قال الكاتب الأمريكي آرون ديفيد ميلر، إن أزمة غزة زادت من تردّي العلاقة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل. ورصد - في مقال نشرته صحيفة (لوس أنجلوس تايمز)- بعض شواهد هذا التردي: من هجوم إسرائيل على وزير الخارجية جون كيري، وانتقاد الرئيس الأمريكى باراك أوباما لطبيعة الهجمات الإسرائيلية "المروعة" على قطاع غزة متسببة في سقوط ضحايا مدنيين، والتدقيق المبالغ فيه فيما يتعلق بإرسال شحنات الصواريخ الأمريكية إلى إسرائيل.. الأمر الذي دفع المراقبين إلى القول إن العلاقة بين الدولتين في أسوأ أدوارها. وأكدّ ميلر أنه مهما اختلت العلاقات بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن الرابطة بين أمريكا وإسرائيل قائمة على قيم متبادلة وسياسات ومصالح مشتركة حتى في أوقات التوتر.. وهي أقوى من الانفصام.. وسنرى كيف سيسلط سطوع نجم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الضوء على متانة تلك الرابطة. وأوضح الكاتب أن اختلال العلاقة بدأ عند مستوى القمة: الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لا يستريحان ولا يثقان ببعضهما البعض; يرى نتنياهو أن أوباما لا يقف على خصوصية وضع الإسرائيليين كأمة صغيرة وسط أمم مجاورة تُكن لها العداوة، فيما يرى أوباما أن نتنياهو مُخاتل عصريّ في الشرق الأوسط يخاطر بعملية السلام دون مراعاة للمصالح الأمريكية. وعللّ ميلر هذا الاختلال غير المعهود في علاقات رؤساء أمريكا برؤساء حكومات إسرائيل، بأنه لا توجد شراكة بين أوباما ونتنياهو، بحيث يمكن أن يُثمر التعاون عبر تلك الشراكة أرباحًا سياسية تعود على كليهما.. ثمة اختلافات جوهرية بين طبيعة الرجلين تجعل من التعاون عن قرب أمرًا صعبًا. وأكدّ نفيه حدوث تحول مُهم أو رئيسيّ في العلاقات بين أمريكا وإسرائيل لأسباب منها وقوف كل منهما على احتياجه للآخر.. إن نتنياهو يعلم أن القطيعة بينه وبين واشنطن من شأنها تقويض سلطاته، أما أوباما فمحتاج إلى إقناع نتنياهو بإحراز أية خطوة على طريق السلام مع الفلسطينيين. فضلا عن ذلك، لم يتبق لأوباما الكثير من الأصدقاء في المنطقة; فعلاقاته مع مصر والسعودية باردة، وعلاقته بالأردن وثيقة، لكنه بلد ضعيف، أما القطريين فليسوا أهلا للثقة، بحسب ميلر الذي رأى أنه من المفارقات أن تتفق وجهات نظر السعودية ومصر مع إسرائيل حول قضايا رئيسية أكثر من الاتفاق حول القضايا نفسها مع أمريكا.. كما أنه في ظل تصاعد التكهنات بشأن تدخل عسكري أمريكي في العراق وربما سوريا، فإن واشنطن لا تسعى للمشكلات مع إسرائيل. وزعم الكاتب في هذا السياق أن سلوك إسرائيل مهما كان عنيفًا فإنه يبدو لا شيء مقارنة بسلوك المتطرفين من العرب، وساق بعض الشواهد على ذلك بدءًا من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وانتهاء بسلوكيات الدواعش، مرورا باستخدام الكيماوي في سوريا. ورأى ميلر أن أوباما لا يحتمل مهاجمة إسرائيل في الوقت الراهن: ولم يتبق أمامه في الرئاسة سوى نحو ألف يوم، وكاهله مثقل بالملفات الداخلية والخارجية، وانتخابات منتصف المدة مُقبلة ومهاجمة كتلك كفيلة بإخراج الديمقراطيين من كل من البيت الأبيض ومجلس الشيوخ.. إن آخر ما يحتاجه أوباما هو مهاجمة حليف أمريكي له نفوذ قوي في واشنطن. واختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن أوباما المُحاصر بكل تلك المعطيات ليس من مصلحته المخاطرة بالعلاقات الأمريكية-الإسرائيلية وتعريضها للمزيد من التردّي.