ألقى الدكتور خالد عزب؛ مدير إدارة المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية، محاضرة مساء أمس الأربعاء في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بالإمارات العربية المتحدة تحت عنوان "مستقبل الثقافة العربية". وقال عزب إن هناك جدلًا عميقًا على الساحة الدولية حول مستقبل الثقافة؛ حيث يبدأ الحوار في كل دولة من دور المثقفين، ودور الثقافة في بناء خصوصية المجتمع والدولة، لافتا إلى أن المثقف هو من يعمل في أي مجال من مجالات إنتاج المعرفة أو نشرها. وأوضح أن قوة المعرفة هي التي تحدد في الوقت الراهن مدى تقدم أي دولة أو مجتمع، كما أن صناعة المعرفة هي أداة الدولة، بينما يتمثل الهدف في حيازة المعرفة. وأشار إلى أن صنّاع المعرفة لم يعودوا هؤلاء المثقفين التقليديين، بل إنهم ينقسمون اليوم إلى الأفراد المبدعين، والمؤسسات الحكومية كوزارات الثقافة والهيئات الثقافية، والمجتمع المدني؛ سواء في شكل مؤسسات الفكر العربي التي قامت على دعم مجموعة من الشخصيات العامة العربية، أو الأفراد مثل مجلة أخبار الثقافة الجزائرية وموقع دار الكتب الإلكتروني المصري الذي قام على أكتاف مجموعة من الشباب. وفيما يتعلق بصناعة النشر، نوّه إلى عدم وجود صناعة نشر في الوطن العربي، بل هي مطابع للكتب وهيئات ودور تعيش على ميراث قديم أو بدعم مستمر من الدولة، أو تقتات على نشر الكتاب الجامعي، أو تستغل حفنة مما تبقى من أسماء عربية لامعة في عالم الكتابة دون أن تخرج أجيال جديدة. وأضاف أن غالبية الناشرين ليست لديهم خطط مسبقة للنشر، ولا يهتمون فيما ينشرونه سوى بتحقيق مكسب مادي، وشدد على أن تحميل جهة بعينها المسئولية أمر فيه اختزال للمشكلة في طرف واحد دون بقية الأطراف التي أجملها في: هيئات الكتب الرسمية، واتحاد الناشرين العرب، واتحاد الكتاب العرب، والصحف ووسائل الإعلام، وكليات الفنون الجميلة والتطبيقية، ودور النشر العامة والخاصة، وغرف صناعة الطباعة والمطابع، ووزارات المالية، ووزارات الصناعة لمسئوليتها عن صناعة الورق. وأضاف أنه بات من الملح أن نفكر في إنتاج كشّاف عربي يضاهي "جوجل" وبناء مكتبة رقمية عربية؛ إذ إن الفضاء الرقمي إذا لم يوجد فيه العرب بقوة، فلن يكون لهم مستقبل ثقافي. ولفت إلى بعض الجهود العربية في هذا الإطار، ومنها موقع "الوراق"، والمكتبة الرقمية العربية التي أطلقتها مكتبة الإسكندرية، واللذين يمثلان أولى المحاولات العربية الجادة لإطلاق مكتبة رقمية على شبكة الإنترنت. إلا أنه كشف عن أن هذه المحاولات تجابهها عدة إشكاليات؛ منها: عدم توافر قواعد البيانات للمطبوعات العربية من القرن 19 إلى الآن بصورة متكاملة، وعدم وضوح حقوق الملكية الفكرية سواء بالنسبة لدور النشر أو المؤلفين.