"زهرة الخشخاش".. لوحة الفنان الهولندي فان جوخ، بقدر ما أحبها عشاق الفن التشكيلي، بقدر ما أثارت الجدل لتعرض فنان تشكيلي ومسئول للسجن بسبب سرقتها في عهده، لتفتح سرقتها ملف الإهمال في مصر. هزت قضية لوحة "زهرة الخشخاش" الرأي العام والأوساط الثقافية عقب سرقتها من متحف محمد محمود خليل التابع لقطاع الفنون التشكيلية عام 2010 فى عهد رئيسه الفنان الراحل محسن شعلان (أبريل 1951 – فبراير 2014)، ليسجن عقب سرقتها بتهمة الإهمال (قيمة اللوحة حوالي 55 مليون دولار). وبالفعل قضى شعلان فترة سجنه، ثم خرج ليقدم معرضه "القط الأسود" في فبراير الماضي، ليسرد فيه بصريًّا تجربة السجن وما وصفه ب"الظلم الذي تعرض له"، ووافته المنية في أعقاب المعرض. وتبقى "زهرة الخشخاش" مختفية، في حين تطل على المشهد أحداث وفعاليات تتعلق بالراحل محسن شعلان، حيث يصدر قريبًا كتاب عن دار إيزيس للنشر، يتضمن المقالات التي كتبها الراحل بجريدة "التحرير" عقب دخوله السجن، حتى آخر مقال كتبه ليلة وفاته. ويقول أحمد شعلان، نجل الفنان الراحل، في تصريح ل"بوابة الأهرام": يضم الكتاب 54 مقالاً، تتناول الحديث عن سرقة اللوحة وفترة سجنه والشخصيات التي التقاها في محبسه، حيث شارك بعض رموز نظام مبارك في زنزانة واحدة، كما يوجه فيه رسالة لرئيس مصر. من جهة أخرى، يستعد نجل الفنان لعمل معرض استيعادي لوالده بأحد الجاليريهات الكبرى في إسبانيا، بالتعاون مع قطاع الفنون التشكيلية. وأشار إلى أن الجاليري قام بطرح فكرة استضافة المعرض في يناير المقبل، ومن المقرر أن يتضمن مراحل مختلفة تضم حوالي 40 عملا، مضيفًا أنه يفكر في عمل معرض آخر لوالده بإحدى القاعات الخاصة في مصر، لعرض بوسترات مستنسخة لأعماله بجوار أعماله الأصلية، حتى يقتنيها الكثيرون ممن لا يستطيعون اقتناء اللوحات الأصلية. وعن فكرة تأسيس متحف يضم أعمال شعلان أو تحويل مرسمه لهذا الغرض أوضح نجله أنه حاليا في مرحلة البحث عن مكان مناسب لإقامة متحف لوالده، لافتًا إلى أنه قام بتغليف وترميم أعماله للحفاظ عليها. وأضاف أنه تلقى عرضًا من شركة لإنتاج الأفلام الوثائقية لإنتاج فيلم عن والده وسجنه في قضية "زهرة الخشخاش"، والملابسات التي أحاطت بها، بخاصة أن بعض أعضاء هذه الشركة أشاروا إلى أن لديهم مستنندات تثبت وجود وقائع فساد كبيرة فى هذه القضية. وتابع نجل شعلان: الناس نسوا "زهرة الخشخاش"، وكأن الموضوع فتُح لمده معينة، فلا أحد يسأل عن اللوحة المفقودة، واكتفت الدولة ببلاغ للإنتربول فقط، وأغُلقت القضية بحبس محسن شعلان ثم وفاته. وقال أحمد شعلان: "أدعو بألا تعود زهرة الخشخاش إلى مجتمع ظلم والدي"، بحد تعبيره، وهي العبارة ذاتها التي قالها محسن شعلان قبيل وفاته. كما تعجب أحمد شعلان من عدم عرض لوحة لوالده في متحف الفن الحديث كشأن الفنانين الذين عرُضت أعمالهم مؤخرًا بالمتحف بعد افتتاحه جزئيا في سبتمبر الماضي، مضيفًا أن شعلان لم يبخل على قطاع الفنون التشكيلية بجهوده منذ كان موظفًا به، لكن هناك من تناسوا دوره. يُذكر أن "زهرة الخشخاش" من أشهر أعمال فان جوخ، رسمها عام 1887 قبل ثلاث سنوات من انتحاره، وهي بالألوان الزيتية على القماش، يصور فيها زهور الخشخاش الصفراء والحمراء، وتقدر قيمتها بحوالي 55 مليون دولار. وقد تعرضت اللوحة للسرقة من متحف محمد محمود خليل في يوم 23 أغسطس 2010، حيث تم قطعها بطريقة فنية دقيقة جدًّا من داخل البرواز الذي كانت تعرض به. وكان الفنان الراحل محسن شعلان قد تعرض للسجن سنة مع الشغل والنفاذ بعد إدانته بالإهمال والتقصير في أداء واجبه الوظيفي وتحميله المسئولية الإدارية عن سرقة اللوحة بوصفه رئيس قطاع الفنون التشكيلية آنذاك، ولم تتم استعادة اللوحة بعد. وقد بيعت مؤخرًا لوحة للفنان الهولندي فان جوخ تشبه "زهرة الخشخاش" في مزاد علني بالعاصمة البريطانية لندن بعنوان "خشخاش في زهرية"، بمبلغ 62 مليون دولار.