"يا سلامة بالسلامة"، "التعيين التعيين.. إحنا دكاترة مش جاهلين" "تعيين بالكوسة باطل"، "ماجستير ودكتوراة وأوائل.. حقنا هنفضل وراه"، "مظلومين مظلومين ولحد العيد معتصمين" تلك هى بعض شعارات المعتصمين بأكاديمية البحث العلمى بشارع قصر العينى والمستمرين فى اعتصامهم منذ عشرين يوما. "بوابة الأهرام" قضت يوما مع المعتصمين فى محاولة لرصد كل ما يحدث فى أكاديمية البحث العلمى والتى أعلنت منذ عدة أيام عن توقف نشاطها بسبب تمركز المعتصمين فى قاعة المؤتمرات الرئيسية بالأكاديمية. "قاعة مليئة بالكراسى، تكييف ضعيف، معاناة عند النوم لارتفاع درجة الحرارة، شد أعصاب، حالات إضراب عن الطعام، مناقشات جدلية ولكن بصورة حضارية، كل ذلك بالإضافة إلى جو من الروح والدفء يملأ المكان لدرجة أن من يتركه يشعر بغربة". فهذا هو الشعور الذى قد ينتابك عند دخول قاعة المعتصمين منذ ثلاثة أسابيع من جميع محافظات الجمهورية، داخل قاعة المؤتمرات الرئيسية بأكاديمية البحث العلمى، سواء من حملة الماجستير والدكتوراة أو من أوائل خريجى الجامعات (دفعات 2003 حتى 2010). على الرغم من أن الاعتصام "مش بالساهل"، إلا أنهم يمتلكون إرادة وإصرارا على عرض حقوقهم، حتى إذا قوبل كل ذلك بتجاهل من قبل المسئولين. على بوابة الأكاديمية، إذا كنت من المعتصمين، فعليك ترك بطاقة الرقم القومى الخاصة بك قبل دخولك، وتسجيل اسمك فى الدفتر، أما إذا كنت من الزائرين العاديين فلن تمر بكل هذه الإجراءات وسيكتفى أمن الأكاديمية بسؤالك "إلى أين أنت ذاهب؟". وهو ما تم معنا بالفعل عند دخولنا الأكاديمية. قبل سرد تفاصيل يوميات المعتصمين، من حقك كقارئ أن تعرف مطالبهم، ونترك لك الحكم، المعتصمون مجموعتان؛ المجموعة الأولى مكونة من 2500 من الحاصلين على الماجستير أو الدكتوراة، سعوا مرارا للتقدم فى مسابقات الالتحاق بالجامعات الحكومية أو المعاهد البحثية، بما يتوافق مع تخصصاتهم، إلا أنهم فشلوا فى تحقيق ذلك، بعضهم يعمل بمهن حرة بسيطة كعامل فنى مما يعد إهدارا للعقول والخبرات العلمية التى تحتاجها مصر خلال الفترة القادمة، أما المجموعة الثانية فهم 200 من ممثلى أوائل الخريجين بالجامعات والمعاهد تم تجاهلهم فى التعيينات بالجامعات أو المراكز البحثية، على الرغم من قرار وزارة التعليم العالى والبحث العلمى والتكنولوجيا الذى يقضى بتعيين 20 من كل دفعة من أوائل الخريجين (دفعات 2003-2010) من جميع الكليات على مستوى الجمهورية. ويبلغ عددهم وفقا للتصريحات الحكومية الرسمية ما يقارب 43 ألفا، وهو الرقم الذى أكدوا أنه مبالغ فيه لتضمنه للمعينيين كمعيدين وكل المسجلين للماجستير والدكتوراة، بمختلف الجامعات على مستوى الجمهورية وليس رقم المتبقين للتعيين وأوضحوا أن حقيقة هذا الرقم أنه جاء بناء على قرار وزارة التعليم العالى والبحث العلمى والتكنولوجيا الذى يقضى بتعيين 20 من كل دفعة من أوائل الخريجين (دفعات 2003-2010) من جميع الكليات على مستوى الجمهورية وهو ما يساوى الرقم الذى أعلنته الوزارة. ويعترض هؤلاء الأوائل على عدم وجود شريحة خاصة بتعيين عدد منهم كمعيدين وليس فى وظائف إدارية، ويرون أن هذه الشريحة لن يتخطى عددها 10 آلاف شخص، وهو الأمر الذى يرون أن ليس مستحيلا، وليس مبالغا فيه. هؤلاء الخريجون لم يجدوا فى أنفسهم سوى الرغبة فى التدريس واستكمال دراساتهم العليا، ولكن دون وجود تشجيع من جانب الجهات المعنية المختصة، فقرروا أن يأتوا للأكاديمية التى شعروا بأنها المكان الوحيد الذى سيحتويهم ويحل مشكلتهم، ويشعرون الآن بأنه بيتهم الثانى بعد أن ارتبطوا بالمكان بعد المدة التى قضوها داخله. عند دخولك القاعة "الاعتصام" تجدها مقسمة لثلاثة أقسام، جزء خاص بالمعتصمين من حملة الماجستير والدكتوراة، وجزء خاص بأوائل الخريجين، أما الجزء الثالث والأخير فهو خاص بالبنات المعتصمات فى مكان مغطى أشبه بالخيمة للفصل عن باقى القاعة. وعلى الرغم من وجود متحدث باسم كل فريق من المعتصمين، إلا أن الوضع يختلف بعض الشىء داخل القاعة، وهو ما تتأكد منه عند مقابلة الدكتور شحاتة الشيخ أستاذ الفلسفة الإسلامية والمتحدث الرسمى باسم مجموعة المعتصمين من حملة الماجستير والدكتوراة، حيث يتعامل مع كل من هو بالقاعة بروح الأخ والصديق، ويعالج المشكلات بهدوء محاولا إرضاء جميع الأطراف، فضلا عن الدور الأكبر الذى يقوم به فى مفاوضة المسئولين من أجل إيجاد حل مناسب للمشاكل التى اعتصموا من أجلها. يوم المعتصمين يبدأ فى تمام التاسعة صباحا، يتجمعون لتناول وجبة الإفطار معا، وتأكيد خطة عمل اليوم. ثم يأتى وقت التظاهر، الساعة العاشرة، حيث يصعد المعتصمون لترديد الهتافات أمام مكتبى الدكتور عمرو عزت سلامة وزير التعليم العالى والبحث العلمى والتكنولوجيا، والدكتور ماجد مصطفى الشربينى رئيس أكاديمية البحث العلمى. "النهاردة يوم سعيد وسلامة فى الحديد"، "يا سلامة قول لعصام، مش هنفض الاعتصام"، "يا سلامة بينا وبينك ثأر كبير.. بكرة ناخده فى التحرير"، "الكرامة الكرامة مش هنرضى بالمهانة"، "يا للعار ويا للعار، بيعاملونا باستهتار"، "يا طنطاوى يا مشير، إرحمنا من ده وزير"، "لف ودور ولف ودور، عمرو سلامة عليه الدور"، "الحزب الوطنى وفلول الوطنى.. باطل" ويستمر الهتاف على مدار ساعتين داخل مبنى الأكاديمية، ثم ينتقل التظاهر لشارع قصر العينى أمام بوابة وزارة التعليم العالى، حيث يقوم المعتصمون بتعليق اللافتات فيما يقف موظفو أكاديمية البحث العلمى ما بين متضامن معهم معنويا ومتذمر من الاعتصام يريد أن يغادر المعتصمون المكان كى تعود الأوضاع إلى سابق عهدها بالوزارة. حاولنا لقاء الدكتور عمرو عزت سلامة وزير التعليم العالى والبحث العلمى لسؤاله إذا كانت هناك أى إجراءات ستتخذ لحل مشكلة المعتصمين، إلا أنه تم إخبارنا بأنه غادر مكتبه قبل صعود المعتصمين للهتاف امام مكتبه، كما قمنا بالاتصال بالدكتور ماجد الشربينى رئيس أكاديمية البحث العلمى، إلا أن هاتفه كان مغلقا، كما طلبنا من مدير مكتبه تحديد موعد لمقابلته، إلا أنه أخبرنا بأنه خارج البلاد وسيعود مطلع الأسبوع المقبل. فى الساعة الواحدة ظهرا، بدأ الاجتماع اليومى لكل المعتصمين من أوائل الخريجين وحملة الماجستير والدكتوراة، وحضرنا الاجتماع معهم بعد موافقة المتحدث الرسمى الدكتور شحاتة، حيث تمت خلال الاجتماع، قراءة المرسوم القانونى الذى أعدته اللجنة القانونية الخاصة بالمعتصمين والمكونة من 9 أساتذة فى القانون على رأسهم المحامى نبيه الوحش، ثم قاموا بمتابعة أهم الأخبار الواردة حول تعيينات فى الجامعات، والأخبار الخاصة بميدان التحرير، والتعديل الوزارى المرتقب، وكل التطورات السياسية التى تلحق بالوطن. تبقى حقيقة تعلو كل شيء عندهم وهي أنه من المؤكد أن المعتصمين على موقفهم حتى تستجيب الدولة لمطالبهم.