لم يكن الرئيس المعزول محمد مرسي راغبًا في حلف اليمين بعد فوزه بالرئاسة أمام المحكمة الدستورية العليا، لكنه اضطر لذلك، بعدما رفضت المحكمة الدستورية أداء اليمين خارجها حفاظا على الشرعية ودولة القانون.. أما الرئيس عبدالفتاح السيسي، فقد ذهب لدار القضاء العالي بمحض إرادته حاملا رسالة تقدير واعتزاز للقضاة اليوم ل"تكريمهم" في أول زيارة لرئيس جمهورية منذ فعلها الرئيس المخلوع حسني مبارك عام 2010. لم يوجه القضاة أية مطالب شخصية للسيسي خلال زيارته لهم اليوم للمشاركة فى الاحتفال ب"عيد القضاة"، رغبة منهم في تغليب المصلحة العامة للدولة والمنظومة القضائية على المصالح الشخصية. فكانت معظم مطالبهم تتجه نحو التطوير، بما يحقق العدالة الناجزة، وكفالة وصون استقلال القضاء على نحو كامل. طرح القضاة عدة مطالب لتطوير منظومة العدالة أهمها إدخال نظام "التقاضي الإلكتروني" لتسهيل إجراءات التقاضي على المتقاضين عن طريق رفع الدعوة عبر الإنترنت الأمر الذي من شأنه تخفيف العبء على المواطن في رفع الدعاوى القضائية ويعجل بإجراءات التقاضي ويساهم في الإسراع بإصدار الأحكام فى القضايا. كما طالبوا أيضا بمراجعة التشريعات الحالية وإلغاء غير المفعل منها، لوجود تشريعات أصبح المجتمع في غنى عنها، بعد التطور الذي لحق به. والاهتمام بأبنية المحاكم وتجديد المتهالك منها حفاظا على واجهة القضاء. وضرورة وجود أكاديمية للقضاة تتولى تأهيلهم وتدريبهم، والارتفاع بمستواهم الفني والعملي المناسب لهم. تعددت مراحل صدام السلطة القضائية مع مؤسسة الرئاسة فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسي بداية من قرار حل مجلس الشعب وإقالة النائب العام دون رغبته، مرورا بأزمة المحكمة الدستورية العليا، انتهاءا بالإعلان الدستوري. حيث ضرب مرسي بمبدأ استقلال القضاء عرض الحائط وتدخل في شئونه واعترض على أحكامه، ليتمكن هو وجماعته من السيطرة على كل هيئات ومفاصل الدولة المصرية. بدأت معارك الإخوان مع السلطة القضائية عندما أصدر الرئيس المخلوع محمد مرسي في يوليو 2012، قرارا بإلغاء حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب وعدم دستورية قانون العزل السياسي. وقام مرسي بسحب القرار رقم 350 بحل مجلس الشعب، وقرر عودة مجلس الشعب المنتخب لممارسة اختصاصاته بالمادة رقم 33 من الإعلان الدستوري، وإجراء انتخابات مجلس الشعب مرة أخرى خلال 60 يومًا. انتفض القضاه ضده، ورضخ مرسي لحكم "الدستورية" بوقف تنفيذ قراره، الخاص بعودة مجلس الشعب. لم يمض أكثر من 3 شهور وتجددت الأزمة من جديد حينما أقال مرسي النائب العام المستشار عبد المجيد محمود في أكتوبر 2012 وتعيينه سفيرا لمصر بدولة الفاتيكان، حيث أعلن النائب العام انه باق فى منصبه طبقا لقانون السلطة القضائية. خرج عدد كبير من أعضاء النيابة العامة والقضاة لمساندة النائب العام ورفض تدخل الرئيس في شئون السلطة القضائية، معلنين تعليق عملهم لحين حل الأزمة. وبعد يومين من إعلان القرار تراجع مرسي وأبقى على النائب العام في منصبه. ورغبة منه في تحصين قراراته، أصدر مرسي إعلانا دستوريا مفاجئا في نوفمر من العام نفسه، أكد فيه أن القرارات الصادرة من رئاسة الجمهورية منذ توليه السلطة واجبة النفاذ وغير قابلة للطعن عليها بأي طريقة وأمام أي جهة. وبموجب الإعلان الدستوري الجديد، قام الرئيس المعزول بتعيين نائب عام جديد هو المستشار طلعت إبراهيم خلفًا للمستشار عبد المجيد محمود، وهو الأمر الذي أثار غضب واحتجاج القضاة، ودفع النائب العام الجديد للاستقالة، ثم العدول عنها, لتقضي محكمة استئناف القاهرة، بإلغاء قرار رئيس الجمهورية الصادر بعزل النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود وعودته لمنصبه. علق القضاه عملهم ببعض المحاكم احتجاجا على صدور الإعلان الدستوري، واعتبروا أن المعزول "تخطى حدود صلاحياته" واعتدى بشكل مباشر على صميم عمل السلطة القضائية، لينزع أهم سماتها وهي استقلال القضاء وأحكامه، وطالبوه بعدم التدخل في شئون القضاء المنوط بها المجلس الأعلى للقضاء. فيما خرجت مظاهرات من مختلف فئات الشعب لتعبر عن رفضها لتلك الإعلان، وتم حرق مقرات جماعة الإخوان في بعض المحافظات، وتم إلغاء الإعلان الدستوري في ديسمبر عام 2012. وبالشهر نفسه الذي تم فيه إلغاء الإعلان الدستوري، حاصر ما يقرب من خمسة آلاف من مؤيدي المعزول مقر المحكمة الدستورية العليا 18 يوما، لمنع القضاة من نظر الطعن المقدم من مواطنين ضد تشكيل الجمعية التأسيسية، وكذلك الطعن المقدم ضد إصدار المحكمة حكما يقضي بحل مجلس الشورى، أسوة بحكم حل مجلس الشعب، ولم يستطع قضاة المحكمة دخولها نتيجة محاصرة أنصار مرسي لها، مما أدى إلى تأجيل الجلسة. واستكمالا للهجمة الشرسة التي قادها مرسي وجماعته، تظاهر المئات من مؤيديه أمام دار القضاء العالي للمطالبة بتطهير القضاء بعد احتجاجه على قرارات مرسي ضدهم، والذي أعلن عن نيته في الهجوم على السلطة القضائية منذ اللحظة الأولى بعد فوزه بانتخابات الرئاسة، ورفضه حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية حتى لا يعتبر اعترافا منه بحل مجلس الشعب، وهو القرار الذي أصدرته "الدستورية" قبل فوزه.