قالت الروائية، هويدا صالح إنها حاولت في روايتها "ممرات للفقد" أن تكتب نظرة مغايرة للغة الجسد وكتابته، فقد شاع أن كتابة الجسد هي تلك النظرة الأيروتيكية التي تقرن الجسد فقط بالشبق والرغبة. وأكدت "صالح" على هامش حفل توقيع روايتها " ممرات للفقد"، الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون بمعرض الكتاب ال46، أن كتابة الجسد هنا هي كتابة خرائط الألم التي تمر بها أجساد النساء، منذ أن تتعرف الأنثى على جسدها، ويبدأ الألم الأول " الختان" ثم يستمر معها الفقد رفيق دربها، فقد الابن، فقد جزء حميم من الجسد نتيجة للمرض، فقد الزوج، فقد البهجة والرغبة الدافقة في الحياة، حتى تسلب الثقافة الذكورية من الأنثى كل ما يبهج. وتابعت: حاولت في هذا النص أن أعري الثقافة التي تقهر النساء، وأدينها، لكن في لغة هامسة تتوسل بالشعرية حتى لا يتحول الأمر إلى منشور أيديولوجي صارخ. كما حاولت فيها أن أقبض على تفاصيل العلاقات الإنسانية التي تحول الشخوص إلى شخوص من لحم ودم تعلق بذاكرة القارئ الذي هو شريك في إنتاج المعنى بالضرورة . وأردفت: كان حفل التوقيع والندوة التي أقيمت في المقهى الثقافي بمعرض الكتاب محاولة جيدة للتواصل مع القارئ العام، القارئ غير النخبوي الذي نتعامل معه ككتاب بشكل يومي، في معرض كتاب هذا العام تيقن لي أن هناك تعطشا حقيقيا من القارئ العام وخاصة جمهور الشباب للقراءة والتواصل مع الثقافة، وعلى وزارة الثقافة أن تستغل هذا المناخ العام المهيأ للقراءة حتى تقوم بدورها في التنوير. وقد تحدثت الروائية صفاء عبد المنعم عن الرواية في الندوة التي أقيمت لها في المقهى الثقافي واصفة الرواية بأنها تكسر كل القيم الكلاسيكية في الرواية، وأنها تقدم عالما مختلفا ومغايرا . وأضافت: وتراهن الرواية على جماليات تجريبية اتسمت بها كتابة هويدا صالح في أعمالها الأخيرة، حيث تكسر الرواية خطية السرد، وتقوم بتشظيه إلى سرديات متناثرة يقوم القارئ بتجميعها بطريقة البازل ليقدم لنا في نهاية الرواية بناء متكاملا، فالقارئ يشارك الكاتبة في بناء العالم. وأضافت صفاء عبد المنعم أن الرواية تفتح ممرات الألم والفقد التي تعرضت لها الذات الساردة في النص منذ الميلاد وحتى لحظة انطلاق السرد مستعينة هويدا صالح في وصف هذا العالم النفسي العميق بلغة شعرية مرة، ولغة مشهدية بصرية مرة أخرى، وجاءت كل الشخصيات النسائية في النص ليقمن بتوجيه تكويرة في وجه الألم والقهر، متمردات على هذا العالم الذي يخنق أجسادهن، كما يقتل أرواحهن. وأردفت: أن ملامح التجريب واضحة ودخول أكثر من صوت سردي في النص يعمق من فكرة التجريب، وعناوين الفصول الداخلية لافتة للنظر بشدة وتحتاح لدراسة سيميائية فالعناوين شعرية وطويلة نسبيا وتشي بزخم علاماتي في النص. كما اكد الشاعر شعبان يوسف أن هويدا صالح في هذه الرواية استعانت بتقنيات السينما في رسم فضائها السردي، حتى أنها قسمت الرواية إلى كادرات ومشاهد ومناظر جانبية وكلها تقنيات سينمائية، كما أن الكاتبة استعانت أيضا باللغة السينمائية البصرية في رسم العالم. وأن هذا البناء المكون من كادرات يقدم لنا شخوصه المتمردين الرافضين للقهر في عالم سردي مكثف وعميق.