المبدع "كمال مسعود" وعبقرية الإخراج

تكتب
"وقائع مصرية" ليس مجرد اسم لبرنامج تليفزيوني، بل هو عنوان لحدث برنامجي استثنائيٍّ كُتب له الخلود، بفضل مجهود عظيم لفريق عمل استثنائيٍّ أشبه بالجُنود بقيادة المخرج العبقريّ كمال مسعود الذي يشكل علامة بارزة في تاريخ التليفزيون المصريّ، منذ قيامه بإخراج البرنامج في منتصف الثمانينيات،1 وفي وقت كانت فيه مصر تمر بمراحل متنوعة من التحولات الاجتماعية والثقافية، مما جعله استثنائيًا، وجاء كحدث فنيٍّ سُجل وبقي في الذاكرة.
"وقائع مصرية" برع في استعراض وتقديم فكرة مبتكرة في تناول الأحداث والشخصيات والمعالم التاريخية والاجتماعية والثقافية لمصر، محققًا توازنًا بين التراث والحداثة.
واستخدم فيه كمال مسعود أسلوبًا فنيًا فريدًا في الإخراج، وتألق في توظيف العناصر البصرية والصوتية التي ساهمت في خلق تجربة مشاهد ممتعة ومؤثرة لم تتكرر.
واعتمد على استخدام كل العناصر الفنية بطريقة مبتكرة، مما أعطى البرنامج عُمقًا وواقعية، كما كان له دور بارز في اختيار الموسيقى التصويرية التي تستحضر مشاعر المشاهدين وتعزز تجربتهم.
ترك "وقائع مصرية" أثرًا واضحًا على المشاهدين، حيث أثرى معلوماتهم عن تاريخ مصر الثقافيّ والاجتماعيّ ورُموزه. كما أسهم في تشكيل وعي الأجيال الشابة وقتها، حول أهمية التاريخ والتراث، واستمر تأثير البرنامج مُمتدًا على مدى السنوات.
يمثل كمال مسعود ببرنامجه "وقائع مصرية" قِمة في الإبداع الفنيّ والتاريخيّ، حيث أبدع في تقديم المحتوى بأسلوب جذاب وعُمق معرفي، وكان لبرنامجه تأثير كبير على الثقافة المصرية، مما يجعله واحدًا من المخرجين الأكثر تميزًا في تاريخ الإعلام المصريّ.
وكنت أتوقع الاستفادة به وبخبراته الكبيرة في مجال مهم يفتقد ما يتميز به المبدع كمال مسعود، الذي نجح وببراعة في ابتكار أفكار متفردة، سواء عن شخص أو قضية، وبرع أيضًا في وضع التصور البصريّ الموازي لها، بلقاءات سريعة ومستفيضة مع بطل الحلقة أو صاحب الفكرة، وكذلك مع متخصصين، للإحاطة بالفكرة من كل الجوانب.
بالإضافة لاستعانته بأرشيف التليفزيون المصوَّر واستعراض ما يمتلكه ماسبيرو من كنوز يضيئها كمال مسعود بفكره المستنير في حلقات برنامجه الخالد "وقائع مصرية"، البرنامج التسجيليّ الأشهر في تاريخ الإعلام العربيّ، والذي أصبح علامة فارقة في تاريخ البرامج التسجيلية.
هذا البرنامج الذي سجل مشوار شخصيات وأحداث مرت بها مصر، وكان من الضروريّ الاهتمام بإعادة عرضه في توقيتات متميزة كوثيقة لتتعرف منها الأجيال على هذه الشخصيات والأحداث المؤثرة في تاريخ مصر والتي نفتخر بها.