«أنا أحب السفر لأى مكان وفى أى وقت، وفى كل الأحوال»، بهذه الكلمات القليلة كشفت وزيرة الخارجية الإيطالية فيديريكا موجيرينى عن شخصيتها التى تبدو على ملامحها للوهلة الأولى البساطة والهدوء، إلا أنها فى الحقيقة امرأة دءوب تؤدى مهامها بنشاط وهمة وحزم، وقد أثار ترشيحها مؤخرًا لأعلى سلطة تمثيل خارجى للقارة العجوز جدلا داخل أروقة الاتحاد الأوروبي. ويأتى ترشيح فيديريكا موجيرينى لمنصب المفوضة العليا للسياسة الخارجية خلفا لكاثرين اشتون بعد فشل قمة زعماء الدول الأوروبية الأخيرة فى التوصل إلى وفاق بشأن تسمية من الذى سيتولى هذا المنصب المهم، إلى جانب منصب رئيس المجلس الأوروبى، مما أدى إلى الاتفاق بشأن عقد قمة جديدة فى نهاية أغسطس المقبل. وقد كشف هذا الاختلاف عما يواجهه الاتحاد الأوروبى من مشكلات كثيرة ولا سيما أنه يعانى صراعًا بين رؤساء حكومات أعضائه الثمانية والعشرين، ويرجع توزيع المناصب فى الاتحاد الأوروبى لمعاهدة لشبونة التى حددت توزيع المناصب العليا فى الاتحاد طبقًا للموقع الجغرافى والديمغرافى، مما يعكس التنوع، ويحفظ توازنًا عادلًا بين الجنسين، وكذلك بين الأحزاب الأوروبية. وتحظى فيديريكا موجيرينى بمؤازرة قوية من رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزى الذى تتولى بلاده حاليًا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وقد ظهر ذلك جليًا من خلال دعمه لها بقوة داخل الاتحاد، مؤ كدًا فى أحد لقاءاته أنه مهتم للغاية بأن يذهب المنصب لمرشحته. وتنافس موجيرينى على هذا المنصب البلغارية كريستالينا جورجيفا المفوضة الأوروبية للمساعدة الإنسانية، التى نالت تقديرًا مميزا لالتزامها بجهود الإغاثة الأوروبية الكبيرة فى أزمات مختلفة. وتتمتع جورجيفا بمهارات سياسية واسعة، كما تحظى بدعم دول شرق أوروبا التى تعارض تعيين موجيرينى لهذا المنصب، على خلفية أنها لا تتمتع بالخبرة الكافية، حيث لم يمر على تقلدها لمنصب وزيرة الخارجية فى بلادها سوى خمسة أشهر. ولدت فيديريكا موجيرينى فى عام 1973، و مارست العمل السياسى خلال فترات تعليمها، حيث شاركت فى الحملات التطوعية عام 1990 لمكافحة العنصرية وكراهية الأجانب متدرجة بعد ذلك فى مراحل تعليمها المختلفة، إلى أن حصلت على شهادتها الجامعية فى العلوم السياسية مع مرتبة الشرف من جامعة لاسابينزا الايطالية. فيديريكا تتحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة، بالإضافة إلى اللغة الأسبانية، ويمكن القول إن عمل فيديريكا الجاد هو سر نجاحها فى الحقل السياسى، ففى عام 1996 التحقت بائتلاف شباب اليسار الايطالى. وقد كانت فيديريكا من أنشط شباب الحزب الديمقراطى الإيطالى، حيث عملت كمنسقة للجنة العلاقات الخارجية فى الحزب. وفى عام 2008 تم انتخابها فى البرلمان الإيطالى لتصبح عضوًا فى لجنة الشئون الخارجية والدفاع فى مجلس النواب الايطالى، علاوة على كونها عضوًا فى مجلس قيادة الشبكة الأوروبية المتعددة الأطراف لنزع الأسلحة النووية وعدم الانتشار، كما أنها لها خبرة كبيرة بشأن عملية السلام فى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى معرفتها الجيدة بملفات العراق وأفغانستان. وقد تزايد الاهتمام مؤخرًا فيديريكا تزامنًا مع زيادة حضورها على ساحة الأحداث الإقليمية والدولية، حيث قامت مؤخرا بجولة بالشرق الأوسط شملت كلا من مصر وفلسطين وإسرائيل والأردن، محاولة تقريب المواقف الفلسطينية والإسرائيلية، مما اعتبره البعض بمنزلة اعتماد فيديريكا على الساحة الدولية كمرشح محتمل لرئاسة المفوضية العليا لشئون السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبي.