بات من الواضح أن سبب تخلف المشروع الحضاري للإسلام يكمن في الأشخاص وليس في الإسلام كمنهج حياة وهذا يعود بالدرجة الأولي إلي أخذ المسلمين بالمظهر دون الجوهر علي عكس المعيار الذي يعاير به المسلم نفسه. وفي نفس الوقت يعود إلي عدم فهم المسلمين لحقيقة دينهم في إقتناء العلم والمعرفة والبحث عن التقدم والتقنية, وأن قوتهم في وحدتهم وليس في تفرقهم, وهذا الأثر السلبي يعود إلي الاستغراق في البحث عن متاع الدنيا القليل وليس كما فعل نبيهم فنحن نفتقد إلي القدوة الأخلاقية والقدوة السلوكية التي تصنع النموذج وتستطيع أن تحرك المياه الراكدة في بحيرة الإسلام الشاسعة التي تشمل الكرة الأرضية كلها من أجل عرض الإسلام بشكل نموذجي فعال وممنهج بعيدا عن الشخصية والأهواء الشخصية أخذين في الاعتبار السلوك القويم الذي يدعو إليه والأخذ في الاعتبار خيارات الناس فقط نقدم الحقائق للناس فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. ومن أجل ذلك فإن تركيزنا بالدرجة الأولي ينصب علي الفرد المسلم الذي به يمكن أن يقيم أسرة من خلال المعيار الذي ارتضيناه في بداية المقال والذي ينبثق من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وليس من مناهج الأفراد والجماعات للحد من انتشار هذا المرض بل واستئصاله من النفوس التي ألفت عليه والقلوب التي مالت إليه حتي ولو شابته شائبة الشك أو الشرك وعدم الإخلاص والجري وراء مناهج الأشخاص والدخول إلي المنطقة المحظورة في الإسلام والمتمثلة في تقديس الأشخاص والوصول إلي الشرك بالله. لهذا لا يمكن علاج هؤلاء المرضي الذي تحول عندهم مرض الحديث بإسم الإسلام إلي إقصاء للآخر لأنه يعتقد أنه يملك الحقيقة فكيف له أن يعود إلي جادة الطريق وأن يراجع الواحد منهم نفسه ويستوعب أفكاره ويحتوي كل أخطائه ويقيسها علي المعيار بإخلاص وتجرد وحسن نية حتي يخرج من قلبه كل الغبار الذي حدث له ثم يعيد ملئه من جديد بالأصلين في منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة ثم يعيد دراسة أوضاعه بحيث يستمر في تنمية قدراته المادية والمعنوية فلا يقبل منهج ولا حديث إلا بعد تنقيته من الخبث ومعايرته لهذا المنهج النبوي حتي يسير في طريق الفلاح وإذا تحدث معه أحد عن منهج فلان أو علان يجب عليه أن يشير بإيمان وصحة في العقيدة إلي منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة. والتفكير في ترك مناهج البشر وتقديس أصحابها بالرغم من إدعاءاتها الكاذبة علي أنها تتبني المشروع الإسلامي علي غير الحقيقة والواقع إذا عايرته علي المعيار والعودة إلي منهج النبوة هو في الحقيقة بداية الشفاء من سائر الأمراض الكفيلة بتدمير الأفراد والجماعات والأمم سواء أكانت مادية أو معنوية والتي أتي الإسلامي كي يخلص الأفراد والجماعات منها من كذب وصلف وغرور وكبرياء واتباع الهوي وعدم الإنصات إلي صوت العقل والأنانية والانتهازية وعدم مراجعة النفس أو الإصرار علي الخطأ وغيرها من الأمراض القاتلة التي أتي الإسلام لعلاجها وتنظيف قلب الانسان وعقله من شرورها وتخليصه من أدرانها فإذا بها أمراض مستعصية ومستفحلة ومتأصلة في قلوب وعقول الكثير من المسلمين وهذا أمر في منتهي الغرابة والعجب. ومن هنا نجد أن مسئولية تطبيق المشروع الإسلامي ونجاحه من عدمه لا يعتمد علي فرد أو جمعية أو جماعة أو جبهة إنما هو مسئولية الأمة كلها كي تعيش في أمن وأمان ورخاء مع نفسها ومع جيرانها شريطة أن تنبثق من منهج القرآن ومنهج النبوة وليس من مناهج أفراد أو جماعات وإلا سيكون مصيره الفشل الذريع, ومن ثم يتحول القاتل إلي حافظ علي حياة الناس ومانع من إراقة الدماء ويتحول من الدعوة إلي العنف والإكراه إلي الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. وليس هذا بمستغرب فالعديد من دول العالم طبقت المشروع الإسلامي في عدله وحريته في العمل والانتاج فوجدته السبيل الوحيد لتحقيق التقدم والازدهار فنجحت في نجاحا منقطع النظير أما نحن فمن يريد تطبيق المشروع الإسلامي يرفع يافطة مظهرية خالية من الجوهر والمضمون كالجسد دون روحه, وإذا حاولت أن تبحث في ثنايا هذه اليافظة تجدها خاوية الوفاض حتي من الإسلام نفسه عند هؤلاء الناس وإذا قلت لهم إن هذا لا يعبر عن المشروع الإسلامي توعدوك بالويل والثبور وعظائم الأمور والخراب والدمار والعنف والدم. أستاذ بكلية الطب رابط دائم :