أفادت منظمات حقوقية بأن قمع النظام السوري للاحتجاجات الشعبية أوقع إلى الآن أكثر من ألف شخص، في وقت لا يزال فيه النظام مستمرًا في تحدي الضغوط الدولية والعقوبات الأمريكية والأوروبية، والتي وصفتها الصحافة السورية الرسمية بأنها "تدخل سافر" في الشئون الداخلية السورية. لا يزال النظام السوري يتحدى العقوبات التي فرضتها أوروبا والولاياتالمتحدة على الرئيس بشار الأسد، فيما أعلنت منظمة حقوقية أن أكثر من ألف قتيل سقطوا منذ بداية حركة الاحتجاجات في منتصف مارس. وأكد الرئيس السوري بشار الأسد لنظيره الروسي ديمتري مدفيديف في اتصال هاتفي الثلاثاء عزمه على الاستمرار في محاربة القوى "المتطرفة والأصولية" كما جاء في بيان للكرملين. وذكر بيان الكرملين أن "بشار الأسد أعلن أن المسئولين السوريين يفعلون ويواصلون فعل كل ما بوسعهم للسماح للمواطنين السوريين بحرية التعبير". وأضاف المصدر نفسه "في الوقت نفسه ليس في نية سوريا السماح بتحرك الجماعات المتطرفة والأصولية". وقال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار قربي في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس أمس الثلاثاء "قتل 1062 شخصًا منذ بدء موجة الاحتجاجات التي تعصف في البلاد" فضلا عن اصابة العشرات. وأوضح قربي الذي أكد أن بحوزته لائحة بأسماء القتلى ومكان إصابتهم أن "الوفاة كانت ناتجة عن الإصابة بطلق ناري". كما أشار إلى أن "عدد المعتقلين حاليا بلغ 10 آلاف شخص". ولفت قربي إلى "نزوح نحو 30 جريحًا من شمال ادلب (غرب) إلى انطاكيا في تركيا للعلاج بينهم اثنان بحالة خطرة". وأوضح أن "الجرحى أصيبوا أثناء مظاهرات في قرى كفر نبل واريحا وبنش والمصطومة" في ريف ادلب. وكانت حصيلة سابقة أشارت إلى أن القمع الدموي للتظاهرات المناهضة للنظام في سوريا أسفر عن مقتل 900 شخص منذ اندلاعها منتصف آذار/مارس، بحسب الأممالمتحدة ومنظمات غير حكومية. من جهة أخرى، أعلن قربي لفرانس برس أن "المعارضة السورية ستعقد في مدينة انطاليا التركية مؤتمرًا من 31 ايار/مايو ولغاية 2 حزيران/يونيو". وأضاف "يضم المؤتمر شخصيات وطنية مستقلة ومثقفين وإعلاميين بالإضافة الى عدة أطياف من المعارضة السورية وممثلين عن التنسيقيات الداخلية للثورة السورية ويجمع كل الأطياف السياسية والتيارات الفكرية والمكونات الوطنية الاثنية والمذهبية". وأشار إلى أن "المؤتمر يهدف الى دعم الثورة السورية ومطالب الشعب السوري المشروعة في الحرية والديموقراطية والتضامن معه من دون الوصاية عليه. كما يسعى المؤتمر إلى "أعطاء صورة واضحة أن المعارضة السورية ارتقت إلى مستوى الدماء التي سطرها شعبنا، وتعالت على تمايزاتها الايديولوجية والسياسية"، على قول قربي. وفيما دخلت الاحتجاجات في سوريا شهرها الثالث، فإن النظام السوري يستمر في تحدي الضغوط والعقوبات التي فرضت عليه رافضا أي "تدخل" في شؤونه ومواصلا محاولاته لاسكات أصوات المعارضة. وميدانيا، لا تزال القوات الأمنية والجيش تحاصر العديد من معاقل الاحتجاج وبينها حمص (وسط) وبانياس (شمال غرب) ودرعا (جنوب). وقام ما بين 300 و400 شخص الثلاثاء بالتظاهر لدى الخروج من مسجد في حلب (شمال) قبل أن تعمد قوات الأمن السورية إلى تفريقهم مستخدمة الهراوات، وفق شاهد عيان. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن السلطات السورية اعتقلت في حلب الناشط سمير نشار أحد موقعي "إعلان دمشق" الذي طالب بتغييرات ديموقراطية العام 2005، قبل أن يتم الإفراج عنه مساء. وأورد ناشطون أن تظاهرات حصلت أيضا مساء الثلاثاء في ساحة العرنوس وفي حي الميدان في دمشق قبل أن يتم تفريقهما. وقال المرصد أنه تم اعتقال نحو عشرين شخصا في ساحة العرنوس. وفي نيويورك، أعلنت مسئولة العمليات الإنسانية في الأممالمتحدة فاليري اموس الثلاثاء أن بعثة تقييم إنسانية للمنظمة الدولية لا تزال غير قادرة على التوجه إلى مدينة درعا (جنوب) التي تعتبر مهد الحركة الاحتجاجية. وغداة إعلان فرض العقوبات، اتهمت الصحافة السورية الاتحاد الأوروبي بانه يتدخل في الشؤون الداخلية السورية على غرار الولاياتالمتحدة. واعتبرت صحيفة الثورة الحكومية أن "قرارات الاتحاد الأوروبي شأنها شأن القرارات التي أصدرتها الولاياتالمتحدة تستهدف بوضوح التدخل السافر بشئون سورية الداخلية ومحاولة زعزعة أمنها والهيمنة على قرارات ومقدرات شعبها". ورغم أن النظام السوري ألغى قانون الطوارىء الساري منذ الستينات فإنه يواصل قمع المتظاهرين المناهضين له. واعتبر وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم مساء الاثنين أن الأوروبيين "أخطأوا بهذه العقوبات عندما تطاولوا على الرئيس وهو رمز السيادة الوطنية واتخذوا اجراءات اقتصادية وضعوا نفسهم في مواجهة الشعب السوري". ولفت إلى أن هذا الإجراء "سيضر بمصالحنا كما سيضر بمصالح أوروبا وسوريا لن تسكت على هذا الإجراء". ووفق القائمة الكاملة التي نشرت الثلاثاء، فإن عقوبات الاتحاد الأوروبي شملت الرئيس السوري وتسع شخصيات اخرى رئيسية في النظام وقضت بتجميد أرصدتهم وحرمانهم الحصول على تأشيرة دخول. ويضاف هؤلاء إلى قائمة تضم 13 شخصا سبق أن استهدفوا بالعقوبات نفسها في العاشر من ايار/مايو. بدورها، جمدت برن أي أرصدة محتملة للرئيس السوري لديها وفق ما اعلنت السلطات السويسرية معتبرة أن الأسد هو "الذي أمر بقمع المتظاهرين" في سوريا. بدورها، فرضت واشنطن عقوبات الأسبوع الماضي على الرئيس السوري. ورغم أن الاتحاد الأوروبي لم يطالب بتنحي الأسد، فقد أبدى استعداده "لاتخاذ تدابير إضافية من دون تاخير". لكن منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان تحدثت عن "خطر" أن تكون كل هذه الإجراءات "متواضعة وجاءت متاخرة"، داعية مجلس الإمن الدولي إلى التحرك في شكل "حاسم أكثر" حيال سوريا. وتتواصل المشاورات في الأممالمتحدة في شان إصدار إدانة للقمع الدامي للتظاهرات في سوريا، لكن "خطر الفيتو الروسي" لا يزال ماثلا وفق ما نبه وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه.