شهد بيت السناري، أخيرا، ندوة لمناقشة أدب محمود الورواري، شارك فيها الدكتور عمار علي حسن، والدكتور محمود الضبع، وأدارها الشاعر علي عطا. وقد تناولت الندوة روايات الورواري وقصصه، في إطار من النقد والشرح والتحليل، خاصة روايته الأخيرة "مدد"، وتحدث الدكتور عمار علي حسن، عن الورواري كأديب، وأنه قد جمع بين العيش فى المدينة والريف، وهذا يصبغ الأدب بطابع مختلف، وقال: لو كان الأديب العالمي نجيب محفوظ عاش حياة الريف لقدم لنا نوعا آخر من الأدب والرواية، يختلف عن رواية المدينة. وأشار إلى أن السياسة تطارد الأديب، وهو يحاول الابتعاد عنها، لكنها تتخلل الأحداث والسطور، وتناول أدوات الكاتب وتطورها، منذ بداية كتاباته الأدبية، ومدى استفادة الأجناس الأدبية من بعضها البعض، بما أن الورواري كتب الشعر والقصة القصيرة والرواية. وتحدث الدكتور محمود الضبع، فقال: إن النقد مات في المؤسسات الجامعية، وخرج إلى الشارع، للبحث عن أب شرعي، وأن مصير بطل رواية "مدد" كان تعيسا، بعد أن فقد وظيفته كوزير. وأشار إلى أن كل من يقرأ رواية "السمان والخريف" لنجيب محفوظ، ورواية "مدد" لمحمود الورواري، سيجد فيهما تشابها واضحا بين شخصية رياض كامل عند الورواري، وشخصية عيسى الدباغ عند محفوظ. كما أشار إلى استخدام الكاتب للتفاصيل الدقيقة التي يمتاز بها الإنسان العميق، فمن خلال لحظة فتح باب المقبرة القديم، حكى لنا تاريخ بطل الرواية، موضحا أن رواية "مدد" تعتبر دراسة عميقة، فالكاتب لا يعرض الحكم الفلسفية، بل يجعل أصحاب الحكم هم أنفسهم من يتحدثون، وأكد أن الكاتب يترك مساحة للقارئ عن قصد في أماكن محددة، ليفسح المجال أمام خياله. وفي نهاية الندوة، تحدث محمود الورواري، عن تجربته الأدبية، وقال، إنه يقدم رواية كل أربع أو خمس سنوات، ويترك الفكرة والشخصيات في ذهنه، حتى تنضج، فإذا بدأ في الكتابة انطلقت كل شخصية إلى مكانها، وحكت تاريخها، فهو يتعايش مع شخصيات الرواية، ويترك لها تحديد مصائرها. وأضاف، أنه يهيئ الجو للشخوص المتناقضة للعيش معا، فهو يتخيل أن الأوراق البيضاء هي الحياة، وتلك الشخصيات حقيقية، يجمع بينها لينظر ماذا سيحدث، وكيف يمكن أن تتم هذه المعادلة الصعبة، وما يمكن أن تؤدي إليه في تحقيق التوازن النفسي. وقال، إنه يهتم بالناقد والقارئ على السواء، فليس هناك مبدع بدون عمل إبداعي، ولا عمل إبداعي بدون من يتلقاه، والعلاقة بين القارئ والعمل الإبداعي لا تتضح وتفك شفراتها إلا عبر ناقد نزيه.