يري العديد من المراقبين أن الأزمة في مصر وضعت الرئيس الأمريكي باراك أوباما في موقف خطير علي الرغم من أن الولاياتالمتحدة معروفة تاريخيا بدعمها وترويجها لشعارات الديمقراطية والشفافية وقد لعبت أمريكا ورؤسائها دورا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط وحاولوا البقاء علي الجانب الصحيح وتجلي هذا الدور في وساطة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن والتي تكللت بمعاهدة السلام. ورأت مجلة تايم الأمريكية أن بعد إعلان إدارة أوباما تعليق المساعدات العسكرية لمصر بشكل رسمي وفقا لما أكده السناتور يباتريك ليهي رئيس اللجنة الفرعية للاعتمادات الخارجية في موقع الديلي بيست حيث اتفق كبار المشرعين الأمريكيين علي ضرورة التعليق المؤقت لمعظم المساعدات العسكرية لمصر, ستواجه واشنطن عواقب سلبية وأضرارالا حصر لها منها ترك الملعب لدول أخري لملء ذلك الدور وأبرزها روسيا والصين ودول الخليج وأوضح جون والترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدراسات الدولية أنه إذا كان أوباما يحاول تغيير مسار الجيش المصري فهو خاطئ لأن تلك المساعدات ليست بلا مقابل فالولاياتالمتحدةالأمريكية تمنح تلك المساعدات لاستخدامها قناة السويس ولديها حقوق التحليق الذي يعطي الجيش الأمريكي القدرة علي التحليق فوق مجال مصر الجوي في الطريق إلي قواعدها في المنطقة وخاصة في دول الخليج, ووفقا لصحيفة هافنجتون بوست الأمريكية فإن قطع المساعدات لن ينجز الكثير حيث يقول الخبراء إن دعم المملكة العربية السعودية لمصر وغيرها من الدول سوف يجعل المساعدات الأمريكية مجرد أضحوكة, وهذا ما أكده إيزوبيل كولمان المحلل في مجلس العلاقات الخارجية حيث قال إذا كان أوباما يأمل في استخدام المساعدات كوسيلة ضغط للتأثير علي الجيش فإن الإستراتيجية الأمريكية هنا ليست واضحة ومريبة حيث أن الولاياتالمتحدة تخاطر بعلاقاتها مع الأردن والسعودية والإمارات والكويت تلك الدول النفطية التي تدعم وبقوة الجيش المصري بالإضافة إلي التأثير علي شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية والعاملين بها وأهمها شركة لوكهيد مارتن التي تربح جراء تصنيع الأسلحة للمساعدات لمصر حوالي259 مليون دولار وشركة دي أر أس للتكنولوجيا والتي تربح65.7 مليون دولار, وشركة أل3 كومينكيشن أوشن سيستميز والتي تربح31.3 مليون دولار, وشركة ديلويت لونسليتنج والتي تربح28.1 مليون دولار, وشركة بوينج والتي تربح22.8 مليون دولار, وشركة رايثيون والتي تربح31.6 مليون دولار, وشركة أوجستا وستلاند والتي تربح17.3 مليون دولار, وشركة يو أس موتور وركز والتي تربح14.5 مليون دولار, وشركة جوود ريتش كورب والتي تربح10.8 مليون دولار وكولومبيا جروب والتي تربح10.6 مليون دولار. ومن جانبها رأت مجلة ذي نيويوركر أن قرارات أوباما تتزامن علي خلفية محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل والصراع في سوريا وتصاعد العنف في العراق وهو يواجه الكثير من التحديات الداخلية والمعارضة من الشعب الأمريكي لدعمه لنظام الإخوان في مصر وأن ما يقوم به أوباما له عواقب بعيدة المدي في منطقة الشرق الأوسط بأكملها وسوف يؤثر علي محادثات السلام العربية الإسرائيلية وسوف يؤثر علي هيبة أمريكا ونفوذها في نزاعات دولية رئيسية. ونقلت الصحيفة عن جوزيف ناي المحلل في كلية كينيدي في جامعة هارفارد والذي رأي أن رؤساء أمريكا علي مدي تاريخها انقسموا الي معسكرين فمنهم قادة التحول مثل وودرو ويلسون ورونالد ريجان الذي انتهجوا رؤية لنشر الديمقراطية والحرية ومنهم البراجماتيين مثل دوايت ايزنهاور وجورج بوش حيث أشار ناي أن أوباما كثيرا ما يتحدث وكأنه زعيم التحويلية ولكن يتصرف مثل بوش و أوباما الآن ينتهج أسلوب الهروب من الواقع في مصر وسوريا ودول أخري في الشرق الأوسط وليس لديه موقف متماسك تجاه المنطقة فهو يعتمد نهج عملي نفعي موضحا أن إدانة المجتمع الغربي للتطورات الأخيرة في مصر يثير تساؤلات خطيرة حول ما إذا كان قادة العالم يسحبون مصر إلي حرب طائفية بدعمهم لجماعة الإخوان في مصر.