالمية الروسية أن الرئيس الامريكي يلفظ كلمات قوية لكن وجهه يقول ماذا أفعل؟ مشيرا الي ان النجاح الروسي سيكون في المقام الأول مظهر من مظاهر فشل الغرب في الشرق الاوسط. روسيا استفادت أيضا من الغضب في مصر تجاه الولاياتالمتحدة، حيث اتهمت الحكومة المدعومة من الجيش واشنطن بالتعاطف مع الإخوان المسلمين، وقد أشاد بعض المتظاهرين ببوتين كبديل للولايات المتحدةالامريكية في المنطقة. وفي لبنان و بنيت روسيا استراتيجية للعلاقات مع طائفة الروم الأرثوذكس في البلاد، والتي تربطها علاقات قوية بالكنيسة الأرثوذكسية الروسية حيث يحضر السفير الروسي الكسندر زاسبيكن بانتظام التجمعات السياسية والدينية الأرثوذكسية ببيروت مما جعل موسكو تكتسب قبولا كبيرا داخل لبنان أخيرا. ورغم علاقة القط والفأر بين واشنطنوموسكو أتاحت المبادرة الروسية هدفا مشتركا لكلا الجانبين والمتمثل في الحد من انتشار الأسلحة الكيميائية.