تخفي الملايين التي أنفقها كل من جهاز قطر للاستثمار والملياردير الروسي ديميتري ريبولوفليف لتدعيم صفوف فريقيهما عقب انتهاء فترة الانتقالات الصيفية في فرنسا، ضعفا حقيقيا في الأوضاع الاقتصادية للأندية الفرنسية خلافا للانطباع السائد بسبب الأموال الطائلة التي أنفقها القطريون والملياردير ريبولوفليف الملقب بملك البوتاس . فما أنفقه ريبولوفليف من ملايين على فريق موناكو الصاعد حديثا للدوري الفرنسي هذا الموسم قادما من دوري الدرجة الثانية وجهاز قطر للاستثمار على فريق باريس سان جيرمان حامل لقب بطل فرنسا للموسم الماضى 212-2013 لا يعكس على الإطلاق الحالة الاقتصادية المتردية للفرق الفرنسية ال18 الأخرى بل يعكس فقط قدرات مالية خاصة لمؤسسة تملكها دولة قطر النفطية الثرية وملياردير روسي يحتكر صناعة البوتاسيوم في بلاده وعدد كبير من دول الاتحاد السوفيتي السابق . ويرى مراقبون أنه لو رفع القطريون والملياردير ريبولوفليف يديهما عن الناديين اللذين يحتلان الآن المركزين الأول والثالث في الدوري الفرنسي فإنهما سيجدان نفسيهما في نفس وضع الأندية الفرنسية الأخرى ، بل أن فريق موناكو الذي يحتل حاليا صدارة الدوري الفرنسي بعد أسابيع من عودته من دوري الدرجة الثانية كان سيجد نفسه في وضع أشد سوءا نظرا لضعف جماهيريته بسبب انتمائه لإمارة موناكو الصغيرة التي تعد ثاني أصغر دولة في العالم بعد الفاتيكان حيث لا تتعدى مساحتها 2 كيلو متر مربع ولا يزيد عدد سكانها على 35 ألف نسمة. يشار إلى أن نادي موناكو يشارك في الدوري الفرنسي نظرا لعدم وجود دوري في إمارة موناكو الواقعة داخل الأراضي الفرنسية إلا من منفذ على البحر المتوسط . فبعد مرور ساعات قليلة من نجاح الملياردير ريبولوفليف في إعادة نادي موناكو لدوري الدرجة الأولى الفرنسي بادر ملك البوتاس بفتح خزائنه ليحتل المركز الأول على المستوى الأوروبي من حيث الإنفاق على عقد الصفقات بنحو 166 مليون يورو متقدما على العملاق الأسباني ريال مدريد صاحب المركز الثاني بصفقات بلغت قدرها 5ر163 مليون يورو . وقد نجح نادي موناكو في تدعيم صفوفه بالفعل بصفقات مدوية جاء على رأسها فالكاو (60 مليون يورو) وجيمس رودريجز (45 مليون يورو) وخاو موتينهو ( 25 مليون يورو) وجيوفري كوندوجبيا (20 مليون يورو) وجيريمي تولالان (5 ملايين يورو) . ورد جهاز قطر للاستثمار على الملياردير ريبولوفيليف بتدعيم صفوف باريس سان جيرمان بقدر أقل من الإنفاق، لكنه تضمن مع ذلك عقد أغلى صفقة في تاريخ الدوري الفرنسي بشراء أدينسون كافاني نجم هجوم أوروجواي بنحو 64 مليون يورو، فضلا عن شراء ماركينوس نجم دفاع شباب البرازيل (32 مليون يورو) واللاعب الفرنسي الشاب لوكاس ديني (15 مليون يورو) . وشملت الصفقات أيضا رفع رواتب نجمي الفريق الكبار زلاتان إبراهيموفيتش هداف الدوري الفرنسي الموسم الماضي وتياجو سيلفا نجم دفاع البرازيل المخضرم . وقد حاول نادي مارسيليا صاحب المركز الثاني في الدوري الحالي وأحد أكبر الأندية الفرنسية إثبات وجوده بين العملاقين القطري والروسي معتمدا على ثراء ملاكه (عائلة دريفوس اليهودية الشهيرة في فرنسا) لكنه لم يتمكن إلا من إنفاق 42 مليون يورو فقط في عقد صفقات لا يمكن أن تقاس بصفقات موناكو وباريس سان جيرمان من حيث النجومية ، فقد كانت جميع صفقات مارسيليا من بين لاعبي الدوري المحلي الفرنسي ورغم أن اللاعبين الذين اشتراهم مارسيليا يعدون من اللاعبين الجيدين إلا أنهم لا يمكن أن يصلوا مع ذلك إلى مرتبة النجوم "السوبر ستار" . ويأتي على رأس هؤلاء توفان ( 15 مليون يورو) وبييه (9 ملايين يورو) وإمبولا (5ر7 مليون يورو) وليمينا و ليميدني ( 4 ملايين يورو لكل منهما) فضلا عن خليفة ( 5ر2 مليون يورو) . أما نادي ليون الذي هيمن على الكرة الفرنسية لمدة 7 سنوات في بداية الألفية الثالثة فقد كان أكبر ضحية للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الأندية الفرنسية، فقد اضطر ليون إلى بيع عدد كبير من أفضل لاعبيه بسبب عدم قدرته على سداد رواتبهم ويأتي على رأس النجوم الذين تم التخلص منهم لضيق ذات اليد ليساندرو لوبيز ولوفرين ومارتيال ومونزون وباستوس . وقد حاول ليون تعويض بيع هؤلاء اللاعبين المتميزين بلاعبين محليين مثل جانيك ولوبيز وبيديمو لكنهم لم يستطيعوا إثبات جدارتهم حتى الآن بارتداء فانلة ليون مما تسبب في خروج ليون المبكر من بطولة دوري الأبطال الأوروبي "التشامبيونز ليج" بهزيمته 4/صفر بمجموع المبارتين أمام ريال سويسيداد الأسباني. وقد واجه نادي ليل أحد الأندية الفرنسية العريقة نفس الموقف الذي واجهه ليون فاضطر لبيع عدد كبير من نجومه ولم يدعم صفوفه مقابل ذلك إلا بعدد قليل من اللاعبين مثل كجير . كما وجد نادي سانت إتيين الذي هيمن على الكرة الفرنسية منذ عام 1962 حتى 1982 نفسه في موقف يتشابه مع معظم الأندية الفرنسية فكان عدد المغادرين أكثر بكثير من عدد القادمين فقد اضطر سانت إتيين لبيع مجموعة من أهم نجومه وعلى رأسهم أوباميانج ( 13 مليون يورو ) وجيلافوجي (10 ملايين يورو)، وقد طالت الأزمة الاقتصادية أندية فرنسية أخرى فاضطرت هي الأخرى لبيع لاعبيها لتوفير النفقات ويأتي على رأس هذه الأندية تولوز ورين ومونبولييه وبوردو ولوريون . ويبقى السؤال وهو هل ستتمكن ملايين قطر والملياردير ريبولوفليف من الدفاع عن سمعة الكرة الفرنسية في البطولات الأوروبية خاصة التشامبيونز ليج أم أن ملايين قطر وريبولوفليف ستقتصر على توفير الزعامة للناديين على المستوى المحلي فقط بسبب الصعوبات الاقتصادية للأندية الفرنسية؟ .