تستضيف دار العين للنشر والتوزيع، في السابعة مساء اليوم الإثنين، أول ندوة لمناقشة وتوقيع المجموعة القصصية "شهوة الملايكة" للكاتبة سعاد سليمان، الصادرة مؤخرًا عن دار روافد للنشر والتوزيع. يتضمن اللقاء رؤية نقدية حول المجموعة للدكتور يسري عبدالله، وقراءة للروائي أسامة حبشي، ويدير الندوة الشاعر علي عطا. وهذه هي المجموعة القصصية الثالثة للكاتبة سعاد سليمان، التي صدرت لها من قبل: "هكذا ببساطة"، و"الرقص"، كما صدرت لها روايتان، هما: "غير المباح"، و"آخر المحظيات". "المقهى الثقافي" التقى الكاتبة سعاد سليمان، مفسحًا لها المجال لتتحدث عن أجواء مجموعتها الجديدة، وملامح تجربتها ككاتبة. تقول سعاد: لا أعرف على وجه التحديد متى بدأت القراءة والكتابة، ولماذا، ولا كيف؟ كل ما أعرفه أنها كانت منقذي الوحيد من ظروفي الاجتماعية والاقتصادية والأسرية الصعبة، بل شديدة الصعوبة. ربما أتذكر أنني كنت أتلقى صفعات وركلات أبي وأنا أتشبث بكتاب ما في يدي، أحضنه في صدري كي لا يتمزق ولا تطوله تلك الضربات المؤلمة. كان من الممكن أن أرفعه وأحمي رأسي به من ضربات طائشة، وآلام لا تعرف الهوادة. وأتعجب جدا عندما أتذكر كيف كان يحدث ذلك، أو كيف كنت أفعله، ولا أجد إجابة، وأدرجه في باب المعجزات في حياتي، وهي كثيرة جدا. ربما أتذكر عيوني المتورمة من البكاء، وقطرات الدموع ما زالت تتساقط على الورق الذي أمسكه بيدي، وأكتب بهيستريا كل عذاباتي وإحباطاتي، أصوغها شعرا، أو هكذا كنت أسميه، العجيب أنني كنت أشعر بالألم يتلاشى ويحوم صفاء نقي حولي، وأنام مجبورة الخاطر. وعندما يقرأ زملائي في الفصل ما كتبته، أرى الذهول والإعجاب في عيونهم، ويروادني إحساس لذيذ بأني مختلفة وقادرة، وسأصمد، وأني أملك ما لا يعرفه أحد طالما توفرت في يدي كتاب وورقة وقلم. وبسؤالها، هل كانت تعي أنها تملك بالفعل مفاتيح الكتابة، تجيب سعاد: هكذا كنت أتساءل بالفعل وقتها، والإجابة: لا أعرف. لكني فتحت مخازن الذاكرة على اتساعها وغرفت منها في أولى مجموعاتي القصصية "هكذا ببساطة" عام 2001، التي وجدت صدى طيبا عند القراء والنقاد. احترت بعدها ماذا سأكتب، وهل تصلح مخازن الذاكرة المحملة بالكثير من الألم لأواصل رحلة الإبداع؟ وبعد أربع سنوات وجدتني أشكل عالما آخر مختلفا عما عشته وكان مصدر إلهامي، عالما فنتازيا في "غير المباح" 2005، وفرحت لقدرتي على غزل خيوط الخيال بالواقع، والابتعاد ولو قليلا عن ما هو شخصي بحت. ثم عادت شخوص طفولتي وشبابي تلح بضراوة، تعاركني، تريد أن تطلق آهات مكبوتة، ظلت سجينة طويلا، فأطلقت لها العنان في مجموعتي القصصية "الراقص" 2007، وظل يطاردني إحساس غريب بأنني غير قادرة على الخروج من أسر عالم بيئتي، وهو عالم شاسع جدا ومتسع بعرض الدنيا، فقررت المجازفة وتجريب الكتابة في عالم آخر، عالم الطبقة المتوسطة، التي صرت أقف على أعتابها، فكانت "آخر المحظيات"، 2012، التي لاقت نجاحا لم أتوقعه. تعلمت المزيد من الحرفية والتجديد والخلق بدون قيود، وكنت أخاف أن أكسرها سابقا. وفي "شهوة الملايكة"، تقول سعاد سلميان ل"المقهى الثقافي"، وهي استكمال لمشروعي الأدبي، بخاصة في عالم القصة القصيرة، الفن الذي أعشقه جدا، اكتشفت أن ينابيع الإبداع تتواصل مع هذه التجربة الجديدة، ووقر في قلبي أن فن القصة القصيرة هو الأقرب لروحي حينما أكتب عن أبي وأمي وأخواتي وأهلي الغرباء في مدينة الإسكندرية، التي مهما عاشوا فيها يظلون غرباء يحنون إلى نيل وجبال وفقر بلدتهم سوهاج. وتساءلتُ: ما الرابط بين هؤلاء المهمشين المنسيين الذين ظلمتهم الحياة وجنت عليهم حكومات لا ترى من مصر سوى الأغنياء وأبناء المدن الكبيرة؟ ربما أكون محملة برسائلهم وأحلامهم المغدورة دائما وأبدا، ربما أكون صوتهم لمن لا يسمعون صراخ حناجر فقرهم، ربما هم من أشعلوا وقود هذه الموهبة التي أتمنى أن تكون صالحة لاستكمال الكتابة عن ما تبقى من حكاياتهم الكثيرة.