تسبب قرار جهاز التعمير بدمياط، بإزالة جميع الأراضي والعقارات ب "عزبة الصيادين" في حالة من القلق والاستياء والخوف، وهو المكان الذي يعيش فيه الصيادين منذ أكثر من 80 عاما، وهي منطقة متنوعة تستخدم في الزراعة وصيد الأسماك. وعزبة "6" تقع بجوار ميناء دمياط، بالقرب من شاطئ البحر الأبيض، وهي مكونة من 200 منزل، وأراضي وبحيرات وحفر مائية، يستخدمونها في الصيد ويعيش فيها الأهالي ولا يعرفون مكانا أخر للعيش فيه، بعد تلقيهم إنذارات بإخلاء هذه الأراضي تمهيدًا لهدمها. محمود الزند من أهالي العزبة، يؤكد أنه في هذه الأرض منذ 60 عاماً، منذ أن كانت أرض بور، إلى أن أصبحت بستان به جميع الفواكه من جوافة ومانجو ونخيل، وقبل إنشاء جهاز التعمير.. متسائلاً لماذا يريدون أخذ هذه الأراضي الآن بعد أن استصلحناها وقمنا بزراعتها؟ مشيرًا إلى أن الصيادين لن يسمحوا بإزالة شجرة واحدة من مكانها، قائلا: "حتى لو تم تقطيعي أنا شخصياً فأنا قمت بتقنين أرضي، من وضع اليد إلى تمليك وذلك حسب القانون، وقمت بدفع المال المطلوب، ولكنى لم أحصل على عقد، وذهبت للوزارة عدة مرات، ولكن دون فائدة ودون أن أحصل علي عقدي". ويكمل "الزند": أحد الموظفين قال لنا: "لا يجرؤ أي وزير أن يعطيكم عقدكم في هذه الظروف" فأنا الآن لا أملك سوي وصل بالمبلغ المدفوع، وجهاز تعمير دمياط يستغل هذه النقطة، ويضغط علينا بها". "نحن غلابه لا نملك شيئا سوي هذه الأرض.. ولا نملك 450 ألف جنيه كى نحصل على شقه".. هكذا لخص أحمد البلاموني -أحد أهالي العزبة- الحال. يقول البلاموني: "حتى لو تم توفير شقة في مكان آخر ليس لها فائدة، فأنا رجل فلاح ولا أستطيع أن أعمل في مهنة أخرى، فحتي لو تم توفير شقة، فلن يكون لنا مصدر رزق، فجميع من في هذه العزبة لا يعرفون شيئا سوي الزراعة والصيد". ويكشف البلامونى سبب إصرار جهاز التعمير إزالة منازل العزبة، قائلا "يريدون أن يزيلوا أرضنا لينشئوا قرية سياحية يستفاد بها الآخرون، ونحن ليس لنا مأوى آخر نُطرد في الشوارع، هذه الأرض كانت أرض بور، كنا نعمل فيها ليلا و نهارًا بأيدينا بما يسمي (الطنبور) لتجف الأرض، و نستطيع زرعها أي شيء يكون لنا مصدر رزق، الآن بعد أن أصبحت بستانا وطرحت يريدون أخذها منا، ورغم ذلك فنحن مستعدون لدفع أي شيء للدولة بصورة شهرية كإيجار للمكان، أو مبلغ مالي لشراء الأرض، فنحن نرضي بجميع الحلول إلا أن يخرجنا أحد من أرضنا". "إحنا زهقنا كلام مع المسئولين، كل يوم نكلم "نائب"، ولكن لا حياة لمن تنادي، ننتخب النواب علي أمل أن يحلوا مشكلتنا، ولكن بمجرد نجاحهم لا أحد يعرفنا".. كان هذا رأى محسن لطفي "صياد" الذي قال "هذه العزبة نعيش فيها منذ قديم الزمن، منذ أن وُلدنا وولد الآباء والأجداد، ونحن من أنشأ كل هذه البيوت، واستصلحنا الأراضي، ونحن من أدخل إلي هذه العزبة المرافق، ولم نكلف الدولة شيئاً، ونحن من سعي لإدخال الكهرباء والمياه، وبالفعل تم توصيل الكهرباء والمياه بالممارسة، وندفع كل شهر المستحقات، ونحصل على إيصالات. ويكمل "نحن هنا من عام 1950، لا يعلم أحد شيئاً عنا، وكنا نذهب في الصباح نصطاد الأسماك نبيعها ونَنام، هذه حياتنا، والآن الدولة تري أن حتي هذه الحياه البسيطة كثيرة علينا، لقد كلمنا النائب محمد الحصي، عضو مجلس النواب، وهو أيضا نائب رئيس جهاز التعمير بدمياط، ووعدنا بحل المشكلة، وكتب بخط يده مذكرة لوزير الزراعة، قائلا "أرض العزبة وضع يد، وتحت حظر الجهاز ونطالب بتقنين أو تعويض أو مكان بديل". ويوضح "لطفي.. هذه الشكوى مضرة لنا أكثر من نفعها، لأننا لن نستطيع العيش في مكان آخر، فنحن صيادون، وهُنا أرضنا وحياتنا، ونحن نعيش هنا من قبل توصيل الكهرباء، وأولادنا متعلمون ويشغلون أعلي المناصب، من دكاترة ومحامين ومهندسين، وكل هذا في هذه الأرض، التي عشنا عليها على لمبة الجاز، نحن في هذه الأرض منذ أن كنا نحفر بجوار ترعة، في محاولة مننا لشرب مياه نظيفة، كنا لا نريد أن نشرب من الترعة مثل الحمير، فكل ما نطلبه هو تقنين هذه الأراضي، لا نريد أن نطرد من أرضنا". سامية عبده البلامونى، من أهالي القرية، قالت ل"بوابة الأهرام".. "لا نستطيع أن نكمل حياتنا وحياة أولادنا والخوف يسيطر علينا، وأولادنا لو خرجوا من هنا هيتشردوا وهيصبح منهم البلطجي والحرامي، لأنهم لا يعرفون سوي هذه الأرض، وكان فين الدولة عندما كانت هذه الأرض صحراء، وكنا نعيش وسط "الديابة"، ونسهر علي أولادنا خوفاً عليهم منها، والأن بعد أن رضينا بحياتنا وتأقلمنا علي العيش في هذه الأرض نطرد منها.. ولما البرتقالة اتقشرت، الكل عايز منها حته".. علي حد قولها. وتكمل.. "جهاز التعمير يريد طردنا من أراضينا لأنها أرض الدولة هو برضه مش من أبناء الدولة! بالإضافة إلى أن جهاز التعمير جاء الينا منذ 10 سنوات، ووضع سور حولنا حتى لا نتخطى هذه الأرض، و نحن الي الآن لم نتخطاها، فكل فرد في بيته وفي مكانه عاش، لكن فجأة الجهاز قرر هدم هذه البيوت بحجة أن هذه المنطقة منطقة مميزة. وبسؤال علي حكيم الزمان، 80 سنة، من أهالي العزبة، روى ل"بوابة الأهرام": "نحن استلمنا هذه الأرض منذ عام 1956، أنشأتها الشركة العربية، وسلمتها للإصلاح الزراعي ونحن استلمناها من عبد الناصر، والإصلاح الزراعي قام بعمل ترعة ومشروع فقط لاغير، ونحن قمنا بالباقي، زرعنا بالفؤوس وجففنا الأرض بالطنابير، وسهرنا الليالي علي هذه الأرض، إلي أن تم استصلاح الأرض وزراعتها، فجأة بعد 60 عاماً أعلنوا الحظر علي الأرض، وتحت مسمي الحظر قام جهاز التعمير بإزالة الأراضي المزروعة والبور في كفر البطيخ، ومنذ 2010 ونحن في قضية مع جهاز التعمير في الإصلاح الزراعي، وإلي الآن ونحن نرسل فاكسات وشكاوى لإنقاذ أرضنا التي تربينا فيها، ولكن لا جدوى"، ويضيف "فلسطين محتلة من إسرائيل ونحن هنا في عزبة "6" محتلين من رأس المال ورجال الأعمال". بالفيديو.. أهالي عزبة "6" بدمياط يستغيثون: "عمرنا الأرض وجهاز التعمير عاوز ياخدها على الجاهز" .