إذا كان لاعب الكرة له عمر افتراضى، ينتهى بانتهاء قدرته على العطاء.. فهل للمدرب سن ينهى خلالها مسيرته مع التدريب، حيث نرى مدربين اقتربوا من الثمانين ومازالوا يعملون؟ وهل يرحل المدرب لأسباب بعيدة عن العمر أو الأمور الفنية كأن يتم الهجوم عليهم ليتنحى مثلما حدث مع النظام السابق وطلبه الجمهور من حسن شحاتة مدرب منتخب مصر، قبل أن يجدد اتحاد الكرة الثقة به؟ الإجابة فى سياق التحقيق التالى: فى البداية يقول على أبوجريشة المستشار الفنى لنادى وادى دجلة إن انتهاء عمر المدرب، يكون من خلال اقتناعه الشخصى بأنه لا يستطيع الاستمرار، أو أنه يشعر بالملل من ممارسة المهنة، وهذا يختلف من شخص لآخر، ولا يرتبط بسن معينة، بدليل أن السير أليكس فيرجسون مازال يقود مانشيستر يونايتد منذ 22 عاما، من نجاح إلى نجاح. وأضاف أبوجريشة: "إذا شعر المدرب بأنه أعطى كل ما عنده، ولا يستطيع أن يقدم الجديد، فعليه أن ينسحب من الساحة، حتى لا يكون ابتعاده مطلبا جماهيريا، أو تقوم الإدارة بالاستغناء عن خدماته، وبالتالى يفقد الكثير من صورته التى ستهتز بشدة إذا لم ينسحب". ويرى حسن الشاذلى هداف مصر والترسانة الأسبق أن المدرب مثله مثل اللاعب، الملعب هو الذى يرفضه، فاللاعب إذا لم يشعر بأنه لن يقدم جديدا، واستمر فى الملاعب فإن الجمهور سيطالب باعتزاله، وهو ما ينطبق على المدرب، ولكن الأخير أكثر استمرارية، بحكم عدم ارتباطه بسن للعمل أو الاعتزال، أما اللاعب فلا يمكن أن يزيد عمره فى الملاعب على 37 عاما، وهى السن التى يبدأ بعدها مستواه فى التراجع، للخلل فى الوظائف البدنية. وأضاف الشاذلى أن المدرب كلما زاد عمره فى الملاعب زاد نضجه، وإذا كان التوفيق حليفه وامتلك مجموعة من اللاعبين الذين يمكنهم تنفيذ فكره، يسهم ذلك فى نجاحه واستمراره أكثر، ولكن هذا الاستمرار لا بد له من ضوابط، كأن يعمل من أجل الحصول على البطولة الإفريقية، وهنا تكون مدة عمله عامين، أما فى حالة كأس العالم، فعمله سيزيد إلى 4، وعندما ينجح فى أى منهما تتضاعف المدة، وهكذا. ويرى أسامة خليل مدرب الإسماعيلى الأسبق أن على المدرب أن يعتزل عندما يفلس فكريا بمعنى أنه لم تعد لديه استراتيجية جديدة يقنع بها لاعبيه، أما مسألة ارتباط السن بقدرة المدرب على التواصل مع لاعبيه أو لاعبى فريقه، فتعتمد بالدرجة الأولى على أسلوب أدائه الحركى فى تعليم المهارة، فكلما كبر فى السن قل أداؤه الحركى فى تعليم المهارة وهو ما يقوم به مساعدوه. وقال خليل إن المدرب ليس مطلوبا منه أن يقوم بالأداء الحركى، ولكن تكون لديه القدرة على الأداء الاستراتيجى، وكيفية توظيف لاعبيه تبعا لإمكاناتهم التى تتفق مع أهدافه، فمدرب الكرة يعتمد بالدرجة الأولى على التفكير المنظم الذى يسعى دائما للحصول على أحسن النتائج، فإذا افتقد هذه الميزة فلن يكون لديه مجال للاستمرار. أما محمد عامر المدير الفنى للاتحاد السكندرى فيؤكد أن المدرب طاقة، وعندما يفقد هذه الطاقة فعليه بالتقاعد، وربما يرفض الاستمرار، لأن المناخ أصبح لا يساعده، وهو فى هذه الحالة من نوعية المدربين التى لا تبحث عن العمل وفقط، بل إنه يرى أن هذا العمل لا بد أن يكون مقرونا بوجود أخلاق. وقال عامر إن العطاء فى التدريب ليس محكوما بالسن، فهناك مدربون مستمرون حتى سن كبيرة، وآخرون فى سن صغيرة لم يتمكنوا من الاستمرار، وهذا محكوم بالشخص نفسه، فالخبير الكروى كروفر استمر حتى الثمانين، وكذلك محمود الجوهرى الذى وصل إلى سن كبيرة، ومع ذلك فهو قادر على قيادة منتخبات، من خلال فكره، الذى يستطيع أى مساعد له أن ينفذه، وهو مازال يستطيع أن يخطط ويقنن أحمال، ويقرأ المباريات. وأضاف أن هناك مدربين "أرزقية" برغم أنهم صغار السن، فالموهبة هى أساس العطاء، ومن ثم الاستمرارية. وأشار إلى أن نجاح حسن شحاتة المدير الفنى للمنتخب يكمن فى أنه نجح فى كل المهام التى تم إسنادها له باستثناء الوصول لكأس العالم، ولكنه عوضه بالحصول على كأس الأمم الإفريقية بأنجولا، وليس معنى خسارة مباراة أن نحكم عليه بالفشل، فالمدرب يتم الحكم عليه بمجمل عمله، وليس بمباراة أو اثنتين.