دائما تأتي المحن بالمنح، ولتظهر معادن الشعوب وقدرتها علي العمل، والإنتاج وتوقف الاحتجاجات، لإنقاذ اقتصاد ليست ثورتهم سببًا في ترديه، بل نظام قام علي سياسة "سمك.. لبن.. تمر هندي". نظام استخدم السوق الحر لبيع موارد الوطن بتراب الفلوس، والخصخصة لإهدار رأس المال الاجتماعي، بخروج جزء كبير من قوة العمل المدربة لتجد طريقها في التيارات السلفية والجلوس علي المقاهي. وللوقوف علي الأزمة الحالية، ومحاولة الخروج منها وضع رجال الأعمال روشتة إنقاذ اتفقوا جميعهم علي عنوانها، ليكون "سرعة عودة الأمن العام.. الاستقرار السياسي.. الشفافية.. رؤية سياسية واضحة". نبيل الشيمي وكيل وزارة الصناعة والتجارة الأسبق يقول إن اقتصاد أي بلد بعد الثورة يتعرض لهزات نتيجة الاحتجاجات الفئوية والانفلات الأمني وتوقف الوحدات الإنتاجية عن العمل بكامل طاقتها مثلما حدث في الثورة الفرنسية وغيرها، مؤكدا تردي الأوضاع الاقتصادية قبل الثورة بسبب السياسات التي كانت تتبعها الحكومة والتي كانت ستظهر بشكل لا محالة منه وللخروج من عنق الزجاجة، لابد من التوجه للصناعات الثقيلة، والتحويلية التي تتوفر معها فرص عمالة كبيرة، والتي عجزت عن تحقيقها الصناعات الاستهلاكية السائدة من قبل، مشيرا إلي ضرورة إعادة النظر في القواعد التي تسمح بتصدير مواد أولية وخامات تزيد من القيمة المضافة حال تصنيعها محليا فضلا عن ضخ استثمارات جديدة في الشركات التي مازالت مملوكة للدولة للقيام بعملية إحلال وتجديد وكذلك تحسين أداء تحصيل الرسوم الجمركية والضرب بيد من حديد علي كل من يثبت تواطؤه مع المستوردين. أحمد الوكيل رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية: يؤكد تخوف جميع المستثمرين تقريبا من الدخول في الاستثمار المصري، وعدم ثقتهم في تدوير عجلة الإنتاج داخل البلاد، بسبب عدم الاستقرار الأمني، فضلا عن أخطاء المسئولين التي تسببت في خروج بعض المشروعات الكبرى واتهامها بالاستيلاء علي المال العام وإهداره، مشيرا إلي توقف قطاع الاستثمار العقاري بنسبة 80%، والذي يعمل به أكثر من مليوني عامل وتتزايد نسبة البطالة بتوقفه نظرا لاحتوائه علي معظم العمالة الموسمية. ولخص الوكيل معالجة الوضع الحالي بالإعلان بشفافية عن سياسة الدولة، وتوجيه طاقات الشباب في الإنتاج، وعقد العديد من المؤتمرات حول وضع الاقتصاد المصري إلي جانب تبني جميع وسائل الإعلام مسئولية ملفات الإصلاح الاقتصادي لما لها من تأثير قوي علي الشارع المصري وأيضا توعية المواطنين بمدى خطورة الموقف الاقتصادي في ظل الأوضاع المتردية حاليا. المهندس محمد حنفي مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات يشدد على أنه لابد من التوقف عن استيراد السلع "الاستفزازية" وقصرها علي الضرورية، مشيرا إلي استثمار الوضع الحالي من عجز فى الميزان التجاري بتطبيق الاستثناءات الواردة بجميع الاتفاقيات لتقييد الواردات بكل الطرق. ويطالب حنفي بسرعة الحسم فيما يتعلق برجال الأعمال المحبوسين علي ذمة قضايا مالية وليست جنائية نظرا لمساهمة استثمارات أجنبية بشركاتهم إلي جانب توفير تأمين قانوني جيد ضد الملاحقة لتعاود القطاعات نشاطها وعندما يمر الوضع الاقتصادي بظروف استثنائية فلابد أن تكون حلوله غير تقليدية، كذلك يعرض حنفي أسلوبا جديدا فيما يخص الصناعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تخصيص المساعدات الأمريكية لإنشاء بنك خاص بالصناعات الصغيرة والمتوسطة يقوم بإنشاء وحدات صناعية في جميع القطاعات يتم التعامل عليها بنظام حق انتفاع قابل للتحويل لنظام التملك في حالة النجاح مثلما يتم في ايطاليا ويطلق عليها نظام "الحضانات". على موسي رئيس مجلس الأعمال المصري الفرنسي سابقا يرى ضرورة التصالح بالحلول السلمية وإنهاء كل ما يتعلق بالمشاكل الاقتصادية لدفع حركة الإنتاج والحفاظ علي المتبقي من الاقتصاد القومي للحد من انهياره، مطالباً الحكومة بضرورة التخلي عن فكرة أنها حكومة تسيير أعمال حتى تتحقق نتائج مرضية وتتوقف معها الأيدي المرتعشة للبنوك. وقال موسي: لابد من تكثيف الجهود لتدعيم العلاقات التجارية مع كل دول العالم، والالتزام بالاتفاقيات التجارية والعقود المبرمة مع المستثمرين الأجانب حتى تعود الاستثمارات الخارجية للبلاد فضلا عن تدعيم المنتجات المصرية لتلقى قبول لدي الأسواق الخارجية. تمثل ثورة 25 يناير فرصة ذهبية لإعادة بناء اقتصاد قادر علي تحقيق أهدافه وطموحات شعبه علي حد قول طارق توفيق عضو المجلس التصديري للصناعات الغذائية مشيرا إلي أن الاقتصاد الجيد لا يمكن أن يتحقق دون نظام سياسي قوي فهما وجهان لعملةٍ واحدة وللخروج من هذه الأزمة يقول توفيق: لابد من وجود إصلاح سياسي وتشريعي وتعديل العديد من القوانين الاقتصادية التي تعوق قيام الاستثمار إلي جانب إلغاء فكرة الفرز والتجنيب المطبقة من قبل النظام السابق وعمل تصالح مجتمعي بشكل عام " لأن المركب واحده"، مشيرا إلي سيادة القانون وتطبيقه علي الجميع إلي جانب ووجود آلية تضمن شفافية تخصيص الأراضي الصناعية والعقارية.