رغم كل الانتقادات الموجهة لنظام معمر القذافى، إلا أن الحكم الذى أصدرته محكمة استئناف طرابلس بإعدام رموز نظام معمر القذافى السابق، أثار العديد من الأسئلة حول مدى تأثيره على الوضعين السياسى والأمنى، والحوار الدائر بين الفرقاء الليبيين. وقد جاء قرار المحكمة بإعدام سيف الإسلام القذافى، و7 من رجال النظام السابق بينهم عبد الله السنوسى رئيس المخابرات الليبى الأسبق، والبغدادى المحمودى آخر رئيس وزراء فى عهد القذافى صادما. حيث اعتبرته المنظمات الحقوقية الدولية حكمًا سياسيًا وليس قضائيًا، محاولة من حكومة طرابلس المتمثلة فى المؤتمر الوطنى العام " غير المعترف به دوليا" لتحقيق أى إنجاز ينسب إليها، حتى وإن كانت على علم بأنها لن تستطيع تنفيذ هذه الأحكام على أرض الواقع. فتنفيذ الحكم أمر يشوبه الشك، حيث إن سيف الاسلام مازال فى قبضة ميليشيات الزنتان التى ترفض تسليمه لحكومة طرابلس منذ اعتقاله من عدة سنوات، ومازال يقبع حتى الآن فى سجون تلك الميليشيات المسلحة ذات العداء الشديد لحكومة طرابلس، وهو ما يدعم استحالة تنفيذ الإعدام. أما عن توقيت الحكم، فقد اختارت حكومة طرابلس أن يأتى الحكم بعد أيام من إعلان "المؤتمر الوطنى العام" الموافقة على المشاركة فى جلسات الحوار الوطنى الليبى التى تعقد فى مدينة الصخيرات المغربية، بعد امتناعه عن المشاركة فى الحوار أو التوقيع على وثيقته. وهو ما يصعد من شكوك الأطراف المشاركة فى الحوار حول نيات حكومة طرابلس ،ومدى جديتها فى التوجه للتوافق والتوقيع على وثيقة وفاق لييبة. أما موقف الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، فجاء واضحا فى تصريحات المبروك قريرة وزير العدل فى الحكومة، عندما اعتبر الحكم غير قانونى فى ظل سيطرة قوات فجر ليبيا على العاصمة. مناشدا المجتمع الدولى بعدم الاعتراف بهذه المحاكمات، بسبب انعقادها فى مدينة خارجة عن سيطرة الدولة، وبذلك يصبح الحكم نقطة خلاف جديدة وبندا جديدا، يضاف إلى "دفترالخلافات " الذى يحمله أعضاء الطرفين عند الدخول إلى جولات الحوار. وقد يكون للحكم أيضا تأثير بالغ على الوضع الأمنى فى ليبيا، حيث رأى بعض المحللين السياسيين أن هناك قوى إقليمية كبرى دفعت حكومة طرابلس لإصدار هذا الحكم، لخلق مزيد من الأجواء العدائية بين القبائل التى ينتمى إليها المحكوم عليهم بالإعدام ودفعهم للتصعيد. فسيف الإسلام القذافى محتجز لدى قبيلة الزنتان التى رفضت تسليمه، وينتمى إلى قبيلة القذاذفة، ذات النفوذ الكبير فى مدينة سرت التى تسيطر عليها «داعش». أما عبد الله السنوسى فهو من قبيلة أولاد سليمان الكبيرة والمتحكمة فى مدينة سبها عاصمة الجنوب الليبي. كما ينتمى البغدادى المحمودي، إلى قبائل المحاميد، المتمركزة فى الغرب الليبى على مقربة من الحدود التونسية، وهى قبائل لها وزنها فى التركيبة الاجتماعية الليبية، وقادرة على التحرك وقلب موازين القوى. كما أن بقية المحكوم عليهم بالإعدام، ينتمون إلى قبائل معروفة مثل المقارحة والعبيدات والبراعيص. أما الأصداء الدولية فقد جاءت معظمها منددة بالمحاكمة، ووصفتها بغير العادلة، حيث أعربت الأممالمتحدة عن قلقها العميق من أحكام الإعدام التى أصدرتها محكمة اسئتناف طرابلس. فى حين رأى آخرون أن الأحكام تتناقض مع أبسط معايير العدالة الدولية وحقوق الإنسان، لأن المتهمين منعوا من مقابلة محاميهم أو الحصول على فرص نزيهة لرد التهم الموجهة ضدهم.