يأتي إهتمام الدول الصناعية المتقدمة بالتعليم الفني من منطلق الاقتناع بأنه الطريق الرئيسي نحو التنمية الحقيقية للمجتمعات, فهكذا انتهجت بولندا وألمانيا وفرنسا ودول النمور الأسيوية هذا النهج, الذي جعلها علي قمة الدول الصناعية في العالم, من خلال مشاركة القطاع الخاص ورجال الأعمال, وفي مصر كان مايحدث هو عكس ذلك, فتنبه رجال مخلصين لخطورة هذه النوعية من التعليم, الذي يطلقون عليه تعليم الفقراء من أجل تطويره وربطه بسوق العمل, خاصة في المحافظات المتميزة بإمكانيتها الصناعية والتعدينية, ولأن أسوان هي واحدة من المحافظات الواعدة, التي لم تستغل الإستغلال الأمثل بعد, وقعت المحافظة في عام2009 بروتوكولا للتعاون مع المشروع القومي لإصلاح التعليم الفني والتدريب المهني, وهو المشروع الذي يتولاه اللواء محمد هلال المدير التنفيذي للمشروع علي مستوي الجمهورية. واستمر العمل في محافظة أسوان عن طريق الشراكة المحلية, من خلال خطة التنمية الإقليمية للمحافظة وفي ضوء السياسة العامة للدولة, حتي30 يونيو2013, ولأن الرؤية الإستراتيجية للمشروع القومي الذي لايزال متواصلا علي مستوي الجمهورية حتي الأن, توجهت هذه الرؤية بقرار رسمي نحو نقل الشراكة التنفيذية المحلية لتكون تحت رعاية الجمعيات الأهلية ذات النفع العام, واختصت محافظة أسوان بأن تكون جمعية الشراكة المحلية للتدريب وتنمية المهارات المشهرة تحت رقم1285 في13 يناير2013 بأن تكون هي المسئولة عن كل مايتعلق بالشراكة المحلية إعتبارا من هذا التاريخ, وذلك بهدف استمرار الحفاظ علي ما حققته من نتائج مبهرة في المجتمع الصناعي والزراعي الأسواني, وعلي هذا الأساس قام اللواء مصطفي السيد محافظ أسوان السابق بإصدار القرار رقم76 لسنة2013 بتكليف الجمعية المشار إليها بتنفيذ مشروع التعليم المزدوج بأسوان والقيام بأعمال الشراكة. والأن وحرصا علي المصلحة العامة لأسوان, بإعتبارها كنزا من الموارد والصناعات التي لم تستغل بعد, يطالب العاملون والمهتمون بقضية التعليم الفني اللواء محمد هلال المدير التنفيذي للمشروع القومي لإصلاح التعليم الفني بإنشاء مراكز بحثية متخصصة في صناعتي الأسمدة وتكنولوجيا الصيد, وهما من أهم الصناعات التي تقود التنمية محليا وقوميا, وذلك علي غرار مركزي بحوث البلاستيك والورق اللذان أسستهما الشراكة القطاعية للصناعات الكيماوية بالقاهرة, كما طالبوا اللواء مصطفي يسري محافظ أسوان الحالي يمراجعة جميع القرارات التي أصدرها المحافظ السابق اللواء إسماعيل عطية, والتي تتعلق بما وصفوه بإعاقة عمل الشراكة المحلية بالمحافظة. ويقول الدكتور صلاح مندور المدير التنفيذي للشراكة المحلية: إن الشراكة استهدفت المشاركة والتعاون مع الدولة, من خلال الدعم الفني للإتحاد الأوروبي لمواجهة غول البطالة التي وصلت نسبتها في أسوان إلي نحو30% بين الشباب, وكذا تطوير برامج تطوير التعليم الفني وتطبيق نموذج التعليم المزدوج الذي يتيح للطالب للتدريب العملي في المنشأت الإنتاجية والخدمية المشاركة, بالإضافة لوضع رؤية استراتيجية لرفع كفاءة العمالة وربط مناهج التعليم باحتياجات سوق العمل, وأضاف مندور قائلا أنه فوجيء بحرب ضد الشراكة المحلية إعتقادا من البعض بأنها تمتلك الملايين من المنح الدولية, علي الرغم من أن دورها هو علمي وبحثي وتدريبي, ولاتتلقي أي دعم مادي من المحافظة أو الجهات المستفيدة, بل علي العكس من ذلك فهي التي تتحمل كافة أعباء التدريب مركزيا من الشراكات القطاعية المتخصصة. وأوضح الدكتور صلاح مندور بأن السعي نحو تطوير التعليم الفني وربطه بسوق العمل, كان هدفا قوميا لتحقيق نهضة صناعية تتناسب مع إمكانيات المحافظة, وقال أنه وعلي الرغم من أن أسوان تحتل المركز السادس عشر علي مستوي الجمهورية من حيث المنشأت الصناعية, إلا أن الشراكة المحلية قفزت بها إلي المركز السادس من خلال رفع القدرة التنافسية للعمالة. وطالب مندور من محافظ أسوان الحالي بلدعم المتواصل للشراكة من أجل استمرارها في العمل التنموي, والتدخل لوقف ما ينتهجه بعض المغرضين لإعاقة هذا النجاح بدون سبب. وأشار الدكتور هشام جمال رئيس جمعية الشراكة المحلية إلي الإنجازات التي حققتها الشراكة المحلية بالمحافظة ومنها تدريب وتوظيف452 عاملا و36 مشرفا في قطاع التشيد والبناء, وتدريب203 عاملا فنيا استعدادا لاحتياجات مصنع اليوريا من العمالة بشركة كيما, إحدي القلاع الصناعية الكيماوية في مصر, كما تم تدريب63 فتاة بقطاع الملابس الجاهزة بمركز نصر النوبة, و37 مدرس فندقي, و61 بائع بالبازارات السياحية, والإشراف علي13 فصلا دراسيا بالتعليم المزدوج, وكذا تلبية احتياجات قطاع المحاجر ومصانع الجرانيت والرخام. وأشار جمال إلي أن القيمة المضافة للمعدلات السريعة للنمو بعد تطبيق سياسات الشراكة المحلية قد قفزت قفزة هائلة, جعلت من أسوان مثالا يحتذي به في تطبيق هذا البرنامج. وأبدي أبو علم حسين عضو مجلس إدارة جمعية الشراكة المحلية بأسوان دهشته من الهجوم غير المبرر علي عمل الشراكة من بعض موظفي المحافظة, الذين كان يجب عليهم دعم الشراكة والتنبه لعملهم بتنمية الاستثمار وتشجيع إقامة المصانع الجاذبة للعمالة والاستفادة من قدرات الدعم الفني الأوروبي للشراكة, بدلا من أسلوب حرب النجاح الذي ينتهجونه, وقال أن أعضاء الشراكة سيستمرون في عملهم بإعتبارهم أبناءا لمحافظة أسوان, ولايسعون إلا للإرتقاء بها, فمن غير المعقول أن تعيق البيروقراطية والروتين الحكومي أعمال التنمية, في ظل محافظة تمتلك من الإمكانيات الهائلة التي تؤهلها لكي تكون المحافظة الأولي في مصر صناعيا وزراعيا وتعدينا وسياحيا, وهو الأمر الذي لن يتحقق إلامن خلال تطوير التعليم الفني, الذي توليه الدول المتقدمة كل الإهتمام, ولذلك والكلام علي لسانه تسعي حكومة مصر الأن ومن بينها الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم, الذي سبق وأن قام بالمشاركة في صياغة منهجا جديدا للتعليم الفني في تخصص فني تشغيل مصانع كيمائية, وهو تخصص تحتاجه مصانع السكر ولب الورق وأسمدة كيما والفوسفات في أسوان, لتحقيق هذا الهدف الذي لن يكلف الدولة كثيرا. فهل يتدخل اللواء مصطفي يسري محافظ أسوان لوقف هذا العبث الذي يحول البعض النيل من خلاله بمشروع الشراكة المحلية.