انتخابات مجلس النواب 2025.. انضباط - تنظيم ومشاركة شعبية منذ اللحظة الأولى    مسيرة لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب بقنا | صور    مدير تعليم القاهرة تشهد طابور الصباح وتتابع سير اليوم الدراسي    مواقيت الصلوات الخمس اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 في محافظة السويس    الاثنين 10 نوفمبر 2025.. أسعار الذهب تقفز 100 جنيه وعيار 21 يسجل 5435 جنيها    محافظ الإسكندرية يتابع سير انتخابات مجلس النواب في يومها الأول    وزير النقل الإيطالي: نتعاون مع مصر لدعم مسار التجارة إلى أوروبا    معلومات الوزراء: المهارات المطلوبة لسوق العمل تتغير بوتيرة غير مسبوقة    العراقيون يتوجهون غدا لصناديق الاقتراع لانتخاب الدورة السادسة للبرلمان العراقي    استشهاد فلسطينيين في قصف طائرة مسيرة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي شرق خان يونس    بعد فضيحة تحريف خطاب ترامب.. دعوة لتعزيز الإشراف على المعايير التحريرية في بي بي سي    ترامب يستقبل أحمد الشرع في أول زيارة رسمية لرئيس سوري لواشنطن منذ 1946    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    رضا عبدالعال: حسام وابراهيم حسن "خلصوا" على ناصر ماهر    الزمالك يترقب القرار الرسمي من فيفا لإيقاف القيد بسبب قضية ساسي    القبض على بائع بتهمة قتل صاحب محل بحلوان    تأجيل محاكمة «المتهمان» بقتل تاجر ذهب برشيد لجلسة 16 ديسمبر    «أمن المنافذ»: ضبط 3551 مخالفة مرورية وتنفيذ 247 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    كشف ملابسات قيام شخصين بسرقة دراجة نارية من أمام أحد المقاهى بالقليوبية    حرائق غامضة تثير الذعر بين أهالي قرية عقلة القبلية في كفر الشيخ    الثقافة تحتفل باليوم العالمى للطفولة بفعاليات متنوعة تحت شعار أبناؤنا فى متاحفنا    «القوس» هيقع في الحب وتحذير ل«السرطان» من قرارات مالية.. توقعات الأبراج لهذا الأسبوع    نفى رسمي: لا يوجد حريق في المتحف المصري الكبير    إعلام الوزراء: انخفاض نسبة المدخنين في مصر إلى 14.2% العام الماضي    الرعاية الصحية تواصل التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب بمحافظات التأمين الصحي الشامل    ارتفاع معدل التضخم في المدن المصرية إلى 12.5% خلال أكتوبر    1105 مستوطنين يقتحمون باحات الأقصى واعتقال 20 فلسطينيا من مدن الضفة الغربية    مباريات مثيرة في كأس العالم للناشئين اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    تطورات الحالة الصحية للفنان محمد صبحي بعد تعرضه لوعكة صحية    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "السلم والثعبان - لعب عيال" بحضور صناع العمل    انتخابات النواب 2025.. شلاتين تشارك في العرس الديمقراطي وتحتشد أمام اللجان| صور    غرق مركب صيد أمام سواحل محافظة بورسعيد وإنقاذ صيادين    وزارة الصحة تنفذ تدريبًا مكثفًا لتعزيز خدمات برنامج «الشباك الواحد» لمرضى الإدمان والفيروسات    حالة الطقس .. البلاد على موعد مع انخفاض حاد فى حرارة الجو بعد 48 ساعة    التعليم: تغيير موعد امتحانات شهر نوفمبر في 13 محافظة بسبب انتخابات مجلس النواب    إطلاق منصات رقمية لتطوير مديرية الشباب والرياضة في دمياط    «الله أعلم باللي جواه».. شوبير يعلق على رفض زيزو مصافحة نائب رئيس الزمالك    كيف مرر الشيوخ الأمريكى تشريعاً لتمويل الحكومة؟.. 8 ديمقراطيين صوتوا لإنهاء الإغلاق    تعزيز الشراكة الاستراتيجية تتصدر المباحثات المصرية الروسية اليوم بالقاهرة    انطلاق التصويت في أسوان وسط إقبال ملحوظ على لجان انتخابات مجلس النواب 2025    عائلات زكي رستم وشكوكو وسيد زيان يكشفون أسرارا جديدة عن حياة الراحلين (تفاصيل)    لماذا استعان محمد رمضان بكرفان في عزاء والده؟ اعرف التفاصيل .. فيديو وصور    بعد ارتفاع الأوقية.. قفزة في أسعار الذهب محلياً خلال تعاملات الاثنين    الاثنين 10 نوفمبر 2025.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب 20 مليار جنيه    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    بدء التصويت بالداخل في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    نتنياهو يفرض عقوبات صارمة على وزراء حكومته بسبب الغياب والتأخر المتكرر    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التمرد والحرية في ديوان أشرف فيّاض "التعليمات بالدّاخل".. مقال ل"عمر شبانة"
نشر في بوابة الأهرام يوم 12 - 12 - 2015

للشعر عوالمه التي تظل علاقتها بالواقع ملتبسة، كما هي علاقة الواقع مع كل من الحلم والخيال وحتى الجنون.
ففي الشعر لا مجال للحديث بعقلانية، ولا مجال للتفسيرات العلمية، ولا للتأويلات الدينية أو الفلسفية، حيث خيال الشاعر وأحلامه هي التي تصوغ رؤيته للعالم. فرؤية الشاعر تقوم أساسًا على حلمه بحياة أجمل وأفضل، لذا فهي تسعى إلى "الهدم" من أجل "إعادة البناء"، وعلى أسس جديدة مركزها ثلاثيّة "الحبّ والخير والجمال".
ومن هنا، من هذه الأسس للبناء، التي تعتمد الحبّ والحريّة والتمرّد وهموم الوطن والإنسان، من جهة، والاستغلال والقهر والقمع والكبت، من جهة مقابلة، وهي أبرز الثيمات التي تشغل الحيز الأساس في ديوان الفلسطيني أشرف فيّاض "التعليمات بالدّاخل".
من هنا، تنطلق شاعرية أشرف و"شِعريّته"، كما تظهران في قصائد هذا الديوان، من رؤية جديدة إلى العالم بمكوّناته، بدءًا من الكائنات الحيّة، البشر والشجر والطبيعة عمومًا، وصولًا إلى أحدث منتجات العلم والتقنية، مرورًا بما تنطوي عليه هذه المكوّنات من علاقات، انبثاقًا من رؤية خارجة على المألوف والسائد، وربّما رؤية تسعى إلى "الخدش" حينا، والهدم حينا آخر، حيال صور الخراب والموت التي يشهدها العالم اليوم.
الديوان (الصادر عن دار الفارابي، بيروت، 2007، 214 صفحة)، يضمّ عددا كبيرا من القطع متفاوتة الحجم، تتوزّع على عناوين رئيسة، في تجربة تبدأ ب"حيّز من الفراغ"، وتنتهي بما يسمّيه "استنتاجات"، وما بينهما، يلتقط الشاعر خلالها (التجربة) صورا وتفاصيل من حياتنا، ومن خلال مشاهداته وانطباعاته من الحياة عموما، وما يعانيه الإنسان من الحروب وطغيان القيم المادية اللاإنسانية في مجمل الحياة السائدة، على مستوى الفرد والجماعات.
لكن الشاعر يختار أسلوبه الخاص، البسيط والمباشر حينا، ضمن تقشّف شديد في البلاغة، والصور السرياليّة حينا آخر، للتعبير عن رؤيته النابعة من الألم أساسا للتجربة.
وانطلاقا من إنسانيته أوّلا، ومن فلسطينيّته أخيرا، يجوب الشاعر في حقول من "ألغام" الهوية" الكونيّة. فمن منطلق إنسانيّته، يرسم لنا فيّاض صورا من التجاوز على إنسانية الإنسان وحريّته في العيش والتعبير. ومن منطلق فلسطينيته يستحضر صورا من الحنين إلى وطنه المفقود. وهو في الحالين ينطلق من حالة هي خارج التصنيفات الضيقة أو العنصرية، كما أنّها لا تنتمي إلا إلى الحياة في أرقى تجليّاتها، ولتعزيز المبادئ أو أخلاقيات البشر الطبيعية، في مواجهة "قوى الشرّ" التي تفسد الحياة البشرية والطبيعية.
الديوان الذي هو قيد المحاكمة، إلى حدود صدور حكم الإعدام بحق صاحبه، هو محاولة لأن يقول ما يرى، والتفاصيل أكثر من أن يتم الإلمام بها، غير أن الرؤية الكلية والجوهرية لنصوص هذا الكتاب تتمركز حول رفض السائد بكل صوره، رفض صور الانتهاك التي تجتاح عالمنا..
فمن صورة "الهواء ملوّث.. وحاويات القمامة كذلك/ وروحك منذ أن امتزجت بالكربون/ وقلبك منذ إغلاق الأوردة/ ورفضه منح الجنسية/ للدم العائد من رأسك"، ينقلنا كما لو بعين سينمائيّة إلى مشاهد من البؤس تحيل إلى ما أصاب روح الإنسان من انهيارات ونهايات مأساويّة للبشر.. حيث الإنسان "لا يملك ما يكفي ليواسيه أمام نوائب هذاالدهر"، وحيث "الماء لا يصلحُ لريّ الأزهار".
وفي محاولة للتغلغل في جذور هذه الرؤية المتشائمة، نقف مع أشرف وهو يعلن في ما يشبه اليأس، فينص بعنوان "عاشق مأجور"، نرى كيف يختزل حالة هذا الإنسان الفرد، فهو يختصر ويكثّف أحوال الفلسطينيّ خصوصا، والمنفيّين عموما حين يقول "تحت أنقاض الأيام المغموسة بالقسوة../ أشعر بدوارٍ منفرط الهذيان المتحلّق حولي/ أبحث عن وطن أعشقه أو يعشقني/ عن بيت يؤويك لسبايا حرب لم تحمل أوزارا/ نسقف غير سماء ملّتْ من أن تستر عورة تاريخي.."، وحيث الإنسان يصرخ أيضا معلنا عن بدايات رؤيته هذه "منذ نعومة أفكاري/ وأنا أتمرّسُ أن أعشق../ لم أتوقف يوما عن تعليب القلب../ وحفظ الأشعار مبرّدة كي تبقى جاهزة للنظم إذااحتجت إليها". فنحن هنا حيال عالم تهيمن عليه روح التصنيع والتعليب، الروح المنافية للحياة الطبيعية للإنسان.
ثمة هذا العزف على ثنائية الوطن/ المنفى، والوطن/ الغربة أو الاغتراب، سواء كان منفى إجباريا أم اختياريا، فرديا أم جماعيا، ففي ما يرى الشاعر ويعتقد في نص بعنوان "قوانين الوطن الثلاثة" أن "كل وطن آمن.. أو في حرب مستمرة.. يظل في القلب ما لم تؤثر عليه غربة من الذات"، هذا أولا، فيما ينص القانون الثاني على أن "الغربة المؤثرة في روح لا كتلة لها تتناسب طرديا مع هذيانك.. مع وهم الاستقرار.."، بينما يؤكد القانون الثالث على أن "لكل فقدان وجود مفترض". وبهذه الثلاثية الجامعة، يتجسد الوطن في صورة من صور الاكتمال التي هي مثال للإنسان الطبيعي.
وعلى سبيل المزج بين الواقعيّ والحلميّ، لكن بقدر من السخرية، نرى من الأعراض الناجمة عن الغربة والمنفى أنها تؤدي إلى "تضخّم في الهذيان/ إفراط في الأرق.."، ونرى الشاعر في رؤية أخيرة وهو يعلن بقدر عالٍ من التفاؤل "أتقن الهطول على حبّات الرمل/ لكي أصنع منها نُصبا للإنسان.."، وأن المطر اختاره أن يحيا "قلبا يتسع لشتّى أعراق الإنسان".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.