مع إن الحجاب "شيك" والمذيعة جميلة، ورغم أن التليفزيون المصري ليس في لوائحه ما يمنع من ظهور مذيعات محجبات على شاشات قنواته ، ومع أن الإعلامية الكبيرة كريمان حمزة ظهرت منذ أوقات مبكرة كأول ممذيعة متميزة وحتى القنوات العربية والخاصة في مصر سمحت بالمحجبات على شاشاتها، وقدمن برامج ناجحة، إلا أن المعيار في ظهور المحجبات لم يخضع لأي قواعد متعلقة بالنجاح أوالفشل. بل بالتعليمات الصادرة من الجهات العليا. أما وقد أسقطت الثورة هذه التعليمات وجهاتها العليا، فقد عادت قاعدة النجاح هي التى تتحكم في ظهور المذيعة. فبعد أن صرح رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق أسامة الشيخ في عدة مرات" بأن المحجبة مكانها المنزل لا العمل الإعلامي أمام الكاميرات؛اختلفت التصريحات -قبيل تركه منصبه- شكلا ومضمونا لتصبح" من حق المذيعات المحجبات الظهور على شاشات التليفزيون، وأنه سيجري تنفيذ قرار يسمح لهن بالظهور عليها". مشكلة ظهور المذيعات المحجبات على التليفزيون المصري من المشكلات التي تم تفجيرها من عدة سنوات، على الرغم من عدم وجود قرار صريح بذلك من قبل التليفزيون المصري- ولكنه بات عرفا محفوظا يطبقه -وعلى الرغم أيضا من حصول بعض المذيعات على أحكام قضائية واجبة النفاذ ضد التليفزيون إلا أنها لم تنفذ. في إحدى التصريحات الصحفية أكد عادل معاطي -رئيس قطاع القنوات الإقليمية التابع لاتحاد الإذاعة والتليفزيون بمصر- أنه أصدر تعليمات لرؤساء القنوات الإقليمية بالسماح للمذيعات المحجبات بالظهور على الشاشة، وتقديم البرامج دون حساسية، مضيفا أن هذا القرار يستفيد منه 37 مذيعة في القنوات الإقليمية. وحول هذه التصريحات أكدت المذيعة لمياء حسين المذيعة بالقناة الخامسة، أن ما صرح به الأستاذ عادل معاطي سيتم تطبيقه فعليا ابتداء من يوم 5 مارس الجاري، مشيرة إلى أنها لم تظهر على الشاشة منذ 9 سنوات، وكان المسموح لها فقط إجراء التعليقات الصوتية على البرامج، على الرغم من حصولها على حكم واجب النفاذ من المحكمة إلا أنه -على حد قولها- ظل معطلا لمدة عام كامل. وكان لغادة الطويل مذيعة بالقناة الخامسة تجربة أيضا روتها ل"بوابة الأهرام"، حيث قالت: بعد ارتدائي الحجاب في عام 2002 ، قمت برفع دعوى قضائية عام 2003 ليصدر الحكم القضائي في 2005، ويتم تنفيذه في نهايات 2010، بعدما تناولت مشكلتي بعض وكالات الأنباء العالمية، وهددت باللجوء لمنظمات حقوق الإنسان الدولية. وأضافت أنها منعت من إلقاء نشرة الأخبار التي كانت تقدمها بالإنجليزية، وطلب منها قبل العودة مؤخرا لقراءتها، أن تجري اختبارا أمام الكاميرا بعدما ارتدت الحجاب إلا أنها رفضت إجراء الاختبار، معللة ذلك بأنها قد مارست هذه المهنة قرابة 12 عاما، وترى أن هذا الغطاء لن ينتقص من لغتها أو أدائها ولا حتى من صوتها" اتفقت لمياء مع غادة في كون الحجاب حرية شخصية، ولا يعيب المذيعة، لاسيما وأن المحجبات هن من نسيج المجتمع، حيث ربطت الأخيرة بين ظهور إحدى المذيعات المحجبات في قناة Lbc اللبنانية، على الرغم من أن اللبنانيين من أكثر الشعوب المحبة للموضة والتحرر. ومن القناة الخامسة إلى القناة الأولى حيث أكدت المذيعة نشوى عبد السلام (مدير إدارة تثقيف الطفل في القناة الأولى) أنها قامت بالأعمال الإدارية فقط بالمحطة بعد ارتدائها الحجاب، بالإضافة من قيامها بالتعليق الصوتي على بعض البرامج، إلا أنها لم تظهر على الشاشة منذ 5 سنوات تقريبا، وقالت : "كانوا دايما يقولو ن لنا إنكن لم تأتين محجبات، وأن هذا هو اختياركن، وأن هذا الشكل الجديد الذي اتخذتهن يختلف مع مصوغات العمل في التليفزيون" . وفي لقاء جمعها مع رئيسة التليفزيون نادية حليم، قالت حليم لها :إنه سيتم عمل اختبارات للمذيعات البعيدات عن الشاشة منذ سنوات طويلة قريبا لمعرفة هل هناك تغيير في الأداء أو الشكل أم لا؟ ورأت نشوى أن قرار أسامة الشيخ (حسنة) تحسب له على الرغم من الاختلاف مع سياساته السابقة ، وأضافت أن الكثيرات من هؤلاء المذيعات اعتبرن أن هذا القرار لن يكتمل، إلا أنها رأت أن اللواء طارق مهدي القائم بتسيير أعمال اتحاد الإذاعة والتليفزيون هو من بدأ في تفعيل هذا القرار، و لم ير غضاضة من ظهورهن على الشاشة. أشادت أيضا المذيعة نيفين الجندي المذيعة بالقناة الثانية بموقف اللواء طارق مهدي، حيث قالت إنه قابل المذيعات بروح طيبة وسعة صدر كبيرة، وأبدى موافقته على ظهورهن-أي المحجبات- في البرامج الأسرية، وبرامج المرأة وكذلك الدينية، في حين فضلت المذيعة نشوى عبد السلام أن يشمل القرار الظهور أيضا في برامج الأطفال، وأكدت الجندي أنه يجري الآن إعداد (الجدول)المخصص بهذا الشأن، قالت: "منذ 12 سنة لم أظهر على الشاشة"، وأنه تخلل هذه المدة 9 سنوات قضيتها في قناة اقرأ الفضائية، بعدما لفظهن التليفزيون -على حد قولها- وأبدى رفضه لهن، وأكدت أن هذا القرار منحهن الشعور بالانتماء والعودة لبيتهن الأصلي مرة أخرى. واتفقت كل المذيعات أن الثورة لها دور إيجابي في تحريك قضيتهم بعدما باتت راكدة، وبعدما حرمن من الظهور على الشاشة بالحجاب لسنوات طوال؛ لترسخ الثورة بذلك مبدأ الحرية والديمقراطية. وأضافت المذيعة مها مدحت مدير إدارة البرامج الدينية أن هذا القرار أيضا، يعد تأكيدا على سقوط النظام السابق. شددت مها على أن الحجاب ليس حجاب العقل، وأن (الاحتشام) هو مفهوم أعم وأشمل وهو موجود في كل الشرائع السماوية، حيث قالت: إن الاحتشام يحسن علاقة الفرد بربه دون المساس بحرية الآخرين، ورددت ما كان يقال لهن من أسباب لمنعهن من الظهور قائلة: (قيادات عليا ترغب في عدم ظهوركن بالحجاب). واستكملت، أنه كان لها صولات وجولات مع التليفزيون المصري ، فضلا عن لجوئها للقضاء وقيامها باعتصامات في مبنى الحزب الوطني. وعلى الرغم من حصولها على حكم قضائي واجب النفاذ إلا أنها ظلت مقيدة في الظهور على الشاشة، حيث سمح لها –كحالة استثنائية- في عمل تقديمه فقط للبرنامج الديني الذي تقدمه_ومن زاوية بعيدة جدا- ثم مؤخرا استطاعت أن تقدم خاتمة أيضا، وتجدر الإشارة أن أوقات عرض البرامج التي قدمتها، كانت في وقت الفجر. وطرحت مها رؤية مستقبلية للعمل الإعلامي، حيث قالت لا بد من وجود (سياسة نطاق للعمل الإعلامي) الذي ترى أنه يصلح مع كل أنواع البرامج سواء حوارية أو تسجيلية، أو ثقافية أو غير ذلك، وتقوم هذه السياسة على عمل خطط قومية في كافة مناحي الحياة، لتصل في النهاية إلى تعريف المواطن المصري والأسرة المصرية بحقوقها وواجباتها. وتدور هذه السياسية في 7 خطوات وهي: الأسرة الآمنة،الأسرة المستقرة، الأسرة المتماسكة، الأسرة المنتجة، الأسرة الفاعلة، الأسرة المتوازنة، الأسرة الواعية. وتضم كل خطوة من هذه الخطوات السابقة مجموعة أفكار تصاغ لترسخ مفهوم كل خطوة من هذه الخطوات. وشددت مها على ضرورة أن يقوم الإعلاميون بصياغة إعلامهم- وهو أيضا ما دعا إليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة- قائلة:"ليس لأحد الحق في صياغة إعلامنا؛ لكي يكون إعلامنا إعلاما مسئولا" كما دعت إلى دخول الرقابة الإدارية في آليات العمل التليفزيوني من بدايته، بحيث لا يقتصر دوره فقط على حصر المخالفات إن مشكلة المذيعات المحجبات ليست من المشكلات المنتشرة في العالم مثلما هو الحال في مصر، لاسيما وأن التليفزيونات الغربية سمحت بظهور العديد من المحجبات على شاشاتها، مثل نادية جبريل، فضلا عن المذيعة المحجبة خديجة بن قنة التي سمح لها بالظهور على شاشة قناة الجزيرة بالحجاب.