ليس المقصود من تلك الحملة ضرب السياحة فى شرم الشيخ فقط، بل ضرب السياحة فى مصر بالكامل».. تلك العبارة التى قالتها سائحة روسية شابة فور وصولها مطار شرم الشيخ الدولى وكانت بمنزلة الوصف الأمثل للهجمة الشرسة التى تتعرض لها مدينة شرم الشيخ منذ وقوع حادث سقوط إحدى الطائرات الروسية بوسط سيناء بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ الدولى. فبمجرد سقوط الطائرة ووقوع الحادث بدأت بورصة التصريحات والتكهنات والتحليلات دون انتظار نتائج التحقيقات التى تجريها جهات متعددة تعهدت بإعلانها بشفافية فور الانتهاء منها. ولأن المتربصين بمصر فى الداخل والخارج لا يطيقون صبرا حتى إعلان نتائج تلك التحقيقات , فقد أداروا آلتهم الإعلامية المأجورة والمدعومة بالأموال المشبوهة المدفوعة نحو هدم أعمدة اقتصاد الدولة المصرية، وعلى رأسها السياحة. «الأهرام» توجهت إلى مدينة «السلام» للتحدث إلى السياح للوقوف على حقيقة الأوضاع ونقل صورة حقيقية من أرض الواقع، وكانت المفاجأة هى أنه رغم كل تلك التحذيرات والتخويف وقرارات منع وتعليق الرحلات السياحية إلى شرم الشيخ التى اتخذها عدد من الدول الأوروبية، استقبل مطار شرم الشيخ الدولى على مدى اليومين الماضيين أكثر من 80 طائرة تقل وفودا سياحية من جنسيات مختلفة، على متنها آلاف السائحين. وبالرغم من وجود تخوفات بين العاملين فى مجال السياحة بالمدينة بسبب تلك القرارات فإن التفاؤل لا يزال سيد الموقف، وأكدوا أن مدينة شرم الشيخ هى أهم مدينة سياحية فى مصر والمنطقة وأنها ستظل تحتل تلك المكانة مهما كانت الضغوط و التحديات ، وأن استهدافها بهذه الطريقة ليس الأول ولن يكون الأخير، وأن كل محاولات تخويف «الأجانب» من الذهاب إليها فشلت فى الماضى ولن تفلح فى المستقبل. وسط حفاوة وترحيب كبيرين يواصل مطار شرم الشيخ الدولى استقبال السائحين من الجنسيات المختلفة، وهو ما لقى ردة فعل ايجابية لدى السائحين الروس الذين اظهروا سعادتهم وفرحتهم الغامرة بزيارة مصر والتمتع بمعالم شرم الشيخ السياحية الفريدة من نوعها على مستوى شواطئ العالم، وهو ما أكده السائح «يفجينى جريجورى»، الذى عبر عن بالغ امتنانه للسلطات المصرية، التى يسرت إجراءات دخولهم إلى المطار، حتى مقر إقامته فى أحد الفنادق الكبرى، ووصف قرار بلاده بتعليق الرحلات السياحية الى مصر بأنه «ليس جادا» وقال ان روسيا ومصر تجمعهما صداقة ممتدة لا يمكن أن تعكرها أى شائعات أو ضغوط . على أنغام أغنية «بشرة خير» قضى عدد كبير من السياح ليلتهم أمس الأول فى منطقة خليج نعمة حيث ظلوا يتراقصون ويقضون أوقاتهم السعيدة وسط حالة من الشعور بالأمان والطمأنينة، وقالت السائحة الروسية «أكسينيا» انها أتت إلى شرم الشيخ بالأمس برفقة صديقتها للاستمتاع لمدة أسبوع، وأكدت أن حادث سقوط الطائرة هو قضاء وقدر ومن الممكن أن يحدث فى أى دولة فى العالم وأنها سعيدة بأنها تقضى الإجازة فى مدينة شرم الشيخ. فيما قالت السائحة الروسية « ناتالى بوكوفا» وبرفقتها زوجها وطفلاها انها تزور شرم الشيخ الآن، وقد سبق لها زيارة الأقصر والقاهرة ، فى رحلة سابقة ، ولن يمنعها أى عائق من العودة مجددا إلى مصر، وستكون سعيدة جدا حال زيارتها مصر مرة أخرى. فيما قالت « اوليجا بيكروف» أن حادث الطائرة طبيعى ويمكن ان يحدث فى اى مكان ، لكن يجب ان نستمر ونستمتع بكل لحظة من حياتنا خاصة ان مصر فى هذا الوقت من العام تتمتع بالشمس وشواطئها الجميلة. شهد مطار شرم الشيخ الدولى مشادة بين سائحة انجليزية والسفير البريطانى فى مصر، وذلك عندما حضر السفير البريطانى إلى المطار لتفقد حركة مغادرة السائحين الانجليز حتى فوجئ بالسائحة تصرخ فيه قائلة: «ما هى المشكلة؟.. أريد أن أعرف لماذا نحن موجودون هنا.. نحن نريد استكمال إجازتنا ولا نريد أن نغادر الآن» وطالبته السائحة بالإفصاح عن سبب اتخاذ هذا القرار قبل الانتهاء من التحقيقات أو الإفصاح بما لديه من معلومات إن كان يملكها، وظل السفير صامتا لم يرد على السائحة حتى انصرف من أمامها وسط صراخها المستمر. أكد طارق فتحى مدير منطقة «سوهو سكوير» السياحية فى خليج القرش، إن الوضع الأمنى فى مدينة شرم الشيخ مستقر تماما والعالم كله يشهد بذلك ، وأكبر دليل على استقرار الأوضاع ، المؤتمرات الدولية الضخمة ، التى تنعقد فى المدينة بشكل مستمر ، وآخرها كان المؤتمر الاقتصادي، الذى كان بمنزلة أكبر شهادة دولية ، على أمن واستقرار شرم الشيخ وجنوب سيناء بالكامل . وأوضح فتحى أن جميع السائحين والمصريين يشعرون بحالة من الحزن بعد حادث تحطم الطائرة الروسية ، إلا أنه فى ذات الوقت يرون أن الحادث تم استغلاله سياسيا للضغط على مصر والتأثير على حركة السياحة بها باعتبارها أحد أهم مصادر الدخل القومى المصرى، ومورداً مهماً للعملات الصعبة ، واصفا قرار بعض الحكومات الأوروبية بتعليق رحلاتها السياحية إلى مصر قبل الانتهاء من التحقيقات المتعلقة بالحادث بالأمر الغريب غير المبرر. أشار فتحى إلى أنه تحدث خلال الأيام الماضية إلى فود سياحية انجليزية وروسية ، وقد أعربوا عن استيائهم من تلك القرارات مؤكدين أنها لن تمنعهم عن زيارة مصر مرة أخرى. وأكد أن كل العاملين بقطاع السياحة فى مدينة شرم الشيخ قد تأثروا نفسيا نتيجة شعورهم بأن نسبة الإشغالات الفندقية سوف تتأثر خلال الأيام المقبلة، على خلفية القرارات الأوروبية، فى حين أنه كان متوقعا أن تشهد الحركة السياحية لشرم الشيخ زيادة كبيرة خلال الفترة الراهنة. وطالب فتحى المصريين المقيمين بالخارج بضرورة قضاء الإجازات والأعياد داخل مصر ، من أجل سد الفجوة التى قد يخلقها توقف عدد من الرحلات القادمة من الدول الأوروبية، آملا أن تتضح الصورة الحقيقية عن مدينة شرم الشيخ من خلال وسائل الإعلام المحلية والعالمية خلال أقرب وقت ممكن ، حتى تعود الحركة السياحية إلى طبيعتها مرة أخرى. دعا عدد من العاملين فى القطاع السياحى ومديرو الفنادق بشرم الشيخ إلى ضرورة تنظيم رحلات مكثفة إلى المدينة خلال الفترة المقبلة ، من خلال النقابات والاتحادات والشركات ، وجميع المؤسسات الوطنية، التى تستهدف الحفاظ على السياحة فى مصر. وأكد العاملون فى القطاع السياحى أن الوضع فى شرم الشيخ آمن تماما، والمدينة قادرة على استيعاب أكبر قدر ممكن من السائحين، والفنادق والخدمة تتم على أعلى مستوى، من خلال عمالة فنية مدربة. من ناحية أخرى قال وليد بكر مدير أحد المنتجعات السياحية بمدينة شرم الشيخ إن قرار عدد من الحكومات الأوروبية بتعليق الرحلات السياحية إلى شرم لم يؤثر بشكل سلبى على حركة السياحة القادمة إلى المدينة من أوروبا حتى الآن، ولا توجد إلغاءات جماعية للحجوز، كما يشيع البعض، بينما الأمر مقتصر على أفراد من شركات سياحية صغيرة، لا تشكل نسبة معتبرة من السوق السياحية، لافتا إلى أن نسبة الإشغالات داخل المنتجع الذى يديره بلغت 85% ، معظمهم من جنسيات أوروبية. وأكد بكر أن السياحة الداخلية فى هذا التوقيت من كل عام تكون غالبا ضعيفة بسبب انشغال الأسر المصرية فى الدراسة، موضحا أن معظم منتجعات مدينة شرم الشيخ لها فروع أخرى فى دول عديدة، ويتم الاتصال بتلك الفروع لبث رسائل طمأنة للوفود القادمة، بالإضافة إلى أن الأجانب الموجودين هنا يتصلون بذويهم لطمأنتهم وتوضيح الصورة المشوشة عن شرم الشيخ.