ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن المعركة القادمة فى الشرق الأوسط ستكون حول النمو السكانى و إمدادات المياه وسيصبح الجوع هو القضية الرئيسية . و لفتت الصحيفة إلى أنه بعد فترة طويلة من تراجع الثورات السياسية فى الشرق الأوسط تظل هناك تحديات عديدة كامنة لم تظهر بعد فى الأفق أو عناوين الأخبار على الرغم من أهميتها الشديدة ، ومن أبرز تلك التحديات النمو السكانى السريع و انتشار نقص موارد المياه و تزايد انعدام الأمن الغذائي بسبب فشل الحكومات العربية وسياساتها المائية وبالتالى انخفاض إنتاج الحبوب فى المنطقة . فبعض البلدان العربية تواجه انخفاضا فى المياه الجوفية التى يصاحبها نقصا فى إنتاج الحبوب و أشارت الصحيفة إلى أن السعودية حاولت تنمية مواردها من الحبوب من خلال الاكتفاء الذاتى بعد اعتمادها لفترة على استيرادها إلا أنه وبعد أكثر من 20 عاما من الاكتفاء الذاتى من القمح ؛ أعلنت السعودية فى يناير 2008 عن انخفاض مخزون المياه الجوفية لديها مما أدى إلى انخفاض إنتاجها من القمح بين عامى 2007، 2010 بنسبة ثلثى الإنتاج، و إذا ما استمر الحال بهذا المعدل حتى عام 2012 ستضطر المملكة للاعتماد على استيراد الحبوب لإطعام سكانها الذين يشكلون ما يقرب من 30 مليون نسمة . وفى ظل الإمكانات البيئية التى تتسم بها المملكة من حيث انخفاض معدل المياه الجوفية وقلة الأمطار وصعوبة اللجوء إلى خيار تحلية مياه البحر لتكلفته ؛ كان شراء أو استئجار أراض فى دول أخرى مثل إثيوبيا والسودان حلا مثاليا حيث يخطط السعوديون لإنتاج غذائهم بأنفسهم مستغلين توفر الموارد المائية والأراضي الأكثر خصوبة . أما اليمن التى تعد واحدة من الدول الأسرع نموا فى السكان مع انخفاض مناسيب المياه الجوفية لديها ، فقد تقلصت فيها محاصيل الحبوب بنسبة الثلث على مدى السنوات الأربعين الماضية بالرغم من ارتفاع الطلب عليها بشكل مطرد. ونتيجة لذلك اضطر اليمنيون لاستيراد أكثر من 80% من محاصيلهم ناهيك عن تراجع صادراتها من النفط ، وعدم وجود صناعة للحديث عنها ، بالإضافة إلى ما يقرب من 60 ٪ من الأطفال يعانون من نقص التغذية المزمن ، لذا تعد اليمن من أفقر الدول العربية التى تواجه مستقبلا قاتما مليئا بالاضطرابات . وتنبأت الصحيفة بأن النتيجة المحتملة لنضوب المياه الجوفية في اليمن -الذي سيؤدي إلى مزيد من الانكماش فى محصولها وانتشار الجوع والعطش – هى الانهيار الاجتماعي ، وقد تنتهى إلى مجموعة من الإقطاعيات القبلية ، المتحاربة على الموارد المائية الشحيحة، حيث يمكن أن تمتد الصراعات الداخلية في اليمن بامتداد حدودها الطويلة مع السعودية . كما لفتت إلى أنه بالرغم من وجود نهرى دجلة والفرات إلا أن سوريا والعراق تواجهان أيضا مشكلات فى المياه ترتبط بانخفاض تدفقات النهرين اللذين تعتمدا عليهما فى الرى ، بينما تسيطر تركيا على منابع هذين النهرين فى خضم برنامج لبناء السدود الضخمة لخفض تدفقات دول المصب فضلا عن خطط تركيا للتوسع من أجل الحصول على الطاقة الكهرومائية . وبالرغم من القلق بشأن المستقبل فيما يتعلق بتوافر الإمدادات المائية وقيام المزارعين فى سوريا والعراق بحفر العديد من الآبار لغرض الرى إلا أن كلا البلدين شهد انخفاضا و تراجعا فى محصول الحبوب بلغ ذروته فى العراق منذ عام 2002 وفى سوريا منذ عام 2001 . ولم يختلف الحال كثيرا فى الأردن التى انخفض إنتاجها السنوى من الحبوب ليصل إلى ستين ألف طنا بعد أن كانت تنتج 300 ألف طن سنويا وبالتالي تعتمد فى ما يقرب من 90 % من احتياجاتها الغذائية على الاستيراد .