ليس غريبا أن يؤم الرئيس المرسي الصلاة وفي حضور النبي( عليه أفضل الصلاة والسلام) كما ادعت رعيته وبالتالي فنحن أمام حكم ثيوقراطي حتمي صار تجسيدا لسلطة القائم علي أمور الجماعة كسلطان إلهي أيا كان مسماه كمفوض لسلطة الإله/ النص والتي تشكل جوهر السلطة السياسية العليا, وبها تصبح القوانين المدنية الواجبة التطبيق التي تسعي الجماعة لتسييدها هي تعبيرا عن القوانين الإلهية ويصير رجال الدين من أهل الجماعة الحاكمة فقط وكما يوصفون حفظة كتاب الله هم الخبراء بتلك القوانين الإلهية وتتمثل فيهم سلطة الله وبالتالي تبقي هذه السلطة ورجالها من أهل الجماعة فقط خارج النقد والمراجعة, ويكون لزاما علي الآخرين القيام بواجبات السمع والطاعة ولتصير بآلياتها وشروطها المقدسة كما تدعي القانون الذي يحتم تواجد كل ما حاوله بناء عليه هو فقط وتتحدد به كل الظروف كقوة فوقية تتنافي مع الحرية الذاتية في الفعل والامتناع عن الفعل كحق للإنسان في إثبات ذاته المتفردة وجوهر وجوده وفكره بما لديه من عقل له الحرية والإرادة والاستقلال في امتلاك واختيار مصيره, وقلب له حرية الإحساس واختيار عواطفه الإنسانية والتعبير عن إبداعه الإنساني بقوة حريته ورفض القسر الخارجي والقهر السلطوي ليصير الفعل الإنساني كما قال الغزالي: ما يصدر عن الإرادة حقيقة, بينما الفاعل من يصدر عنه الفعل مع الإرادة للفعل علي سبيل الاختيار, ومع العلم يالمراد وكما فسر هذه العبارة الراحل الفليسوف زكريا إبراهيم بما يعني حرية الاختيار القائمة علي الإرادة المطلقة وحرية الاستقلال الذاتي بعد تدبر وروية. ثم هي مع ثيوقراطيتها تصير نظاما ديكتاتوريا في أن واحد بكونها مصدرا لكل السلطات وبكونها القانون الواحد, رافضة مبدأ الفصل بين السلطات كمبدأ داخل في صميم الحرية ذاتها وكوسيلة دفاع ضد شتي ضروب الاستغلال والتعدي علي القانون والمساواة وبالتالي ضد التعدي علي الحرية الإنسانية كما رأي مونتسكيو, لتصير الممارسة بكل أنواعها لصالح الجماعة والفصيل والرعية مرتكزة علي تنظيمها الهرمي التراتبي المتنوع والمتعدد والمتداخل الآليات والفاعليات بداية من مؤسسة الإرشاد والحوزات والمشايخ الدينية والتنظيم الأمني والتنظيم العسكري والحرس الثوري والتنظيم الاقتصادي والتنظيم الاجتماعي... إلي أخر الآليات الديكتاتورية التي تستهدف الاستحواذ وممارسة سلطانها وهي ترتكن إلي مجندين ووكلاء من الرعية يرتبطون بها أفقيا وعموديا وبصلاحيات واسعة تستهدف التحكم في العام والخاص ومن خلال أيديولجيتها التي تقبع خارج التاريخ ولتشكل نسقا خارجا عن المجتمع بما يحمله المجتمع من أنشطة وتفاعلات إنسانية و تحمل في جوهره نمطا جامدا يأخذ شكل فكرة ثابتة تعتمد النسق المقدس الذي تدعيه وحدعا وبمفردها ولا سبيل للاجتهاد الذي دعا إليه النص القرآني ذاته, فيها, ويصعب تغيرها حتي وإن توفرت الأدلة علي خطأها ويرتكز علي مجموعة من التعميات المتحيزة والمبالغة فيها والتي قسمت المجتمع إلي أنماط بشرية جامدة وعلي سبيل المثال: علماني كافر ليبرالي مسيحي, وفي المقابل إسلامي ومؤمن حافظ كتاب الله مسلم, حتي صار هذا النوع من المماراسات بما يمثله من أنماط سلوكية مستمرة بقوة دوافعها الموسومة بالقداسة والتي تميزت بالجمود والسلوك القهري نوعا واضحا للرسوخ الشاذ لجماعات مرجعية منعزلة, ساهمت بقوة في تهديد استقرار النظام الاجتماعي وضرب التضامن بين أفراده والولوج به نحو التفكك بما تدفعه من تنافر القيم السائدة بينها وبين أغلبية فئات المجتمع المختلفة وأنماط السلوك الناتجة عنها مما دفع إلي حالة من السخط الواسعة النطاق وخاصة بعد الوصول للسلطة كما في النموذج المصري وحاولتها تسييد نسقها وجماعتها حيث اعتقدت هذه الجماعات أنها تستطيع أن تمتلك القوة والقدرة التامة في السيطرة علي النشاطات السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والقدرة علي التحكم في مسار التاريخ بل وفي قدرتها الفوقبة المستمدة من الإله والمدعومة منه كما تدعي السيطرة علي الحراك الاجتماعي وحاولت بقوة وجودها في السلطة أن تنقل الرعية علي مستوي الحراك الاجتماعي الرأسي من مركز اجتماعي إلي مركز اجتماعي أعلي ومن طبقة دنيا إلي طبقة أعلي وكذلك علي مستوي الحراك الأفقي من مركز لآخر بهدف التمكين للجماعة والأمثلة في الحالة المصرية خطيرة وكثيرة ممن اعتلوا وظائف ومناصب عليا وهم غير مؤهلين علميا وبدون أية خبرة تخصصية لذلك وامتدت السيطرة إلي مؤسسات المجتمع كافة, الساسية والتعليمية والدينية والاقتصادية والصناعية العامة والخاصة بالإجبار علي المشاركة في رأسمال مشروعاتها وحركتها الداخلية والخارجية, وكما في اعتقادها ورغبتها ومخططاتها تحقيق القدرة علي السيطرة علي الشعب وأفراده بل والقدرة علي الضغط عليهم ورقابتهم للحصول علي طاعتهم والتدخل في حرياتهم وتوجيه جهودهم إلي نواح معينة, لا تستهدف فقط تحقيق مصالح الجماعة بل المصالح الرأسمالية للطبقة العليا المتحكمة في فاعلياتها وعلي حساب الوطن ودولة المواطنة مستخدمة نسقها الديني كراية ترويع وخداع, وكطريق لممارسات الإقصاء والقمع بمختلف وسائله وأنواعه السياسية والاقتصادية والبوليسية والعسكرية والدينية والتي تصل إلي حد تكفير المعارضين وتخوينهم,( كما وصف البعض منهم الرئيس المؤقت عدلي منصور بأنه يهودي من الطائفة السبتية) وذلك من منطلق امتلاكهم كما يدعون الحق الآلهي وتمثيلهم له علي الأرض وتوقيع الجزاء التكفيري علي المذنب( واقعة اغتيال الرئيس السادات نموذجا اعتلي فيه القتلة القائمين علي الجزاء التكفيري منصة احتفال ذكري يوم انتصاره علي العدو الصهيويني بعد وصول الجماعة إلي الحكم) و تحولت دور العبادة والمؤسسات الدينية إلي منابر تأييد الجماعة وسلطة نظامها القائم بدلا من تقويمة, مما أفقد دور العبادة دورها الأساسي في دعم الجانب الديني لدي الفرد, وساعد علي بث روح الكراهية والفرقة بين أبناء الوطن الواحد, ووصولا لإعلان العمالة المباشرة والصريحة المتمثلة في تصريحات وتهديدات القيادي الإخواني البلتاجي عن استمرار العمليات الإرهابية في سيناء ضد الحيش المصري, حتي سيطر تيارها المسمي بالإسلامي علي معظم مفاصل الدولة التشريعية, التنفيذية, ومن خلال الإعلان الدستوري الذي أعطي للرئيس مرسي كل الصلاحيات صانعا فرعون جديد. وبالانفراد بكتابة الدستور المصري بعد الثورة:- إصدار دستور غير متوافق وطنيا مع جموع الشعب المصري, مما أدي لإفتقاد التوافق نهائيا, وزيادة حالة الإستقطاب في الشارع المصري, لأنه لا يعبر عن تنوع83 مليون مصري, وتزوير الاستفتاء عليه, بالإضافة إلي سن قوانين وتشريعات مقدمة من جماعة الاخوان من خلال مجلس شوري باطل لم ينتخبه إلا5% من الشعب المصري وإستخدام سياسة القمع والقهر والإقصاء للمعارضة وتخوينها المتعمد والتي تعاملت بها لسلطة القائمة مع المعارضين و المفكرين, والصحفيين, ومن خلال ملاحقة الإعلامين المعارضين للنظام قانونيا إلي النيابة العامة أو من خلال قرارات غلق القنوات الفضائية لإتجاهاتها المعارضة وقمع الحركات السياسية المعارضة والناشطين حيث وصلت قضايا الرأي لأعلي معدلاتها في خلال سنة أكثر من100 قضية, وتزايد عدد المعتقلين السياسين. والتعدي علي سلطة القضاء في مصر وأبرز مثال لذلك حصار المحكمة الدستورية العليا من قبل مؤيدي الرئيس والذي يعتبر إهانة للسلطة القضائية باكملها لم يشهد التاريخ مثلها من قبل, مستغلة في ذلك سقوط النخبة المثقفة وتغييبها وضعف القوي السياسية والحزبية الهشة والقائمة علي مبادئ واهية بلاهوية محددة فتتعددت الاتجاهات السياسية داخل الحزب الواحد وتعددت معها الانقسامات والولاءات بين الأعضاء وازداد التسارع علي الرئاسات والمناصب الأفقية والرأسية بداخلها وعلي الظهور الأعلامي ثم تمويل مالي شبه معدوم ومتعدد المداخل والمصادر غير شعبي ولا يعبر قناعة سياسية. وللحديث بقية