تظل مشكلة "الباعة الجائلين" أزمة من الأزمات التى تؤرق العاصمة، خاصة فيما يتعلق بتشويهها للمظهر الحضارى لقاهرة المعز، ويعجز كل محافظ عن إيجاد حل حقيقى لجميع أطراف المشكلة، بدءًا من البائع نفسه مرورًا بالحى، وأجهزة المحافظة. وازدادت الأزمة، عقب ثورة 25 يناير، وتحديدًا مع الانفلات الأمنى الذى صاحبها، وغياب شرطة المرافق التى كانت تطارد هؤلاء الباعة بشوارع القاهرة وميادينها، وتمنع سيطرتهم عليها بطرق عشوائية. من جانب آخر، اعترف المحافظ الحالى جلال السعيد فى بداية توليه منصب محافظ القاهرة، بأن المشكلة مزمنة، ولكنه سيسعى كغيره من المحافظين على حلها بما لا يضير جميع الأطراف. أما المحافظ الأسبق عبدالقوى خليفة، فقد أكد أن البطالة تعد سببا رئيسيا فى تلك المشكلة، لافتا إلى أن جميع الجائلين يأتون من المحافظات الأخرى للعاصمة، بحثا عن لقمة العيش، والتى لا تتوافر فى أغلب الأوقات إلا فى شراء بعض البضائع الرخيصة وبيعها على الأرصفة، وهو الأمر الذى تسبب كذلك فى زيادة العشوائية بميادين وشوارع العاصمة، وصعوبة حركة المرور فيها. وسعت المحافظة فى بعض المناطق كالعباسية، والوايلى، وغيرهما إلى تطبيق نظام "الباكية أو الوحدة" لتجميع الجائلين فيها، كمحاولة لتعميم التجربة فى باقى الأحياء، ولكن الباعة لم يلتزموا بها. والسبب كما أوضحه صلاح الديروطى، أحد الباعة الجائلين بالعتبة ل"بوابة الأهرام"، هو أن تلك الأماكن بعيدة عن المارة، بل هى منعزلة تماما عن أماكن العمل، والتى يجد فيها "الجائلون" غايتهم بإقبال الموظفين على الشراء منهم. نفس الرأى تبناه محسن سعيد، أحد الباعة بشارع "إبراهيم اللقانى" بروكسى، متهما محافظة القاهرة بعدم الحرص على مصلحة المواطن، والدليل أن جميع الجائلين رفضوا الأماكن البديلة، بسبب بعدها عن المناطق الحيوية بالعاصمة. ورغم كل هذا الرفض منهم، إلا أن رؤساء الأحياء يأملون فى عودة "شرطة المرافق" لسابق عهدها فى مطاردة هؤلاء، وإجبارهم على الالتزام بالأماكن المحددة لهم فى كل حى. وأكد أحمد فوزى، رئيس حى المطرية، ل"بوابة الأهرام" أن الحى يعكف حاليا على تنظيم هؤلاء فى شارعى الحرية، والكابلات وميدان المطرية، وتجميعهم فى مكان واحد، خاصة، وأنهم بدأوا يتعدون على الأرصفة، والحارات الضيقة، مما يعيق حركة المرور، وسير أتوبيسات النقل العام فى الحى. فى سياق متصل، يقوم حى "منشأة ناصر" بإنشاء سوق لتجميع الباعة الجائلين على مساحة 1000 م2 يضم 130 "باكية" بتكلفة تقدر بحوالي نصف مليون جنيه مزمع الانتهاء منه خلال نهاية الشهر الجاري، حيث جاري توصيل المرافق له وأعمال التشطيب النهائية. وأصدر المحافظ تعليماته، بتخصيص 25% من عدد "الباكيات" للحالات الحرجة، ويتم توزيع باقي الوحدات بنظام القرعة العلنية لكل المتقدمين.