قال الناقد الدكتور محمد عبدالمطلب إن كل ما نمر به الآن من ثورات عربية، هو من نبوءات الكاتب المسرحي السوري الراحل سعدالله ونوس، وأكد أن ونوس لو كان حيًا الآن لقال: أنا رب هذه الثورات جميعًا. وأضاف خلال الاحتفالية، التي نظمتها الورشة الإبداعية لحزب التجمع بالزيتون، بذكرى رحيل الكاتب السوري الكبير سعدالله ونوس، أن ونوس لم يكن يخشى الديكتاتور ولا الدولة البوليسة، التي عاصرها طوال حياته على الإطلاق، ودلل على ذلك بحادثة حكاها له الناقد السوري كمال أبوديب عن ونوس، قائلًا: "لم أقابل ونوس أبدًا، لكني أذكر له موقفا حكاه لي الناقد الدكتور كمال أبوديب، قال كنا نعد لمسرحية (مغامرة رأس المملوك جابر) وإذا بالشرطة قد أحاطت المسرح من كل مكان، فقلت لونوس وقد شعرت بالخوف من إلقائهم القبض علينا: أنا هنسحب، فصاح بي ونوس قائلا: اجلس أنت جنب سعدالله ونوس، وجلست متنمرًا طوال العرض حتى انتهى، وكان جل اندهاشي عندما ضج الجمهور بالتصفيق وكان أغلبهم من رجال الشرطة". وأشار عبدالمطلب كذلك إلى مجهود ونوس المسرحي في استلهام التراث العربي، مرجعًا إليه الفضل في كشف زيف عالم الاجتماع الشهير ابن خلدون، الذي ختم حياته عميلًا للقائد المغولي "تيمور لنك" وسهل له احتلال دمشق. بينما اختلف معه الناقد والشاعر محمود نسيم، الذي رأى أن الثورة عند ونوس لم تكن ثورة بالمعنى المباشر، وإنما كانت نوعًا من أنواع التمرد، وقال: "ونوس لم يؤسس للثورات العربية، وإنما كانت كتابته متمردة، هو وجيله كانوا يؤسسون لتمرد تقوده نخبة". من جانبها أشارت الناقدة عبلة الرويني أن مسرح سعدالله ونوس وقع في منطقة وسط بين الأمل والهزيمة، نافية وصف بعض النقاد لونوس بالكاتب المتشائم، لاعتماد معظم مسرحياته على شخصيات مهزومة، وأكدت أن تلك النظرة إلى أعمال ونوس نظرة سطحية، لأن الشخصيات اليائسة هم أكثر الناس إدراكًا للأمل، وقالت: "في رأي أن ونوس منذ بدايته صاحب مشروع ديمقراطي مسرحي متنوع". مضيفة: "رأى بعض النقاد أن ونوس في مشروعه المسرحي الديمقراطي قد تحول من الالتزام الماركسي، إلى الذاتية والفردية وإعلاء قيمة الفرد على الجماعة، لكني أرى أن ذلك لم يكن تحولًا منه وإنما جزء من التطور في هذا المشروع الديمقراطي". واستكملت: "انشغل ونوس في كتابته الأولى بتحليل علاقة الحاكم بالمحكوم، والرغبة في تغيير السلطة، ثم بعد ذلك انتقل من المطالبة بتغيير السلطة إلى المطالبة بتغيير المجتمع نفسه، وأصبحت تلك مهمته الأهم، وبات تغيير الإنسان من داخله لدى ونوس طموحًا".