مما لاشك فيه أن العالم يشهد الآن ثورة معلوماتية وتكنولوجية هائلة كما تشهد الدول المتقدمة والتي تسعي للتقدم سباقا رهيبا في توظيف معطيات هذه الثورة في جميع مجالات الحياة وخاصة في مجال التعليم والبحث العلمي. ورغم هذا التطور المعرفي المتلاحق والرهيب الذي تشهده الألفية الثالثة إلا أن منظومة التعليم في مصر مازالت تعمل بأنماط القرن الثامن عشر وتدار بفكر العصور الوسطي.. ومن نماذج الخلل في منظومة التعليم المصري الآن تلك المدارس المستحدثة في أواخر القرن العشرين والمعروفة بمدارس الفصل الواحد أو التعليم المجتمعي فيما بعد وهي مدارس ابتدائية تقام في القري المحرومة من التعليم وتعمل في فصل واحد وتنقسم إلي مستويين حيث يضم المستوي الأول الصفوف: الأول والثاني والثالث الابتدائي, ويضم المستوي الثاني الصفوف: الرابع والخامس والسادس الابتدائي. ومن ثم وبحكم موقعي القيادي في منظومة التعليم بمحافظة كفر الشيخ علي مدي إثني عشر عاما ومن خلال الدراسات والأبحاث الميدانية التي أجريتها علي مدارس المحافظة فإن هذه المدارس مليئة بالسلبيات التي تتمثل بإيجاز شديد فيما يلي: (1) إن40% من مدارس الفصل الواحد تقع في قري بها مدارس ابتدائية بل إن بعضها يعمل داخل المدارس الإبتدائية نفسها. (2) إن30% من هذه المدارس ليس بها دراسات كما أن متوسط عدد الدراسات في باقي المدارس أقل من خمس دراسات. (3) إن معظم معلمات الفصل الواحد غير متخصصات. (4) إن نظام التدريس بهذه المدارس نظام فاشل حيث تقوم معلمة واحدة بتدريس جميع مناهج المستوي الواحد في وقت واحد علما بأن مناهج المستوي الثاني تحتاج إلي معلمات متخصصات في كل منهج علي حدة. (5) إن هذا المدارس محرومة من الأنشطة ومن استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في العملية التعليمية. (6) إن نسبة النجاح في الصف السادس في هذه المدارس لاتتعدي5%, ومن ثم أصبحت هذه المدارس تمثل منبعا أساسيا من منابع الأمية. (7) إن عدد العاملين في هذه المدارس علي مستوي محافظة كفر الشيخ فقط يزيد عن500 موظف بالإضافة إلي هيئات الإشراف والتوجيه الفني مما يمثل عبئا ماليا وإداريا علي الدولة وبلا منتج جيد. وفي ضوء تلك السلبيات يبرز سؤال هام جدا: لماذا لاتحول هذه المدارس إلي فصول لرياض الأطفال التي تشهد حاليا إقبالا شديدا علي أن يتم إلحاق الدارسات بالمدارس الإبتدائية التي أصبحت تغطي أكثر من90% من القري والنجوع كما يستعان بمعلمات هذه المدارس في فصول رياض الأطفال أو في مراحل التعليم الأخري كل في مجال تخصصها؟ اللهم بلغت.. اللهم فاشهد