"أسماء لا تموت ، وسنة أولى سجن، ولا، ومعبودة الجماهير، وليلة القدر، وصاحب الجلالة الحب، وصاحبة الجلالة في الزنزانة"، محطات رئيسية في حياة فارس القلم وعاشق الحرية مصطفى أمين، الذي نحتفي اليوم بمرور 101 عام على ميلاده. ورغم المحاولات التي قام بها النظام في عهد جمال عبد الناصر لقصف قلم مصطفى أمين، فإنهم باءوا بالفشل ، فخلال مدة سجنه التي بلغت ما يقرب من 9 سنوات، لم يتوقف القلم لحظات عن مهمته، فقد استطاع تهريب 10 آلاف خطاب إلى خارج السجن لابنته صفية التي كانت بطلة لأحد الكتب المهمة التى صدرت عن الكاتب الراحل "رسائل مصطفى أمين إلى صفية" وست قصص، وكتابين سياسيين، فكل مرة ينتقل فيها إلى سجن جديد يحتاج إلى بصيرة حتى يعرف جيداً من يخبئ عنده القلم والورقة من المساجين العاديين، وكان في العادة يخبئها عند سجين لا يقرأ ولا يكتب. وُلد مصطفى أمين وتوءمه علي في مثل هذا اليوم، 21 من فبراير، من عام 1914، كان والدهما أمين أبو يوسف محاميا كبيرا، أما والدتهما فهي ابنة أخت الزعيم سعد زغلول، ومن هنا انعكست الحياة السياسة بشكل كبير على حياة الطفلين حيث كبرا وترعرعا في بيت زعيم الأمة. سافر مصطفى أمين إلى أمريكا لإكمال دراسته فالتحق بجامعة جورج تاون، ودرس العلوم السياسية، وحصل على درجة الماجيستير في العلوم السياسية مع مرتبة الشرف الأولى عام 1938، ثم عاد إلى مصر وعمل كمدرس لمادة الصحافة بالجامعة الأمريكية لمدة أربع سنوات. الصحافة هي العشق الأول لمصطفى أمين وكذلك شقيقه، وبدأ العمل بها مبكراً وذلك عندما قدما معاً مجلة "الحقوق" في سن الثماني سنوات، والتي اختصت بنشر أخبار البيت، تلا ذلك إصدارهما لمجلة "التلميذ" عام 1928، وقاما فيها بمهاجمة الحكومة وانتقاد سياساتها، فما لبثت أن تم تعطيل إصدارها، أعقبها صدور مجلة "الأقلام" والتي لم تكن أوفر حظاً من سابقتها حيث تم إغلاقها أيضاً. في عام 1930 انضم مصطفى للعمل بمجلة "روز اليوسف"، وبعدها بعام تم تعيينه نائباً لرئيس تحريرها وهو ما يزال طالباً في المرحلة الثانوية، وحقق الكثير من التألق في عالم الصحافة، ثم انتقل للعمل بمجلة "آخر ساعة" التي أسسها محمد التابعي، وكان مصطفى أمين هو من اختار لها هذا الاسم. وقد أصدر مصطفى أمين عددا من المجلات والصحف منها "مجلة الربيع " و"صدى الشرق" وغيرها والتي أوقفتها الحكومة نظراً للانتقادات التي توجهها هذه المجلات والصحف إليها. شهد عام 1944 مولد جريدة "أخبار اليوم" بواسطة كل من مصطفى وعلي أمين، وكانت هذه الجريدة بمثابة الحلم الذي تحقق لهما، لكن التأميم هدم هذا الحلم بعد أن أصبحت ملكًا للدولة. وقد بدأت العلاقة بين سلطة 23 يوليو عام 1952 وبين صاحبي أخبار اليوم بداية درامية فقد اعتقلا يوم الأربعاء 23 يوليو عام 1952 ، فقد اتهم مصطفى أمين بأنه عميل وخائن للوطن، وأكد صلاح نصر رئيس المخابرات المصرية في كتابه «عملاء الخيانة وحديث الإفك» وهو كتاب صدر في عام 1975 أن مصطفى أمين جاسوس إلا أن الأيام قد كشفت براءة مصطفى أمين من هذا الإفك حيث يذكر الكاتب الصحفي أحمد عطية صالح ، في كتابه" مصطفى أمين" أنه أجرى حوارا مع النائب العام الأسبق عام 1987، الذي أكد بأن المعلومات التى تم إبلاغه بها لا تشكل أى جريمة فى حق مصطفى أمين ، وواصل: "من حق الجهة التى ضبطت القضية أن تقول رأيها ، ولكن ليس من حقها أن تلزمنى كنائب عام بهذا الرأى وإلا كان تدخلا فى سلطتى"، وأنه أمر بحفظ القضية، أو كانت النية متجهة لحفظها.. لكن نظرا لأن منصب النائب العام منصب سياسى ، فقد أخذت رأى وزير العدل فطلب منى الانتظار لحين إبلاغ رئيس الجمهورية"، وكانت المفاجأة أن الوزير أخبره بعدها بقرار تحويل القضية لمحكمة أمن دولة عليا. ويقول الشاعر فاروق جويدة عن هذه الواقعة: تحية لابنته صفية مصطفى أمين التى تحدت عواصف النسيان وأصدرت كتابا ممتعا لتؤكد أن والدها أكبر من النسيان، وأن الوثائق التي جاءت في هذا الكتاب تؤكد براءة مصطفى أمين من تهمة الجاسوسية. قدم مصطفى أمين خلال حياته العديد من المؤلفات القيمة نذكر منها: "تحيا الديمقراطية، من عشرة لعشرين، من واحد لعشرة، نجمة الجماهير، أفكار ممنوعة، ال200 فكرة، سنة أولى سجن، الآنسة كاف ، مسائل شخصية ، ليالى فاروق ، ست الحسن، لكل مقال أزمة، أسماء لا تموت "مشاهير الفن والصحافة"، صاحبة الجلالة في الزنزانة، صاحب الجلالة الحب، لا، النحو الواضح ، وغيرها. وقد كان له هو وشقيقه "علي" العديد من النشاطات الخيرية والاجتماعية، فنفذ الشقيقان أمين مشروعاً خيرياً أطلقا عليه "ليلة القدر"، كما كانا صاحبي الفضل في ابتكار فكرة عيد الأم وعيد الأب وعيد الحب. بدأ مشروع "ليلة القدر" في 15 فبراير 1954 بمقال نشره مصطفى أمين في أخبار اليوم جاء فيه " في قلب كل إنسان أمنية صغيرة تطارده في حياته وهو يهرب منها إما لسخافتها أو لارتفاع تكاليفها، فما هي أمنيتك المكبوتة؟، اكتب لي ما هي أمنيتك وسأحاول أن أحققها لك، سأحاول أن أدلك على أقصر الطرق لتحقيقها بشرط ألا تطلب مني تذكرة ذهاب وإياب إلى القمر". وقد أنشئت جائزة مصطفى وعلي أمين الصحفية والتي تعتبر بمثابة التتويج الحقيقي لمشاعر الأب الذي يحتضن أبناءه ويشجعهم ويحفزهم على مزيد من النجاح في بلاط صاحبة الجلالة ولم يقتصر هذا التكريم على الصحفيين بل امتد للمصورين ورسامي الكاريكاتير وسكرتارية التحرير الفنية وأيضا للفنانين، ومن الفنانين الذين حصلوا على جائزته فاتن حمامة ويحيى الفخرانى ونور الشريف وعبلة كامل ويحيى العلمي وعمار الشريعى وغيرهم. وكانت علاقات مصطفى أمين جيدة بالفنانين كان أشهرها مع الفنانة أم كلثوم والتي وقفت بجوار أخبار اليوم في عثراتها المالية وعبد الحليم حافظ والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب ونجاة وكامل الشناوي وكمال الطويل وفاتن حمامة وغيرهم . ويقول مصطفى أمين عن صداقاته للنجوم إن الحياة بجانب النجوم مرهقة ومتعبة ولكنها لذيذة وأنت في بعض الأحيان لا تستطيع أن ترى جمال الصورة إلا إذا ابتعدت عنها فالأضواء الساطعة تعميك. إننى أحب الناس كل الناس. رحم الله كاتبنا وفارس شارع الصحافة مصطفى أمين الرجل الذي قال" لا".