دعا الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، إلي صياغة مشروع نهوضي شامل لا يفصل الفكري عن السياسي، والثقافي عن الاجتماعي، ويدعو إلى قيم العدالة والإنصاف والمساواة والمواطنة، وصولاً إلى القواعد الأساسية للحكم الرشيد، وإعادة الاعتبار لمكارم الأخلاق التي تمثل الأساس المتين والجوهر الكامل للرسالة الإسلامية السامية. جاء ذلك في مداخلته أمام الملتقي العربي الأول للشباب والرواد لمواجهة الإرهاب الذي أنطلق اليوم تحت شعار: "وسطية الإسلام.. غايتنا" برعاية الجامعة والأزهر الشريف. ورأي العربي أن ما تشهده بعض دول الوطن العربي اليوم من تداعيات كبرى تمثل تهديداً لكيانها وهويتها وتنوعها، يتطلب مراجعة شاملة لكل مسارات الحياة الاجتماعية على اتساعها، لتدبر ولمعرفة "أين يقع الخطأ".. ولماذا نجد هذه الظواهر المسيئة تحدث. وأوضح الأمين العام للجامعة العربية، إلى أن الغلو الديني والتطرف الفكري باتا يمثلان إحدى أكثر القضايا التي تؤرق المجتمعات العربية، وتشكل تهديداً خطيراً لنمائها واستقرارها وتطورها وتقدمها، وهو ما يجب مواجهته وإحباطه وعكس مساراته. وقال إن الحركات الإرهابية التي تتشح للأسف الشديد فى المنطقة العربية برداء ديني وتقترف أبشع الجرائم، هي أكثر موضوعات الساعة خطراً وأبعدها أثراً، معربا عن قناعته بأن مواجهة التطرف الفكري والمنظمات الإرهابية تتطلب وضع إستراتيجية شاملة تتسم بالفاعلية والقدرة، وتسهم في تحديدها كافة القوى الحية في المجتمع من خلال حوار واسع تشارك فيه المؤسسات الحكومية المعنية، والمنظمات الأهلية والمفكرين ورجال الدين والخبراء والسياسيين، لبحث أفضل السبل لصياغة هذه الإستراتيجية وتحديد أولوياتها وأهدافها. واستعرض العربي قرارات مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته الثانية والأربعين بعد المائة في السابع من سبتمبر من العام الماضي، فيما يتعلق بالتحديات التي يواجهها الأمن القومي العربي، وفي مقدمتها القرار رقم 7804، والذي تضمن اتخاذ الإجراءات اللازمة والتدابير الكفيلة بحماية الأمن القومي العربي والتصدي للمنظمات الإرهابية ولجميع أشكال التطرف. وقال، إن الأمانة العامة أعدت بعد الاجتماع مع عدد من الخبراء من الدول العربية دراسة تضمنت تحليلاً معمقاً لظاهرة الإرهاب في الوطن العربي ودورها في تهديد الأمن القومي العربي، كمااستعرضت التطورات التي شهدتها هذه الظاهرة والتحولات النوعية في ممارساتها التي أدت إلى التهديد الفعلي بتقويض أركان الدولة الوطنية الحديثة وهدم هياكلها وتعريض سيادة الدول واستقلالها ووحدة ترابها الوطني لمخاطر حقيقية قد تعصف بكيانات الدول واستقرارها وأمنها. وتوصلت الدراسة إلى نتائج تم بلورتها في اقتراحات محددة، تتضمن التدابير والإجراءات المطلوبة على المستويين الوطني والقومي لدحر الإرهاب. وأكد العربي أن محاربة الإرهاب في أي مكان يكون من خلال، المعالجة الناجعة للبيئة التي تحتضنه وللأسباب الدفينة التي تدفع شخصا ما إلى الإقدام على أعمال إرهابية، إلى جانب العمل العسكري والأمني المباشر عندما يكون ذلك ضروريا، لمعالجة المسببات العميقة والعديدة التي تؤدي إلى هذه الحالة الخطيرة، علي أن يكون ذلك من خلال التسويات السياسية للنزاعات وإحقاق العدالة والأمن والاستقرار للجميع.